في اليوم الذي يدخل حيوان أليف من باب المنزل يخرج الحزن من الشباك، هذه الكائنات "الدائمة الطفولة" تنشر حباً مجانياً غير مشروط، وكل ما تطلبه من الناس الطعام والدلال والأمان، ويتعلم مربو هذه الحيوانات عادة الرحمة والحب من هذه الكائنات اللطيفة، والأطفال المسؤولية واحترام الطبيعة وسكانها.
ومع انتشار كورونا، خاف بعض الناس من انتقال الفيروس من الحيوانات الأليفة التي تسكن بيوتهم، بعد أن انتشرت أقاويل من أن مصدره حيواني، البعض أطلقها في الشوارع ما شجّع كارهي هذه الحيوانات إلى اللجوء لتسميمها للتخلص منها، والبعض لجأ إلى الجمعيات لأخذها بدلاً من رميها، ولكن السواد الأعظم كان على دراية أنه من الممكن أن يكون هو، الذاهب يومياً إلى العمل والتسوق سبباً لمرض الحيوانات أو إصاباتها بالفيروس، خصوصاً أن بعضها لا يغادر البيت مطلقاً كأكثرية الهررة، والكلاب إلا برفقة أصحابها.
الحيوانات الأليفة علاج نفسي
وساعدت الحيوانات الأليفة الإنسان منذ زمن في الحراسة، ولطالما قادت كلاب أصحابها الفاقدي النظر، واستخدمت الحيوانات أيضاً في علاج الاكتئاب وإراحة المرضى مثل الحصان "بيو" (14 سنةً) الذي يتجول في مستشفى في منطقة "كاليه" في فرنسا كل شهر، ويعمل على تهدئة روع المرضى، ويساعدهم على النوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما تساعد الحيوانات الأطفال الذين يعانون من التوحد والذين يتعرضون للتنمر أو تكون لديهم قلة ثقة بالنفس، على أن يختار الحيوان المناسب من القطط والكلاب والعصافير والسلاحف، وكان الطبيب البيطري في مصر أيمن الشرقاوي قد أعدّ برنامجاً مساعداً لعلاج بعض الأمراض والاضطرابات لدى الأطفال مسمياً تلك التجربة "دكتور بيتس"، مركزاً على وجوب أن يكون الحيوان متدرباً وآمناً ومناسباً للحالة، وعلى ألا يشعر الطفل بأنه في حالة علاج بل تفاعل ولعب مع الحيوان.
وفي دراسة تمت في جامعة ميسوري أظهرت أن الأطفال الذين عاشوا مع حيوانات أليفة لديهم مهارات اجتماعية أفضل من غيرهم المصابين بمرض التوحد.
التخلص من الفوبيا
يقول نضال صعب الذي ربّى هرّة ثم كلبة كلاهما يحملان الاسم نفسه "سوشي" إنه يعود إلى البيت من أجلها، وهي ذكية جداً وحنونة، حتى أنه ساعدها أثناء ولادتها، وهي تنام إلى جانبه، ويقول إن بإمكانها التنبؤ بما يريد القيام به وتسبقه في الحركة.
أحضر نضال "سوشي" لخلق حركة في المنزل، وأدخلت بحضورها الفرح والبهجة، وجعلت وقت الحجر المنزلي أكثر تقبلاً، ونضال يأخذها معه يومياً للتنزه وقلما يستخدم رباطاً، فهي مطيعة وتبقى إلى جواره دائماً، ويخبر أنها ساعدت شقيقته في التخلص من الفوبيا تجاه الحيوان بالتدرج وبذكاء.
"سنووي" أعجبه الحجر
لمى أبو ضاهر تقول إن الكلب "سنووي" بشخصيته الرائعة يخفف وطأة الحجر والملل، وحتى التفكير بالمواضيع التي تسبب الضغط النفسي مثل كورونا ومستقبل العمل، تضيف "يكفي الشعور بأنه مع كل صباح هناك مَن ينتظر ليغدق الحب والدلال، وهو يهب الحب من دون شروطٍ أو حدود"، وهو مثل "طفل في المنزل يأتي للحصول على الدلال، والأكل، ويؤنبنا بنباحه إذا أراد شيئاً، نشعر أن شخصاً إضافياً في البيت يحبنا ويُشعرنا بالمسؤولية تجاهه"، وتتابع "سنووي الآن يعيش أفضل أيامه، فهو مرتاح نفسياً لأنه بسبب الحجر المنزلي اضطرت العائلة جميعها للبقاء طويلاً في المنزل، ما جعله راضياً ومسروراً، بدل الانتظار ليعودوا من أعمالهم".
