قفزت البورصات الأميركية والعالمية، أمس الاثنين، مع بدء ولايات أميركية ودول عدة في تخفيف القيود على الأعمال وعودة الحياة تدريجياً، في وقت تخرج معلومات عن تراجع كبير لانتشار فيروس كورونا عالمياً.
وقفز مؤشر "داو جونز الصناعي" في جلسة الافتتاح الأسبوعية أمس بنسبة 1.49 في المئة، بينما صعد مؤشر "ستاندرد آند بورز500" بنسبة 1.45 في المئة، وأغلق المؤشر ناسداك المجمع مرتفعاً 1.11 في المئة.
فتح الأبواب
وتأتي هذه القفزات بعد أن قررت ولايات عدة فتح أبواب المصانع والمعامل والأسواق التي كانت مغلقة بسبب فيروس كورونا. وأعطت الشركات الكبيرة، مثل شركة "بوينغ"، دفعة كبيرة للتفاؤل عندما أعلنت أمس أنها ستستأنف إنتاج طائرات 787 في منشآتها في ساوث كارولاينا مع عودة معظم العاملين بحلول الرابع من مايو (أيار). ويعني ذلك وجود توقعات لدى أكبر صانع أميركي للطائرات بعودة قريبة لأحد أهم القطاعات المتضررة من الفيروس، وهو قطاع الطيران، إلى نشاطه الطبيعي.
لكن بالمقابل، هناك شركات كبيرة متضررة مثل "آبل"، التي نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن أشخاص مطلعين أن الشركة ستؤجل الإنتاج بشكل مكثف لطرزها الرئيسة من هواتف آيفون المقرر ظهورها في وقت لاحق هذا العام بنحو شهر.
وهناك آمال في تحسن الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة بفضل التحفيز التريليوني الذي ضخته واشنطن في الأسواق لوقف الانهيار في المشاريع ومساعدة الأفراد المحتاجين الذين فقدوا وظائفهم. لكن الآثار السلبية للفيروس ما زالت مرتفعة وتهدد النمو السريع للاقتصاد.
أرقام صادمة للبطالة
وقال مستشار اقتصادي للبيت الأبيض إن توقف النشاط الاقتصادي الأميركي بسبب جائحة فيروس كورونا يعتبر "صدمة ذات أبعاد تاريخية، حيث من المرجح أن ترتفع نسبة البطالة في البلاد إلى 16 في المئة أو أعلى في الشهر الحالي، وتتطلب المزيد من التحفيز لضمان تعاف قوي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع "هذه أكبر صدمة سلبية شهدها اقتصادنا على الإطلاق على ما أعتقد. سنشهد معدلات بطالة تقترب من المعدلات التي رأيناها خلال الكساد العظيم في الثلاثينيات من القرن الماضي".
وتقدم عدد قياسي من الأميركيين بلغ 26.5 مليون بطلبات للحصول على إعانات البطالة منذ منتصف مارس (آذار)، بحسب بيانات "رويترز". وتداعت مبيعات التجزئة وبناء المنازل وثقة المستهلكين. وقبل الجائحة، كان معدل البطالة في الولايات المتحدة يحوم عند أقل مستوى في 50 عاماً عند 3.5 في المئة.
أوروبا تنتعش
في أوروبا، كان الوضع في البورصات شبيها بـ"وول ستريت"، حيث قفز مؤشر ستوكس 600 الأوروبي في جلسة التداول مرتفعاً 1.8 في المئة.
وكان التفاؤل في أوروبا نابعاً أيضاً من عودة الأعمال، وبعد أن ظهرت مؤشرات عن إمكانية دعم ألمانيا لقطاع الطيران ومنع سقوطه. وكما في أميركا، استأنفت فولكسفاجن، أكبر مصنع في العالم للسيارات من حيث المبيعات، العمل بأكبر مصانعها في فولفسبورج بألمانيا أمس، حتى مع استمرار ارتفاع مستوى المخزونات بالقطاع في ظل ضعف الطلب نتيجة فيروس كورونا.
أزمة جديدة بين أميركا والصين
وتبقى الأنظار مركزة على الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم والذي خرج الفيروس منه، حيث قال مكتب الإحصاء إن أرباح الشركات الصناعية الصينية انخفضت في مارس 34.9 في المئة مقارنة بمستواها قبل عام إلى 52 مليار دولار.
ويعكس انخفاض الأرباح الضغط المستمر على قطاع التصنيع الصيني، الذي تضرّر بشدة بفعل تباطؤ الطلب العالمي بسبب جائحة فيروس كورونا وانكماش اقتصاد الصين للمرة الأولى في نحو 30 عاماً في الربع الأول.
في الوقت نفسه، كشفت الولايات المتحدة، أمس، عن تغييرات في قواعد التصدير تفرض قيوداً جديدة على صادرات إلى الصين، بما في ذلك مكونات الطائرات ومواد كثيرة مرتبطة بأشباه الموصلات.
وستلزم القواعد الجديدة الشركات الأميركية الحصول على تراخيص لبيع مواد معينة إلى كيانات عسكرية حتى لو كانت للاستخدام المدني، وتلغي استثناء يسمح بتصدير بعض منتجات التكنولوجيا الأميركية من دون رخصة إذا كانت لكيان غير عسكري واستخدام غير عسكري.
وتجبر القواعد الجديدة أيضاً الشركات الأجنبية التي تشحن بضائع معينة إلى الصين بطلب موافقة ليس فقط من حكوماتها بل أيضاً من الولايات المتحدة.
النفط يهوي مجدداً
وكان لهذه الأخبار تأثير سلبي على قطاع النفط الذي يواصل انخفاضاته، حيث تراجع خام برنت عن مستوى 20 دولاراً للبرميل، وهوى الخام الأميركي 25 في المئة أمس بسبب نقص في قدرات التخزين المتاحة للتعامل مع انهيار في الطلب.
والطلب على الوقود منخفض 30 في المئة والتخزين يصبح شيئاً ثميناً مع امتلاء نحو 85 في المئة من منشآت التخزين البرية حول العالم الأسبوع الماضي، وفقاً لبيانات من وحدة أبحاث "كبلر".
وأنهت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط جلسة التداول منخفضة 4.16 دولار، أو 24.6 في المئة، لتبلغ عند التسوية 12.78 دولار للبرميل.
وتراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 1.45 دولار، أو 6.8 في المئة، لتسجل عند التسوية 19.99 دولار للبرميل.
وسجّلت عقود النفط ثالث أسبوع لها على التوالي من الخسائر الأسبوع الماضي بهبوط بلغ 24 في المئة لبرنت و7 في المئة للخام الأميركي. وهبطت الأسعار في ثمانية من الأسابيع التسعة الماضية بحسب بيانات "رويترز".
ولم يكن قطاع الذهب أفضل حالاً، حيث هبطت الأسعار أمس بنسبة 0.8 في المئة إلى 1713.30 دولار للأوقية (الأونصة).
وانخفضت العقود الآجلة الأميركية للذهب 0.7 في المئة لتسجل عند التسوية 1723.80 دولار للأوقية.