حثّت عناصر الشرطة في إنجلترا وزيرة الداخلية بريتي باتيل لفرض حظر طارئ على الاحتجاجات كافة خلال فترة انتشار وباء فيروس كورونا محذّرين بأنّ عناصر الشرطة يتعرّضون للخطر بسبب موجة التظاهرات الشعبية.
ودعا جون أبتر رئيس "اتحاد الشرطة في إنجلترا وويلز" The Police Federation of England and Wales وزيرة الداخليّة إلى تطبيق قيودٍ أكثر صرامة إثر إصابة العشرات من رجال الشرطة بجروح خلال المواجهات العنيفة التي حصلت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وأشار أبتر إلى أنّ عناصر الشرطة، والمواطنين على حدّ سواء معرّضون لخطر تفشّي كوفيد-19 بين الحشود. وقال إنّه "خلال الأوقات الطبيعية، يُعتبر حقّ التظاهر السلميّ أمراً مقدّساً ومهماً… ولكننا لا نعيش في أوقاتٍ اعتياديّة، فنحن نواجه فيروساً قاتلاً لا يميّز بين الأشخاص الذين يمكنه أن يصيبهم".
وأضاف أبتر"لا نستطيع تجاهل الخطر الذي يمكننا تجنّبه، ويُهدد عناصرنا والمشاركين في الاحتجاجات على حدّ سواء… أدعو وزيرة الداخليّة إلى اعتماد شروط واضحة تماماً من حيث فرض حظر التجمّعات، أو التظاهرات الكبيرة، بينما نرزح تحت تهديد هذا الفيروس".
وأردف "لا يمكننا السماح بأن يتعرّض عناصر الشرطة، والمواطنون لخطر الإصابة بالعدوى خصوصاً في هذا الوقت الحسّاس من مواجهتنا للجائحة".
غير أن الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء قال يوم الاثنين الماضي إن الوزراء لا يتمتعون بالصلاحيات القانونية التي تخولهم فرض حظر على الاحتجاجات. وأضاف "إن الوزراء لا يملكون الصلاحيات اللازمة للشروع بحظر المسيرات ذاتها…فهذه مسألة عملانية من شأن الشرطة البتّ فيها. وفي لندن، ينبغي أن تتقدم شرطة ميتروليتان، أو شرطة مدينة لندن بطلب لوزيرة الداخلية لنيل موافقتها على اتخاذ إجراء كهذا. لكن لم تردها حتى الآن طلبات من هذا النوع".
يُشار إلى أن "المجلس الوطني لرؤساء الشرطة" The National Police Chiefs’ Council (NPCC) الذي يمثل قادة الشرطة في مقاطعات البلاد لم يعرب علناً عن تأييده لدعوة "الاتحاد".
وقال بن-جوليان هارينغتون، وهو قائد شرطة وكبير المسؤولين في "المجلس" عن النظام العام، إن "الحق بالتظاهر المشروع هو عنصر أساسي في نظامنا الديمقراطي، وللمملكة المتحدة تاريخ عريق لجهة احترام هذا الحق، وضمان سلامة جميع من يمارسونه".
وأضاف "يتسبب فيروس كورونا بمرض قاتل، وما زالت هناك قيود مطبقة بغرض الحدّ من انتشاره. يعتبر تجمّع ما يزيد على 6 أشخاص أمراً غير مشروع بموجب النظم الحالية، وعليه سنواصل تشجيع الناس على التقيّد بهذه النظم كما فعلنا على الدوام خلال أزمة الصحة العامة هذه".
وأوضح هارينغتون أن لدى قوى الشرطة المحلية خططها الخاصة للتعامل مع التظاهرات، مؤكداً أن أولئك الذين يمارسون العنف ضد آخرين، أو ضد الملكيات الخاصة والعامة، أو عناصر الشرطة، لن يفلتوا من العقاب.
وتابع "ستتصرف الشرطة بصرامة حيثما يظهر العنف، لضمان سلامة الناس، ومحاسبة أولئك الذين يتحملون مسؤولية اندلاعه محاسبة عادلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يُذكر أن عناصر الشرطة قد تعرضوا للأذى على يد المحتجين من ناشطي حملة "حياة السود مهمة" من جهة، ومن جهة ثانية من جانب مجموعات ممن يثيرون الشغب في مباريات كرة القدم، ومن اليمينيين المتطرفين الذين ادعوا أنهم كانوا هناك "لحماية" التماثيل (الوطنية).
