أعربت الأمم المتحدة عن تجديد دعمها لإعلان المبادئ، الذي عقدته مصر وإثيوبيا عام 2015، بشأن سد النهضة الإثيوبي، والحفاظ على مصالح جميع الأطراف في ما يتعلق بمياه نهر النيل. وفي بيان صادر عن مكتب ستيفان دوجاريك، المتحدّث باسم الأمين العام، الأربعاء، أكد أنّ الأمين العام أنطونيو غوتيريش، يواصل متابعته من كثب التطورات ذات الصلة بسد النهضة الإثيوبي الكبير. وقال، "الأمين العام يلاحظ تقدماً جيداً في المفاوضات حتى الآن، بين مصر وإثيوبيا والسودان، ويشجّع الأطراف الثلاثة على التمسّك بجهود الحل السلمي لأي خلافات متبقية، والوصول إلى اتفاق يعود بفوائد متبادلة".
خلافات ملء السد
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أهمية إعلان المبادئ لعام 2015، بشأن سد النهضة، الذي يؤكد التعاون القائم على التفاهم المشترك، والفائدة المتبادلة، وحسن النية، والوصول إلى حل يُرضي جميع الأطراف، ومبادئ القانون الدولي، مضيفاً "يشجّع الأمين العام المُضي قدماً نحو اتفاق وديّ وفقاً لروح تلك المبادئ".
ويأتي بيان غوتيريش، في الوقت الذي شهدت فيه المفاوضات توتراً خلال الأيام القليلة الماضية بعد إعلان إثيوبيا عدم حاجتها إلى إخطار مصر والسودان ببدء ملء خزان سد النهضة خلال موسم الأمطار المقبل. إذ تراجعت أديس أبابا عن اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 الذي يلزم الدول الأفريقية الثلاث بالتوصّل إلى اتفاق بشأن المبادئ التوجيهية لملء السد وتشغيله، وأبلغت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في رسالة في الـ14 من مايو (أيار) الحالي، أنها "ليس لديها الالتزام القانوني بالسعي للحصول على موافقة مصر لملء السد".
وتنص المادة الخامسة من إعلان المبادئ على أنه يتعين على الدول الثلاث التوصّل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد الذي تبلغ سعته 6000 ميجاوات قبل البدء في عملية ملء الخزان. وجاءت رسالة إثيوبيا إلى مجلس الأمن الدولي، ردّاً على خطاب من مصر إلى رئيس مجلس الأمن الدولي في الأول من مايو يؤكد "التزام مصر الثابت" بإبرام اتفاق شامل بشأن سد النهضة بناءً على اتفاق 2015.
وفي رسالتها لمجلس الأمن، المكوّنة من 17 صفحة، استعرضت مصر جهودها الدبلوماسية في مسار المفاوضات مع إثيوبيا، بما يتسق مع قواعد القانون الدولي، لتسوية الملف المثير الجدل بشأن تقاسم مياه نهر النيل، بما يضمن استدامة الأمن والاستقرار بالمنطقة ومراعاة مصالح الأطراف الثلاثة. ولفتت مصر إلى إرسال رئيس الوزراء الإثيوبي في الـ10 من أبريل (نيسان) رسالة إلى الرئيس المصري ورئيس وزراء السودان، يقترح فيها الموافقة على خطة إثيوبية تغطي المرحلة الأولى فقط من ملء سد النهضة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت مصر إلى أنّ الاقتراح الإثيوبي رفضته الدولتان، مؤكدة أن أي اتفاق بشأن سد النهضة "يجب أن يكون شاملاً"، و"أن ينظم عملية ملء السد وتشغيله". واتهمت إثيوبيا بمحاولتها إبرام اتفاق من دون أخذ مصالح دول المصب في الاعتبار.
مفاوضات واشنطن
وبينما تتفق البلدان الثلاثة على حق إثيوبيا في بناء السد، الذي يتكلف 4.8 مليار دولار، يتعلق الخلاف الرئيس بالإطار الزمني لملء خزان السد، وهي قضية شائكة تمثل صلب الخلافات الحالية بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، بسبب تأثيرها في إمدادات المياه لدول المصب.
وتدخلت الولايات المتحدة، جنباً إلى جنب مع البنك الدولي، العام الماضي، لاستضافة مفاوضات ثلاثية بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أن وصلت المناقشات التي استمرت سنوات طويلة بين الدول الثلاث إلى طريق مسدود. وبعد أربعة أشهر من المفاوضات بوساطة واشنطن، التي اتفقت خلالها الدول الثلاث في البداية على آليات لضبط عملية ملء وتشغيل السد خلال فترات الجفاف، صاغت الولايات المتحدة والبنك الدولي اتفاقاً كان من المقرر توقيعه أواخر فبراير (شباط) الماضي، لكن انسحبت إثيوبيا من الجولة الأخيرة من المحادثات، ولم يوقّع على الاتفاق سوى مصر.
العودة إلى طاولة المفاوضات
واليوم الثلاثاء، عقد مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، ونظيره السوداني عبد الله حمدوك، اجتماعاً عبر تقنية الفيديو كونفرنس، ضم أيضاً وزيريّ الخارجية والري ورئيسيّ جهازيّ المخابرات للبلدين. وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن الاجتماع تناول ملف سد النهضة الإثيوبي من كل جوانبه. وأوضح حمدوك خلال الاجتماع أنه سيجري اتصالاً برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، لاستيضاح موقفه إزاء العودة إلى طاولة المفاوضات على أساس مسار واشنطن.
والأسبوع الماضي، انضم السودان إلى مصر في رفض مساعي إثيوبيا الخاصة بالسد، وأرسل حمدوك رسالة إلى نظيره الإثيوبي يرفض اقتراح أديس أبابا، الذي قال إنه يفتقر إلى كثير من الجوانب الفنية والقانونية، وفقاً لمجلس الوزراء السوداني.