قال ناصر السعيدي، المتخصص في الشؤون الاقتصادية الدولية، ووزير الاقتصاد والتجارة اللبناني الأسبق، "تدخل الدول العربية اليوم في كساد اقتصادي، وهو أكبر بكثيرٍ من حالة الانكماش الاقتصادي، حيث عادة ما يكون الأخير محدوداً بالوقت، بينما في الكساد يكون هناك تدنٍّ في حجم الناتج القومي، مع التوقّع بتراجع الناتج القومي للبلدان العربية بحدود 5 - 3 في المئة حسب البلدان".
وأضاف، "توجد ثلاث صدمات تؤثر في البلدان العربية، أولاً جائحة كوفيد 19، ثانياً الانخفاض الكبير في أسعار النفط بأكثر من 50 في المئة خلال الشهرين الماضيين، وثالثاً الصدمات والانهيارات التي طالت الأسواق المالية، التي تؤثر سلباً في محفظة الاستثمارات الخارجية للدول النفطية".
وتابع السعيدي، "نتيجة للصدمات الثلاث سنلاحظ انخفاضاً كبيراً في التجارة العالمية للدول العربية بحدود 25 إلى 30 في المئة، وكذلك انخفاض السياحة العالمية والضيافة، التي لها ارتدادات على تجارة التجزئة، ونتيجة لذلك ستكون هناك آثار سلبية على الدول التي تعتمد على السياحة العالمية، مثل مصر وتونس والمغرب والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي".
وأشار إلى أنه إذ أخذنا تداعيات تلك الأزمات على المنطقة العربية ككل، فستكون "آثارها جسيمة"، وسيكون لها "تأثير سلبي" في الصحة العامة، رغم الإجراءات الاحترازية والتقليدية التي اتخذتها دول المنطقة لمواجهة أزمة كورونا. إضافة إلى معاناة عدد من دول المنطقة جراء تأثير الصراعات المزمنة مثل سوريا والسودان واليمن وليبيا ودول أخرى، لتأتي تلك الأزمات الثلاث، وتضيف إلى المشكلات والأزمات القائمة، مثل مشكلة اللاجئين والمُهجرين.
ويرى السعيدي، أنّ الإجراءات التي اتخذتها دول المنطقة حتى الآن "غير كافية"، موضحاً "مجمل الإجراءات في ما يخص السياسة المالية وسياسات البنوك المركزية أي الدعم المباشر وتخفيض الفوائد والتيسير الكمي فهي في حدود 3.5 في المئة من الناتج القومي، في حين أنّ الدعم الذي تقدمه الدول المتقدمة لاقتصاداتها يوازي 10 إلى 15 في المئة من حجم تلك الاقتصادات، بالتالي السياسات التي اتخذتها الدول العربية غير كافية برأيي".
وواصل، "لهذه السبب سيمتد الركود الاقتصادي إلى 2021، ولا بدّ أن يكون له أثر سلبي في الوضع المعيشي ومعدلات الفقر في جميع البلدان العربية، التي ستشهد نمواً في معدلات الفقر لديها، وهذا هو الفرق في حقيقة الأمر ما بين انكماش اقتصادي وكساد وركود كبيرين".