في هذه الأثناء، عكست تصريحات أبتر تعليقات كين مارش رئيس "اتحاد شرطة ميتروبوليتان" Metropolitan Police Federation الذي يمثّل عناصر شرطة لندن. فقد قال لإذاعة "إل بي سي" اللندنيّة يوم الأحد الفائت "إننا لا نزال وسط الجائحة، وسبق أن قلت هذا لكم؛ لا يملك زملائي الخيار بعدم التواجد هناك… إنّ ما يحصل في ظلّ التشريعات المعتمدة خلال كوفيد-19 هو أمر غير قانونيّ، احظروا التظاهرات". كما ناشد الوزيرة باتيل، ومحافظ لندن صادق خان بأن "يضبطا الأمور وأن يجدا مخرجاً".
وأتت هذه النداءات في أعقاب إصابة 23 من عناصر الشرطة خلال المواجهات مع متظاهرين من اليمين المتطرّف تدفقوا على شوارع حي وستمنستر الحكومي يوم السبت الفائت زاعمين أنهم كانوا "يدافعون" عن التماثيل التي تعرضت للتشويه خلال التظاهرات لأنصار حملة "حياة السود مهمة".
وإذ أُوقف ما يزيد على 100 شخص، ندّد بوريس جونسون بأعمال "البلطجة العنصرية" بعدما عمدت جماعات "رعاع" كرة القدم، واليمين المتطرف إلى مهاجمة عناصر الشرطة وتوجيه اللكمات إليهم وإلقاء الزجاجات عليهم.
إلى ذلك، واجهت الشرطة أيضاً صعوبات للتدخّل في الاشتباكات التي وقعت بين المتظاهرين المناهضين للعنصرية، وأولئك اليمينيين المتطرفين، مع تحدّي مئات الأشخاص لقرار حظر التجوّل بدءاً من الخامسة عصراً الذي فرضته الشرطة على التظاهرات أمام مجلس النواب وميدان الطرف الأغرTrafalgar Square. ووصف باس جافيد، وهو قائد في شرطة العاصمة، مشاهد التظاهرات بـ "البلطجة الرعناء". وأضاف بأنّ "ما واجهه عناصر الشرطة في وسط لندن في (تظااهرات السبت الماضي) كان صادماً للغاية. مرّةً أخرى، أُلقيت أشياء مختلفة على عناصر الشرطة، أو أنهم هوجموا من قبل مجموعاتٍ أتت بنيّة افتعال أعمال عنف".
في سياق متصل، استنكرت رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجن العنف الذي شهدته مدينة غلاسكو في اشتباكات يوم الأحد في ميدان جورج بين مجموعاتٍ متناحرة على صلة بمباريات كرة القدم. واعتبرت أنّه "تصرّف غير مقبول في أيّ وقتٍ كان، ولكن في هذا الوقت بالذات الذي تواجه فيه بلادنا الأزمة، أعتقد أنّه تصرّف مخزٍ للغاية".
يُشار إلى أنّه في ظلّ القيود المفروضة لمواجهة فيروس كورونا، تُعتبر التجمعات التي تضمّ أكثر من ستّة أشخاص ينتمون إلى عائلاتٍ مختلفة انتهاكاً صارخاً للنظم السارية الخاصة بفيروس كورونا. بيد أنّ عناصر الشرطة في أنحاء المملكة المتحدة لم يتمكّنوا من منع آلاف الأشخاص من المشاركة في الاحتجاجات وسط موجة عالمية من التظاهرات المناهضة للعنصرية، التي اندلعت شرارتها بعد مقتل المواطن جورج فلويد على يد الشرطة الأميركية.
ويتطلّب فرض حظرٍ صريح على التظاهرات إذناً من الوزيرة باتيل، لكن وزارة الداخليّة أعلنت أنّ الشرطة لم تتقدّم بطلبٍ من هذا القبيل.
وفي هذا الإطار، قال متحدّث "إنّ الوزراء لا يملكون صلاحياتٍ لفرض حظر على التظاهرات، فهذه مسألة تنفيذية تقع على عاتق الشرطة. لذا يتوجّب على السلطات المحلية، أو على مفوّض شرطة ميتروبوليتان، أو شرطة مدينة لندن، في العاصمة، التقدّم بطلب لوزيرة الداخلية للحصول على موافقتها لفرض هذا الحظر. إلا أنها لم تتلقَ أيّ طلباتٍ من هذا النوع… سبق لوزيرة الداخلية، ووزراء آخرين أن قالوا مراراً بوضوح في مقابلاتٍ عديدة وفي البرلمان، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ مباشر للشرطة، إنّ هذه الاحتجاجات غير قانونية وهي تعرّض الصحة العامة للخطر. إنّ أيّ تصريح مغاير لذلك هو غير دقيق. تواصل وزيرة الداخلية حثّ الشعب بأشدّ العبارات الممكنة على عدم المشاركة في التظاهرات، أو التجمّعات كونها أعمال غير قانونيّة وتعرّض المواطنين للخطر".
© The Independent