تردّ المستشفيات طلبات الخضوع لعمليات ولادة قيصرية خلال تفشّي كوفيد-19 على الرغم من الإرشادات الرسمية وتوجيهات هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية التي تقول إنه عليها المضي بها.
لكن عدداً من مستشفيات تابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية بدأت منذ مارس (آذار) بإبلاغ النساء اللواتي يتحضّرن للإنجاب بأنها لن تلبّي طلب الحصول على ولادة قيصرية بسبب تفشّي الجائحة.
لذا أطلقت المنظمة الخيرية "بيرث رايتس" (حقوق الولادة) Birthrights اتهامات بأنّ تفشي فيروس كورونا يُستخدم ذريعة من أجل الترويج للعقيدة القائلة بضرورة إجراء النساء ولادة طبيعية.
وأُجبرت بعض النساء خلال أزمة فيروس كورونا على الإنجاب وحدهنّ بسبب منع حضور شركائهن إلى المستشفى. وغيّرت المستشفيات سياستها بعد الإعلان عن قوانين الزيارة الجديدة.
وقالت ماريا بوكر من بيرث رايتس ل "اندبندنت": "ما زلنا نتلقّى اتصالات من نساء يُقال لهنّ إنهنّ لا يستطعن طلب الخضوع لولادة قيصرية ويقلقنا تحجّج بعض الأماكن بفيروس كورونا من أجل إملاء طرق الولادة على النساء، خلافاً لتوجيهات المعهد الوطني للتميز في مجال الصحة والرعاية ("نيس")" Nice .
"لا تختار النساء الإنجاب عن طريق العمليات القيصرية باستخفاف. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، تلقّينا اتّصالات من نساء يعانين من أمراض قلبية، ومشاكل في الحوض، ومشاكل تمسّ صحّتهن النفسية، ونساء فقدن طفلاً في السابق، بعد أن رُفضت طلباتهن بالخضوع لعملية قيصرية".
لكن التوجيهات الرسمية التي أصدرها معهد "نيس" (Nice) تشير إلى ضرورة توفير العملية القيصرية للنساء إن أصررن على رغبتهن في إجرائها.
وحذّرت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية NHS المستشفيات من أنه عليها "بذل قصارى جهدها" لتفادي إلغاء العمليات القيصريّة والعمل مع الهيئات المجاورة لنقل النساء إليها إذا استوجب الأمر.
وقالت إنّ تعليق العمليّات الجراحية لا يجوز إلا "في الظروف القصوى" في حالات النقص في أعداد أطبّاء التوليد أو أطباء التخدير.
واحدة من بين كل أربعة ولادات في المملكة المتحدة هي ولادة قيصرية ويشمل ذلك الولادات العاجلة والمُقرّرة مسبقاً.
إطّلعت الاندبندنت على وثيقة تحدّد السياسة المتّبعة في مستشفى ميلتون كينز الجامعي Milton Keynes University Hospital جاء فيها إنه يجب رفض طلبات إجراء العمليات القيصرية.
ونصّت وثيقة الإجراءات التشغيلية الموحّدة المؤرخة في أبريل (نيسان) "يجب إطلاع النساء على أنّه خلال فترة كوفيد-19، اتّخذ مجلس الإدارة قراراً بعدم توفير عمليات الولادة القيصريّة الاختياريّة نزولاً عند طلب الأمّهات".
وأضافت "كما جرى الاتفاق على أنه في حال تأكّد الطبيب الجرّاح من تأييد النساء للخضوع للعملية القيصرية قبل الجراحة، عليه أن يطلعهن بوضوح على مخاطر عملية الولادة القيصريّة تحديداً ويجب تشجيعهن على عدم طلب العملية القيصرية".
في رسالة وُجّهت للأمّهات عند بداية تفشّي العدوى، نبّه مستشفى الأميرة ألكساندرا في إيسكس The Princess Alexandra Hospital, in Essex من أنّ كل الحالات ستخضع للمراجعة، بما في ذلك حالات العمليات القيصرية المُقرّرة مُسبقاً.
وجاء في الرسالة كذلك "ما لم يحتم الظرف الطبي إجراء عملية قيصريّة، إعلمنَ لطفاً أنّه لن يكون من الممكن إجراء هذه العملية".
