شُيعت، اليوم الأربعاء، جنازة المقرئ محمد محمود الطبلاوي، أحد رواد المدرسة المصرية في قراءة القرآن، ونقيب القرّاء المصريين، صاحب لقب "الحنجرة الذهبية". وتوفي عن عمر ناهز 86 عاماً بعد رحلة عطاء طويلة مع التلاوة لأكثر من 70 عاماً بدأها في سن الحادية عشرة.
وكشف إبراهيم الطبلاوي، في تصريحات إعلامية، أن والده توفي أمس وهو صائم في منزله بشكل مفاجئ قبل الإفطار بدقائق، في ما أعلن محمد الساعاتي، المتحدث الرسمي لنقابة محفظي وقراء القرآن بمصر، أن الوفاة جاءت طبيعية ولا صحة على الإطلاق لما تردد بأن وفاته كانت بسبب فيروس كورونا.
وحول إقامة سرادق عزاء للراحل، أكدت أسرته على أنها ملتزمة التعليمات الوقائية بسبب جائحة كورونا، ولن يكون هناك مراسم، وسيقتصر العزاء على تشييع الجثمان أمام المقبرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونعى أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الشيخ محمود الطبلاوي، مؤكداً أن الراحل علامة بارزة في تاريخ الترتيل والتلاوة، وأنه سيظل يحتل مكانة كبيرة في قلوب وعقول المسلمين، وسيبقى صوته العذب مقصداً للجميع.
كما نعت دار الإفتاء المصرية الطبلاوي، الذي ذاع صيته في منتصف السبعينيات، وطبّقت شهرته الآفاق، حيث تهادت قراءاته عبر الأثير لتجوب العالم، جاذبة عشاق الأصوات السماوية من كل الأقطار الإسلامية، وعرف بأنه واحد من أشهر المقرئين الذين يتم دعوتهم لإحياء المناسبات الدينية ومراسم العزاء، إلا أنه توقف عن القراءة في السنوات الأخيرة بعد تدهور حالته الصحية.
تفرغ الطبلاوي، بعد اعتزاله القراءة، للعمل النقابي، إذ كان يشغل منصب نقيب المقرئين خلفاً للشيخ أبوالعينين شعيشع، في محاولة لتنظيم شؤون ما يقرب من 8 آلاف قارئ مسجلين بالنقابة وتدريبهم والدفاع عنهم، وكان له ما أراد حين نجح في رفع معاشاتهم، ودعم النقابة من جهات الدولة المختلفة.
كما سافر إلى عدد كبير من دول العالم قرابة 100 دولة، سواء بدعوات خاصة أو مبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف والأزهر، ومحكماً لكثير من المسابقات الدولية لحفظة القرآن من كل دول العالم، وحصل على وسام من لبنان في الاحتفال بليلة القدر تقديراً لجهوده في خدمة القرآن.
وكان الطبلاوي قد قال في مقابلة مع التلفزيون المصري عام 2018 إن "ثروته الحقيقية هي تسجيله للقرآن الكريم مرتين مجوداً ومرتلاً، وهذا هو أجمل ما في حياته، حيث يذاع المصحف المرتل في دول الخليج بناء على رغبة إذاعاتهم، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من التسجيلات التي سجّلها في السبعينيات، وذلك في المساجد الكبرى بمصر وبعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية وهي تلاوات نادرة وحفلات خارجية".
ولد الطبلاوي، في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1934، ويُروى عن ميلاده أن جده بشرّ والدته، بأن من في بطنها سيكون من حفظة القرآن، واعتنى والده بذلك، وكان يشرف عليه في الكُتّاب.
ويقول الطبلاوي عن ذلك إن "الأطفال كانوا يدفعون (تعريفة) لمحفظهم، ولكن والده كان يدفع (قرش صاغ) لزيادة الاهتمام به"، مؤكداً أنه أتم حفظ القرآن وعمره 9 سنوات.
ويضيف أن أول أجر له كان 5 قروش من عمدة قريته، وكان عمره 11 عاماً، وذاع صيته من وقتها حتى أصبح ينافس كبار القراء في عصره. تميز الطبلاوي، إضافة إلى صوته الرخيم، بإرادة صلبة، حيث تقدّم للإذاعة تسع مرات قبل أن يتم اعتماده رسمياً، في المرة العاشرة، ليصبح أكثر القرّاء تقدماً لامتحان الالتحاق بالإذاعة.