أُخرج ما يصل إلى 25 ألف متعافٍ من دور رعاية في المملكة المتحدة، دون إخضاعهم لاختبارات الكشف عن فيروس "كورونا" خلال ذروة تفشي الوباء التي شهدتها البلاد في وقت سابق، بحسب ما أكّد تقرير مستقل صادر من الحكومة.
استنكر نواب من الحزبين الرئيسين (المحافظين الحاكم، والعمال المعارض) تلك النتائج التي خلُص إليها "المكتب الوطني لمراجعة الحسابات"، الذي وجد أيضاً أنّ الحكومة البريطانية تجاهلت نداءاتٍ في عام 2019 تدعو إلى تخزين ما يكفي من معدات الوقاية الشخصية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقرير "المكتب الوطني لمراجعة الحسابات" أثبت أنّ متعافين يتمتّعون "بحالة طبية مستقرة" لم تظهر عليهم أيّ أعراض لـ"كوفيد-19"، أُرسلوا إلى بيوتهم دون إخضاعهم لفحوص الفيروس، وذلك خلال شهر كامل. اُعتُمدت هذه السياسة، التي سعت إلى إفراغ أسرة المستشفيات لصالح مرضى فيروس "كورونا"، في الفترة الممتدة بين 17 مارس (أذار)، و15 أبريل (نيسان) الماضيين، قبل أن يُصار إلى تغييرها لاحقاً.
وقال الجهاز الرقابيّ المذكور آنفاً، "نتيجة السياسة التي اتبعتها الحكومة آنذاك، ثمة متعافين لم يخضعوا لفحوص "كوفيد-19" قبل الخروج من المستشفى، مع إعطاء الأولوية للمستشفين الذين يكابدون أمراضاً في الجهاز التنفسيّ، أو أعراضاً تشبه أعراض الإنفلونزا الموسمية".
جيريمي هنت، رئيس "لجنة الصحة والرعاية الاجتماعية العامة" في مجلس العموم، وزير الصحة البريطاني السابق، قال "يبدو من غير العادي أن لا أحد كما يتّضح ينظر في المخاطر الطبيّة المترتِّبة على دور الرعاية، على الرغم من أنّ كثيرين يعرفون أنّه يمكن الإصابة بالفيروس من دون ظهور أعراض".
وقالت ميغ هيلير التي ترأس لجنة الحسابات العامة في مجلس العموم البريطانيّ، إنّ دور الرعاية تُركت في "نهاية قائمة الأولويات" في ما يتعلّق بكل من معدات الوقاية الشخصية واختبارات "كورونا".
وذكرت عضو البرلمان العمالية "كان المقيمون، والموظّفون (في دور الرعاية) مُهمّشين مرة أخرى، بعيدين عن الأنظار وعن البال مع ما يترتّب على ذلك من عواقب مدمِّرة".
في الواقع، ليس معروفاً كم من المرضى الـ25 ألفاً الذين أرسلوا إلى بيوتهم كانوا مصابين بـ"كوفيد-19"، بيد أنّ "المكتب الوطني لمراجعة الحسابات" أشار إلى أنّه حتى 17 مايو (أيار) الماضي، أعلنت واحدة من كل ثلاث دور رعاية عن تفشٍ لفيروس "كورونا" بين جدرانها، مع مواجهة ما يربو على ألف دار حالات إيجابية (إصابات بكورونا) خلال ذروة الإصابات (التي مرّت بها المملكة المتحدة) في أبريل المنصرم.
وكان شمال شرقي البلاد المنطقة الأكثر تضرّراً بالفيروس، إذ أبلغ زهاء نصف دور الرعاية الموجودة فيها عن تفشٍ لفيروس كورونا فيها بحلول منتصف مايو.
أمّا وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في بريطانيا، فقالت إنّها اتخذت "القرارات الصحيحة في الوقت المناسب".
علاوة على ذلك، قوِّضت خطط توزيع معدات الوقاية الشخصية خلال الجائحة نتيجة تقاعس مسؤولين عن الاستجابة لمشورة تقدّمت بها جهة مستقلة بشأن تخزين المآزر الطبية الواقية، وأقنعة الوجه، على ما جاء في التقرير.
في يونيو (حزيران) من العام الماضي، أوصت "نيرفتاغ"، المجموعة الاستشارية في مخاطر الفيروسات التنفسية الجديدة والناشئة، التي كانت تقدّم المشورة لوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، بأنّ على الصحة العامة في إنجلترا أن تعزِّز تجهيزاتها من معدات الوقاية الشخصية، وتنتقل من النظارات إلى الأقنعة.
