يقبل كثير من هواة الرسم في السنوات الأخيرة على تعلم فن الرسم الرقمي الذي يقوم على استخدام الأقلام الضوئية ولوحة رسم إلكترونية إضافة إلى استخدام برامج رقمية عديدة تتيح للمستخدمين خوض تجربة جديدة بعيداً من الأقلام واللوحات التقليدية، كما تساعدهم على تصحيح المشكلات التي تتسبب فيها العوامل الخارجية مثل التعرض للضوء أو الاهتزاز، والتعامل مع العيوب الأخرى بما فيها إزالة الأشياء غير المرغوب فيها بالنسبة إلى الرسومات الرقمية.
كل هذه الأدوات مهدت الطريق لهواة الرسم لكي يتعلموا الرسم الرقمي ويطلقون العنان لموهبتهم في هذا المجال مع تطورات فنونه في عصر الإنترنت والسماوات المفتوحة، فصار الرسم مجالاً تنافسياً للغاية، وحريّ بأي شخص يريد أن تطأ قدماه هذا المجال أن يكون ملماً بمبادئ أساسية عدة يستخدمها قاعدة لبناء مستقبله رساماً محترفاً في الرسم الرقمي.
التعليم والإتقان
ويعج فضاء الإنترنت وبخاصة موقع اليوتيوب بمئات الفيديوهات التي تساعد المبتدئين في تعلم وإتقان قواعد الرسم الرقمي والانتقال من مستوى إلى مستوى أكبر بسهولة ويسر. تقول الرسامة البحرينية ولاء العريني في حديثها إلى "اندبندنت عربية" "بدأت هوايتي في الرسم منذ طفولتي وعلى الرغم من تخصصي الدراسي في الرياضة المالية إلا أنني اتجهت إلى الرسم الرقمي منذ عشرة أعوام حتى أصبح عملاً أساسياً لي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحول الفوارق بين تجربة الرسم التقليدي واستخدام الفرشاة واللون واللوحات الورقية، وتجربة الرسم الرقمي بجهاز الحاسوب والقلم الإلكتروني والشاشة أوضحت العريني "أن الرسم الرقمي هو فن تشكيلي يتفق مع الرسم التقليدي بإتقان مهارة الرسم ويختلف عنه في استخدام الأجهزة الرقمية والبرامج الإلكترونية الحديثة" وتؤكد في حديثها "أن الفن التشكيلي مهما اختلفت أدواته فإنه يظل ذلك العمل الفني الذي يلامس أرواح جمهوره ويحتفظ في تفاصيله بحسه الفني، ويجذب الأنظار إليه".
وتبيّن الرسامة البحرينية "أن استخدام التكنولوجيا وتطويعها في خدمة الرسم الرقمي أمر لا يتعارض مع الرسم التقليدي، بل يعتبر ضمن المدارس الفنية المتعددة، كما أن الرسم الرقمي يحتاج إلى أنواع من الأقلام الإلكترونية ومراعاة المزيد من الموازنات والدقة المرتبطة بإحساس الرسام وقدرته على تحريك الصورة وتركيبها كما هو الحال مع رسومات القصص وأفلام الكرتون والإنميشن".
توظيف التقنية
الفنانة التشكيلية السعودية سكنه حسن قالت "صدقية الفن التشكيلي ومدى قربه للفنان باختلاف الأدوات المستخدمة فيه، بين أن الفرشاة تلمس اللوحة بإحساس الرسام وتعكس أنفاسه وذائقته على اللون والفكرة، يقدم الاستخدام التقني في الرسم الرقمي العديد من الخيارات وسهولة انتقاء المواد، ومع مرور الوقت على هذه التقنية ظهر العديد من الرسامين في المعارض والأنشطة الفنية إذ حظي بقبول واسع من المجتمع وأصبح له جمهوره". وترى سكنه حسن "أن استحداث وزارة التعليم السعودية مناهج تدريس الفنون الرقمية خطوة تدعم مستقبل هواة الرسم الرقمي وتمهد الطريق لهم في توظيف التقنية في قوالب الفن التشكيلي.
عالمان منفصلان
الفنان التشكيلي عبد العظيم الضامن، بوصفة من أوائل رواد الفن التشكيلي في السعودية يرى أن الفن الرقمي والفن التقليدي عالمان منفصلان ومختلفان، "حينما نتحدث عن الفن التشكيلي لابد لنا أن نعود إلى فنون عصر النهضة في القرن الثالث عشر، ولابد لنا أن نتذكر أعمال الفنان ليوناردو دافنشي ورافائيل ومايكل أنجلو وغيرهم من فناني النهضة التي تزخر متاحف العالم بأعمالهم الفنية، وعقب تلك الحقبة الزمنية من فنون عصر النهضة تمحورت المدارس الفنية مثل الواقعية والانطباعية والرمزية والتجريدية والسريالية وغيرها، كما تُعرف الفنون التشكيلية بأنّها تلك الفنون التي تُصور الحالة الشعورية للإنسان وتجسدها في عمل يتسم بالجمال ويُحقق الإمتاع النظري لمُشاهده، وذلك من طريق تطويع الألوان والمساحات والخطوط وغيرها من المزايا الشكلية للأشياء، ويندرج ضمنها مجموعة كبيرة جداً من الفنون كالنحت، الرسم، والتصوير، بالإضافة إلى الفنون التطبيقية الغنية بالإبداع والجمال الشكلي وهنا يجب القول إن الفن التشكيلي بتاريخه الطويل أسّس للعديد من المدارس الفنية، وكذلك المتاحف الفنية في العالم".
أدوات رقمية
وتابع الضامن "أن الفن الرقمي والذي جاء نتيجة للتقدم التقني والتكنولوجي، إذ يستخدم الفنان هنا أدوات رقمية للحصول على العمل الفني، وقد يكون اعتماد الفنان الرقمي على الصورة أكثر من اعتماده على الحس الخيالي، وكذلك عدم إحساسه باللون وخلق الفكرة، وهذا فن حديث ما زال في بداياته، ومازالت بعض المتاحف العالمية لا تضع في قاعاتها أي عمل فني رقمي".
وأعتبر التشكيلي السعودي "أن الفن الرقمي شبيه بفن المهملات الذي انتشر في اميركا وأوروبا والذي لم يعد له أي اهتمام بعد فترة من الزمن وأصبح هامشياً. ويبقى الفن التشكيلي الواقعي هو الفن السائد في العالم، يهتم به الكتاب والنقاد وصالات المزادات وتقتنيه متاحف العالم".