البيت للقطط ونحن الضيوف!
سناء حداد تربي قطتين، وتقول إن القطط ضاق صدرها لأنها تفضّل مساحتها الخاصة وتسعى للفت الانتباه في الوقت ساعة تشاء فقط، "لم تعد القطط مشتاقة إلينا كما كانت قبل الحجر، فهي تفكر أن البيت لها ونحن ضيوفها".
تخبر سناء أنها إضافة إلى قراءتها حول قدرة الحيوانات الأليفة على تخفيف الاكتئاب، فهي خبرت شخصياً هذا التحوّل منذ بدأت بتربية القطط التي توزع العاطفة، وتحب بمزاجها الخاص، إذ إنه من الصعب إجبار قطة على الجلوس في حضن مَن لا تحبه، وتقول إن بعض أصدقائها يعتبرون القطط علاجاً.
وتعتبر سناء أن الاعتناء بها وإطعامها وإحضار الألعاب لها يعطي شعوراً بالمسؤولية تجاهها، وهي بلعبها تذهب بالذهن بعيداً ولو لفترة بسيطة عن الأوضاع الاقتصادية والصحية المتعبة هذه الأيام.
ولدى سناء قطتان "موون" و"نفنافة"، ولدى اختها قط يدعى "غليتير" كان على الطريق على وشك الموت قبل إنقاذه، تخبر أن القطط الثلاث تتبارى على القفز عالياً لالتقاط ذبابة، تتسابق للشرب من الحنفية، قد تبدو أموراً عاديةً وتافهة، ولكن في الوقت نفسه مضحكة و"مهضومة". وتقول إنها تشعر أحياناً بـ"أنها مَن يتبنانا وليس العكس، كأننا نحن حيواناتها الأليفة، أظن أنها ضجرت من وجودنا، واعتبرت أننا تعدينا كثيراً على مساحتها الخاصة".
قبل الحجر كانت قططها تنتظرها عند الباب، الآن باتت تختبئ ولا تأتي للحصول على الدلال، وتذكر سناء أنها كانت قد قرأت مرّة أنه في اليابان يوجد مبنى خاص بالأشخاص الذين يعيشون مع القطط في محيط مصمم خصيصاً ليكون مريحاً لها لأنها حساسة جداً تجاه الأماكن والمساحات الخاصة بها.
"تروي" ساعدها على التخلص من الاكتئاب
كريستين جمال نشأت في منزل عاشت فيه جنباً إلى جنب مع القطط والكلاب، وتخبر أن الحيوانات الأليفة كانت تعيش عمرها كاملاً 16 سنة بسبب الاهتمام الدائم بها.
الكلب "تروي" يعيش معها ومع والدها أتى في وقت كانت تعاني من الكآبة بسبب فقدان أختها كارول، وتقول إنه ساعدها في تلك الفترة لتنام بشكل أفضل بالليل، ولتخطي القلق وكانت تريد البقاء معه ومع الكلب الأكبر "جوي" من دون كل العالم "هذه الكائنات لطيفة وعفوية ومضحكة، وهي أطفال لا تكبر"، وعائلة كريستين كلها تحب الحيوانات الأليفة.
فرد من الأسرة
ميراي حمال لديها هرّ اسمه "نيو موون" وتعتبر أن وجود حيوان أليف أمر مهم وجميل في الحياة ليس فقط في فترة الحجر التي تسميها نقاهة، وكان الهر يعيش معها ومع زوجها نبيل في قطر، وأتت به إلى لبنان، وأثناء حملها كان يجلس كثيراً على بطنها، وكانت ميراي تحرص أن تحضرّه للولادة وتجعله يشم أغراض ياسمينا كي لا يستغرب، وعندما عادت بالطفلة إلى البيت وسمع بكاء الصغيرة اختبأ تحت السرير مستغرباً ثم بدأ يشمها ويجلس قريباً، وعندما تبكي يبدأ بالمواء لينذر الأم، الآن عمره خمس سنوات وياسمينا عمرها أربع سنوات وهي تحبه كثيراً وتلعب معه، ويختبئ منها عندما يريد أن يختلي بنفسه أو ينام.
وتعتبر ميراي أن الحيوانات تشعر بحزننا وفرحنا وطاقتنا، وتأسف من أن أشخاصاً تخلوا عن الحيوانات الأليفة بسبب هلع كورونا، وتتمنى أن تكون هذه الحيوانات وجدت بيوتاً محبة لها.