مثلما فاجأ كورونا العالم، فاضطُر إلى الإقفال ولجأ إلى تدابير مكلفة أثرت في الجميع، تحاول المكتبات الخاصة في موسكو مفاجأة روسيا ومحبّي المطالعة.
فقد سدّدت تدابير مكافحة الفيروس ضربة قوية لمكتبة بوريس كوبريانوف المستقلة في موسكو، إذ أُرغم هذا الناشر الأربعيني على إغلاقها في أوج صعودها. لكنه يستعد لإعادة فتحها، الاثنين الأول من يونيو (حزيران)، مع تخفيف تدابير الحجر في العاصمة الروسية.
وعند مدخل مكتبة فالانستير التعاونية في شارع تفيرسكايا بقلب موسكو، تنتشر صناديق الكتب الواردة حديثاً على الأرض، وقد وُضعت على الجدار عبوة تضم سائل تعقيم مخصّص للزبائن.
ويشرح كوبريانوف عن "الكارثة" التي حلّت بمكتبته. فعلى الرغم من شعبيتها الواسعة، لم تكن هذه المؤسسة مستعدة لهذه الأزمة. ويقول إن "الأعمال تراجعت إلى الثلث"، مستدركاً "بل تقلّصت إلى الصفر" في مرحلة أولى قبل أن يعود فريقه وينظم صفوفه.
مرحلة جديدة
غير أن الصورة لم تكن قاتمة بالكامل، فقد طوّرت مكتبة فالانستير حضورها عبر الإنترنت، مستفيدةً من طفرة التجارة الإلكترونية، وبدأت خدمة توصيل الطلبيات إلى المنازل.
ويروي كوبريانوف "لم يكن لدينا سابقاً أي موقع إلكتروني أو خدمة توصيل". لذا، بدأ صاحب المكتبة توصيل الكتب بنفسه بمعدّل عشرين عملية يوميّاً. وإذ يعبّر عن سعادته، لا ينسى استغراب الزبائن وسرورهم لدى رؤيته يسلّمهم طلباتهم شخصياً.
وكانت النتائج إيجابية، فيقول كوبريانوف "بدأت التعامل مع أصدقائنا وزبائننا بطريقة مختلفة تماماً. ما كنّا ببساطة لنتمكّن من الصمود من دون مساعدتهم".
وسط ذلك، انعكست أزمة المكتبات على دور النشر. يتذكّر كوبريانوف، "لم نسدّد مستحقات الناشرين عن الكتب التي بعناها في أبريل (نيسان)"، متوقعاً أن تستغرق العودة إلى الوضع الطبيعي ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر. فهذه "المرحلة جدية للغاية، وكانت قاضية لكثير من المؤسسات مع الأسف".
وعلى الرغم من تقدير كوبريانوف للتسهيلات أو الإعفاءات الضريبية التي أقرّتها الحكومة، يلفت إلى "أننا لا نشعر بدعم عام من الدولة، نشعر بالدعم من مجتمعنا".
وقد استقطبت المكتبة مساندة فئة واسعة بفعل التنوّع في مواضيع الإصدارات التي تبيعها، من علم الاجتماع إلى التاريخ، مروراً بالأدب على أنواعه.
تدابير "غير كافية"
ويؤكد مدير معهد "أف بي كاي غرانت ثورنتون" للبحوث الاستراتيجية إيغور نيكولاييف أن "الشبكات الكبرى تمكّنت من اجتياز المرحلة بنجاح من خلال تقديم خدمات توصيل إلكترونية. هذا الأمر أنقذها. المتاجر الصغرى لم تكن لديها هذه الإمكانات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد سعت الحكومة من خلال تدابير اعتبرتها جهات اقتصادية عدّة غير كافية، إلى ضمان "أقل عدد ممكن من عمليات الصرف".
وفيما نجحت مكتبة فالانستير في تفادي عمليات الصرف وخفض الرواتب، سجلت نسبة البطالة ارتفاعاً في روسيا من 4.7 في المئة في مارس (آذار) إلى 5.8 في المئة في أبريل وفق "روستات".
مع ذلك، يشير نيكولاييف إلى عدم حصول عمليات "إغلاق كبرى"، قائلاً "الاقتصاد تعرّض لصدمة، لكنه لا يزال حيّاً وقادراً على العمل".
ضربة قاسية
وفي موسكو التي تستحوذ على نسبة كبيرة من الإصابات بكورونا والبالغ عددها أكثر من 396 ألفاً في روسيا، اضطُرت المؤسسات التجارية غير الأساسية، بينها المكتبات إلى إغلاق أبوابها لأكثر من شهرين.
ومنذ بدء تدابير الحجر، تلقّت الشركات ضربة قاسية بعدما أرغمتها السلطات على الاستمرار في دفع الرواتب، وهي مهمة مستحيلة خصوصاً بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي أُجبر عدد كبير منها على صرف موظفين.
كذلك كان لهذه الأزمة المترافقة مع التراجع الكبير في أسعار النفط، أثر سلبي كبير في الاقتصاد الروسي وسط توقّعات حكومية بأن يتراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 9.5 في المئة في الربع الثاني و5 في المئة خلال عام 2020.