في فبراير (شباط) الماضي، كانت الصحة العامة في بريطانيا تملك 41 ألفاً و500 زوج من القفازات الطبية، و25 ألفاً و700 زوج من النظارات الواقية، و156 ألف كمامة. وقال التقرير إنّه بحلول نهاية أبريل، نفدت الإمدادات من تلك المواد.
وأضاف أنّ "الوزارة أخبرتنا أن تصنيع معدات الوقاية الشخصية، وتوريدها يعتمدان منذ سنوات عدة على نظام الشراء، والتصنيع "في الوقت المحدد".
الحال أنّ دور الرعاية في بريطانيا لقيت تجاهلاً في توزيع معدات الوقاية الشخصية تحديداً. مثلاً، تظهر الأرقام أنّ من بين المخزونات المركزية، أُرسل إلى تلك الدور 8 في المئة من القفازات و5 في المئة من النظارات الواقية للعينين.
وحدها طلبات مقدمي الرعاية الصحية من أقنعة الوجه، وأكياس النفايات الطبية جرى استيفاؤها من بين المستلزمات النموذجية لمعدات الحماية الشخصية اللازمة للتصدي للسيناريو الأسوأ الممكن حصوله أثناء تفشي المرض.
كذلك سلّط "المكتب الوطنيّ لمراجعة الحسابات" الضوء على العلاقة "الإشكالية" بين الرعاية الاجتماعية من جهة و"هيئة خدمات الصحة الوطنية" من جهة أخرى.
وذكر التقرير في هذا الصدد، "رفعنا تقارير بشأن جهود متعاقبة ترمي إلى دمج القطاعين صدرت 12 ورقة بيضاء عن الحكومة، وأوراق خضراء، ومشاورات، وخمس مراجعات مستقلة بشأن الدمج، على مدى السنوات العشرين الماضية. ولكن مع الخوض في هذه الجائحة، لم يحدث بعد اندماج مجدٍ، وأفضى غيابه إلى جعل الاستجابة للأزمة أكثر صعوبة من نواحٍ عدة".
على نحو مماثل، فاقم عدد الهيئات، الوطنية، والدولية منها على حدّ سواء، المشاركة في الحصول على معدات الوقاية الشخصية، من صعوبة عملية الشراء، وفقاً للمكتب.
قال جوناثان أشوورث، وزير صحة في حكومة الظل العمالية، إنّ "هيئة الخدمة الصحية الوطنية" دخلت في أزمة "كوفيد-19" البارزة بعد سنوات من شح التمويل، وخفض الأسرّة، وفي ظلّ وجود نقص كبير في أعداد الموظفين".
وقالت سوزان ماسترز، وهي مديرة في "الكلية الملكية للتمريض" "لولا الجهود الاستثنائية التي بذلها طاقم التمريض في الرعاية الصحية والاجتماعية، كان وقع "كوفيد-19" ليكون أسوأ بعد".
أردفت "لكن هذا التقرير يظهر أنّ موظفي التمريض خذلهم نظام غير مهيأ للتصدي لهذا الوباء. سنوات من نقص الاستثمار تعني ترك الرعاية الاجتماعية معرضة للخطر".
دافع متحدِّث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية عن طريقة تعامل الحكومة مع الوباء، وقال إنّها تدخّلت للحدّ من انتقال العدوى إلى المنزل.
ووفق كلام المتحدث "عملنا بلا كلل مع قطاع الرعاية طوال الوقت من أجل الحدّ من انتقال العدوى، وإنقاذ الأرواح، ونتيجة لذلك لم تشهد 60 في المئة من دور الرعاية أيّ حالات تفشٍ قط، وفقاً لأحدث إحصاءات الصحة العامة في إنجلترا".
كذلك ذكر المتحدث أنّ الأرقام المستخدمة للنظر في إمدادات معدات الوقاية الشخصية في تقرير مكتب المحاسبة الوطنيّ كانت "مضللة"، وقال "المستلزمات من معدات الحماية الشخصية النموذجية المعروضة في هذا التقرير هي من الناحية النظرية أسوأ التصورات المقدّرة – إنه لمن المضلل مقارنتها بأرقام متعلقة بمعدات حماية شخصية تُشترى مركزياً، التي لا تشمل معدات تتوفّر عبر طرق أخرى، أو مخزونات محلية موجودة".
© The Independent