يواجه جو بايدن ودونالد ترمب مزيجاً من التحديات التقليدية وغير النمطية إلى حد كبير في محاولتهما إعادة ترتيب موقعهما في الانتخابات العامة. وبالنسبة إلى مرشح الرئاسة الديمقراطي جو بايدن، فإن المهام التقليدية الأساسية تتمثل في شفاء جروح الأميركيين من فيروس كورونا بشكل أساس، وبناء آلية حملة أقوى قد تعقدت بشكل كبير بسبب سياق الوباء المميت الذي أوقف جمع الأموال في بعض الولايات الأميركية وأبطأها في ولايات أخرى، بفعل الإغلاق الكامل للبلاد.
من جانبه، كان ترمب يجرب عدداً من الرسائل لاستبدال الرسالة التي اعتمد عليها في حملته الانتخابية لولاية ثانية التي ضمت وعداً بأن إعادة انتخابه ستجلب أربع سنوات أخرى من الرخاء الاقتصادي، مع تحذير من أن الديمقراطي اليساري المتطرف سيعرض هذا المسار للخطر، وتوصل إلى نسخة من الجاذبية الاقتصادية التي كان يأمل في تقديمها طوال الوقت، ملقياً اللوم على فيروس كورونا.
ويسعى الرئيس الأميركي بطرق غير واضحة لإذكاء الانقسامات على الضفة الديمقراطية، والدليل أن بعض الليبراليين، مثل النائبة أليكساندريا أوكاسيو كورتيز من نيويورك، قد لا يدعمون جو بايدن المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية في الانتخابات المرتقبة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، على الرغم من أنها قالت مراراً إنها ستفعل ذلك. كان واضحاً من تعليقات ترمب أنه يعتمد على الديمقراطيين ليكونوا منقسمين كما كانوا في 2016، عندما حارب ساندرز هيلاري كلينتون من أجل الترشيح.
من جانبه، اتخذ بايدن مقاربة مقيدة لانتقاد منافسه، وهو يتعرض لضغوط من قادة ديمقراطيين ومانحين سياسيين آخرين لتصعيد عداوته للرئيس وانتقاده لإدارته في تعاملها مع حالة طارئة غير عادية للصحة العامة التي أوجدها فيروس كورونا.
ولا يزال التأثير السياسي للوباء غير واضح، لكن المؤكد أن أداء الرئيس الأميركي في مواجهة كورونا سيكون العامل الفاصل في إعادة انتخابه مجدداً لولاية ثانية، كما أن حلفاءه يعترفون أن الانتخابات المقبلة ستكون تصويتاً لأعلى أو لأسفل على أدائه في التعامل مع الأزمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الإنفاق على الانتخابات
وتنحصر المواجهة الانتخابية حالياً بين الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، وخصمه الديمقراطي جو بايدن، بعد انسحاب المرشحين الآخرين من السباق، وعلى رأسهم بيرني ساندرز، الذي انسحب في 8 أبريل (نيسان) الحالي، رغم جمعه 32.957.437 مليون دولار لحملته الانتخابية، وإنفاقه 35.474.911 مليون دولار على تلك الحملة، معلناً دعمه للأوفر حظاً للفوز عن الحزب الديمقراطي بايدن، وكذلك انسحاب المرشح الديمقراطي الملياردير مايكل بلومبيرغ، في 4 مارس (آذار) الماضي، رغم أنه رصد أكبر تمويل مالي لحملته بقيمة 126.738.403 مليون دولار، ولم يفلح إنفاقه 176.190.430 مليون دولار على حملته في جذب أصوات الناخبين الأميركيين.
ونجح ترمب في جمع 13.635.668 مليون دولار لحملته الانتخابية حتى مارس الماضي، وأنفق 9.592.371 مليون دولار على حملته، في حين بلغ الإجمالي النقدي للحملة ما قيمته 98.470.586 مليون دولار بنهاية مارس الماضي، بحسب إذاعة (إن بي آر).
في حين تمكنت حملة بايدن من جمع 46.741.037 مليون دولار في مارس الماضي، وأنفقت ما قيمته 32.452.622 مليون دولار في الفترة ذاتها، وسجل الإجمالي النقدي للحملة حتى نهاية ذلك الشهر 26.386.865 مليون دولار.
الانتخابات ومواجهة كورونا
ومع انسحاب السيناتور بيرني ساندرز أخيراً من السباق الديمقراطي، لم يبق لدى بايدن وترمب أي خصوم سوى بعضهما البعض، وقد رسم الرجلان بالفعل خطوط معركة واضحة للحملة، مؤطرين الانتخابات كخيار بين المفهوم التقليدي القوي لبايدن عن القيادة الرئاسية الأميركية، ونهج ترمب المثير للجدل، ويبدو أن الانتخابات ستتحول إلى نقاش حول قضية واحدة بشأن سِجل ترمب في مواجهة أزمة كورونا.
وبعيداً من الفوز في جولة انتصارية قد تضخم رسالته إلى حد كبير، يظل بايدن محصوراً إلى حدٍ كبير في منزله في مدينة ويلمنغتون، بولاية ديلاوير، يخاطب الناخبين عبر شاشات التلفزيون والبث المباشر على الإنترنت، ويتلقى إحاطات متكررة من خبراء السياسة حول تفشي فيروس كورونا والبيانات الاقتصادية ذات الصلة.
مكالمة هاتفية بين الطرفين
ويعكس السياق الواقعي للحملة، أول تبادل مباشر للحديث بين الرئيس الأميركي وبايدن عبر مكالمة هاتفية خاصة، فقد تكلم الاثنان لفترة وجيزة لمناقشة تفشي المرض، من دون التطرق إلى التفاصيل إلا بشكل مقتضب. ترمب وصفها بأنها كانت "محادثة لطيفة للغاية"، في حين شارك فيها الثاني بعدد من التوصيات السياسية للتعامل مع الفيروس.
ومن غير المحتمل أن تستمر لحظة الحفاوة المتبادلة لفترة طويلة، حيث هاجم ترمب بشكل روتيني بايدن بعبارات شخصية قاسية، وسعى للدفاع عن إدارته الخاصة في مواجهة تفشي كورونا، عن طريق انتقاد جوانب سجل الصحة العامة لإدارة أوباما، غالباً في حالات عدم اكتمالها أو شروط تضليلها. فالرئيس الأميركي سارع أخيراً لإلقاء اللوم على الجهات الدولية مثل الحكومة الصينية ومنظمة الصحة العالمية، وعلى الحكام الديمقراطيين الذين اتهموا الوكالات الفيدرالية بالتخلي عن ولاياتهم المتضررة بشدة.
جدل سياسي حول الفيروس
وتنفق مجموعات خارجية مرتبطة بترمب وبايدن الملايين لمحاولة تشكيل الجدل السياسي حول فيروس كورونا، حيث تقوم لجنتان منفصلتان من لجان العمل السياسي الديمقراطي الفائقة بتشغيل الإعلانات التلفزيونية والرقمية حول تفشي المرض. الأولى، أولويات الولايات المتحدة، التي تهاجم الرئيس لأنه قلل من حدة التهديد لعدة أشهر، بينما تقوم الأخرى (يونيتي أوف ذا كنتري)، بالترويج لمقترحات بايدن لمعالجة الأزمة.
وأعلنت مجموعة مؤيدة للرئيس الحالي "أميركا أولاً" عن خطط لإنفاق 10 ملايين دولار لمهاجمة منافسه في ثلاث من أهم الولايات على الخريطة الانتخابية، بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، وكلها تواجه تحدياً مكثفاً من الفيروس.