وعلّقت مديرة التمريض في المستشفى شارون ماك نالي بقولها إنه منذ توجيه هذه الرسالة، سجّلت هيئة الخدمات الصحية الوطنية طلباً أقل من المتوقع على خدماتها، مُضيفةً "يسرّنا أننا لم نضطر بالتالي إلى إلغاء أيّ عمليات قيصريّة اختياريّة- فقد أجرينا العمليات المقررة مسبقاً ونستمر بإجرائها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أحالت مستشفيات أوكسفورد الجامعية التابعة للهيئة، النساء بانتظام إلى مستشفيات أخرى عندما كنّ يطلبن إجراء عملية قيصريّة، لكن هذا الخيار لم يكن ممكناً خلال تفشي جائحة فيروس كورونا. ورفضت الهيئة الإفصاح عما إذا كانت رفضت إجراء العمليات القيصرية للنساء خلال الأسابيع المنصرمة.
وفي هذا الإطار، لفتت بولين هال، محرّرة الموقع الإلكتروني "الولادة القيصرية" Caesarean Birth إلى تلقيها اتصال من سيدة مُنعت من إجراء عملية قيصرية في مستشفى ميلتون كينز.
وقالت "لا وجود لدليل يثبت أنّ العملية القيصرية المقررة مسبقاً تمثّل خطراً مضاعفاً بالنسبة للسيدات أو الأطفال خلال كوفيد-19 مقارنة بأنواع ولادة أخرى".
"أعلم عن حالات نساء أخريات يقال لهنّ إنّه لن يُستجاب لطلبهنّ الخضوع لعمليّات قيصرية في مستشفيات أخرى، لذا أظنّ أنّ أماكن أخرى في إنجلترا تطبّق السياسة عينها التي تتبعها ميلتون كينز".
أضافت ماريا بوكر أنّ مستشفى ميلتون كينز الجامعي التابع لهيئة الخدمات الصحية الوطنيّة قال لمنظمة بيرث رايتس إن المستشفيات كافة ضمن نظامه المحلي للولادات، بما فيها لوتون وبيدفوردشاير Bedfordshire، توقّفت عن إجراء العمليات القيصرية بسبب المخاطر المرتفعة المحتملة.
وقالت "إن كان الخطر مرتفعاً، من واجب الهيئة أن تشرح ذلك للحوامل كي يتخذن قراراً واعياً. ولا يجب الامتناع عن إجراء العمليات القيصريّة سوى في حال لم يكن لدى الهيئة والمنطقة الأوسع القدرة الكافية من أجل توفيرها".
وقال ناطق باسم مستشفى ميلتون كينز "راجعنا وكيّفنا إجراءاتنا المتعلّقة بطلبات الأمهات الخضوع لعمليات قيصرية نتيجة لكوفيد-19، وزيادة المخاطر المرتبطة بعمليات الولادة الجراحية خلال الجائحة".
"استمرّينا بتلبية الطلبات كافّة التي قدّمتها الأمهات من أجل إجراء عمليات قيصرية قبل التعديل هذا، حين سمحت الحالة الطبية بذلك، ونستمرّ بدراسة الطلبات في حال وجود سبب طبّي أو نفسي لإجراء عملية قيصرية".
وأضاف البيان أن هذه القيود قد تُرفع مع خروج الهيئة من أزمة فيروس كورونا.
وقالت كاثرين غرينوود، مديرة الشؤون السريرية في قسم الولادة في مستشفيات أكسفورد الجامعية إنه يجري النظر في الطلبات كل على حدة و"في الأوقات العادية، في حال عدم وجود أي إشارة سريرية، تُحال السيدة على طبيب توليد في مستشفى مجاور يسعده تلبية هذه الطلبات. ويتماشى هذا الإجراء مع توجيهات معهد "نيس"".
"لكن في الوقت الحالي، كل المستشفيات ترزح تحت ضغوط هائلة. ولذلك لا تستقبل المنظمات الشريكة لنا حالات النساء اللواتي لا يعانين من مضاعفات في الحمل من أجل إجراء عمليات ولادة قيصرية لهنّ، كما تفعل عادة. ونأمل كثيراً في أن نتمكّن من العودة إلى طريقة العمل العادية بأسرع وقت ممكن".
© The Independent