أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب يخطط لتوقيع أمر تنفيذي بتجميد التأشيرات الجديدة للعمّال الأجانب حتى نهاية العام، مع تأكيده ضرورة الحفاظ على الوظائف وسط الانكماش الاقتصادي الناجم عن جائحة "كوفيد-19". ومن المرجح أن يوقع ترمب على الأمر الرئاسي هذا الأسبوع. ويتوقع البيت الأبيض توفير 525 ألف وظيفة للأميركيين بموجب هذا الأمر التنفيذي.
وصرح مسؤولون كبار في الإدارة للصحافيين، بحسب ما أوردته شبكة "أن بي سي نيوز" الأميركية، بأن تأشيرات (H1B) للعاملين في التكنولوجيا، وتأشيرات (H2B) للوظائف منخفضة المهارة، وتأشيرات (H4) لأزواج بعض حاملي التأشيرات، وتأشيرات (J) للمشاركين في تبادل العمل والطلاب، وكذلك تأشيرات (L) للانتقال عبر الشركات، سيتم تعليقها حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ويُعفى أساتذة الجامعات والأشخاص الذين يعملون في تجهيز الأغذية، مثل الزراعة أو المأكولات البحرية، من تعليق التأشيرة.
وقال المسؤولون إن ترمب طلب أيضاً من إدارات الأمن الداخلي والدولة والعمل، العمل على اللوائح التي سيكون لها تأثير دائم، مثل إنهاء تصاريح العمل للعديد من طالبي اللجوء وإنهاء نظام اليانصيب لتأشيرات (H-1B).
رد عنيف متوقع من مجتمع الأعمال
الأمر الرئاسي هو فوز للمتشددين في إدارة ترمب فيما يتعلق بالهجرة، حيث دفع هؤلاء من أجل خفض العدد الإجمالي للمهاجرين الذين جرى إدخالهم إلى البلاد لسنوات، حتى قبل تفشي الوباء.
ومن المرجح أن يواجه القرار الرئاسي رد فعل عنيف من مجتمع الأعمال، الذي مارس ضغوطاً ضد تقييد مجموعة التوظيف للشركات الأميركية. ومن جانبها بدأت جماعات الدفاع عن الهجرة في الضغط على الطلب سريعاً بعد نشر أخبار محتوياته.
وقال شارفاري دلال الديني، مدير العلاقات الحكومية في جمعية محامي الهجرة الأميركية "نحن قلقون للغاية من أن مثل هذا الحظر الواسع للهجرة القانونية، سواء كان الفرد قادماً بشكل دائم أو مؤقت، سيؤثر سلباً في قدرة بلدنا على التعافي من أزمة صحية واقتصادية عالمية". وأضاف "بينما تدعي الحكومة أن الحد من دخول هؤلاء الأفراد إلى الولايات المتحدة سيخلق مئات الآلاف من فرص العمل للأميركيين، فإن الواقع هو أن الوظائف التي كان سيحصل عليها هؤلاء الرعايا الأجانب هي وظائف لا يستطيع العمال الأميركيون شغلها أو لا يمكنهم شغلها".
وكان الرئيس الأميركي وقّع على أمر تنفيذي في 22 أبريل (نيسان) الماضي أوقف بموجبه إصدار البطاقات الخضراء للمتقدمين من خارج البلاد لمدة 60 يوماً، معللاً قراراه بأنه وجد لحماية للأميركيين العاطلين عن العمل وسط تفشي جائحة كورونا. لكنه توقف عن تعليق التأشيرات والبرامج التي تسمح لأصحاب العمل الأميركيين بتوظيف عمّال أجانب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب "نيويورك تايمز"، خلال السنة المالية 2019، تمت الموافقة على ما يقرب من 139 ألف عريضة جديدة من تأشيرة (H-1B)، وجرى إصدار 77 ألف تأشيرة (L-1)، بالإضافة إلى 66 ألف تأشيرة (H-2B). ومن تأشيرات العمّال غير المهرة التي استخدمها ترمب بانتظام لتوظيف منتجعاته تم توظيف نحو 200 ألف عامل جديد من (J-1) في عام 2018، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة. وتم منح تصاريح لنحو 225 ألف خريج من الجامعات الأميركية سُمح لهم بالبقاء في البلاد للعمل.
وقالت الصحيفة من المرجح أن يمتد تعليق التأشيرة إلى السنة المالية التالية، بدءاً من 1 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفقاً لأشخاص مطلعين على التخطيط. وأضافت أن القيود المقترحة على تأشيرات العمّال الأجانب، إذا جرى اعتمادها، ستكون أحدث قيود على الهجرة تفرضها إدارة ترمب منذ ظهور جائحة "كوفيد-19".
ويجادل معارضو الهجرة بأن الحاصلين على تأشيرات "غير المهاجرين" يتنافسون مع الأميركيين على الوظائف، وأن مستوى البطالة الحالي يبرر حملة القمع تلك.
قيود الهجرة ستعيق التعافي الأميركي
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن الأمر التنفيذي المرتقب للرئيس الأميركي يمكن أن يعيق قدرة الشركات على تناقل الموظفين، ما يؤثر في كل من الشركات الأميركية المتعددة الجنسيات التي تنقل الموظفين من الخارج إلى الولايات المتحدة، والشركات الأجنبية التي ترسل موظفين للقيام بمهام في المدن الأميركية.
وبحسب الصحيفة ذاتها، بعثت الرابطة الوطنية للمصنّعين الأميركيين التي تمثل 14 ألف شركة صغيرة وكبيرة، برسالة إلى البيت الأبيض في 1 يونيو (حزيران) الحالي، تحذر فيها من أن قيود الهجرة المخطط لها ستعيق جهود التعافي.
وقالت الرسالة التي وقعها رئيس الرابطة جاي تيمونز "نحثك على تجنب إجراءات الهجرة، سواء كانت مؤقتة أو طويلة الأجل، التي من شأنها أن تسبب عدم اليقين وتفرض تكاليف كبيرة على أمتنا في هذا الوقت الحرج".
كما أرسلت مجموعتان تابعتان للصناعي تشارلز كوخ، الأسبوع الماضي، رسالة إلى لاري كودلو، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، وغاريد كوشنر، المستشار الأول للرئيس ترمب، وحثوا الإدارة على "الامتناع عن فرض حواجز إضافية" على التأشيرات.
قلق بشأن المستقبل الاقتصادي
وأصدر دانيال غارزا، رئيس مبادرة ليبر، وخورخي ليما، النائب الأول لرئيس مؤسسة "الأميركيين من أجل الرخاء"، بياناً نُشر على موقع المؤسسة قالا فيه "ليس سراً أن الأميركيين قلقون بشأن مستقبلهم الاقتصادي. لكن، بينما تتخذ الدولة خطوات لإعادة فتحها بأمان، من المهم أن نتبنى القيمة التي يجلبها المهاجرون إلى هذا البلد ونعكس مسارهم بشأن حالات التعليق الضالة هذه".
وأضاف البيان المشترك "من المهم أن نتذكر أنه طوال تاريخ أمتنا - خلال كل من المستويات المرتفعة والمنخفضة – شهدت المجتمعات والشركات الأميركية، الصغيرة والكبيرة على حد سواء، نمواً ونجاحاً لا مثيل لهما من خلال العمل الجاد والابتكار من غير المهاجرين والمهاجرين الذين يعملون معاً من أجل بناء أمتنا وتوسيع الرخاء للجميع. تخلق عمليات التعليق هذه أعباءً غير ضرورية وعوائق إضافية للشركات والمجتمعات، بينما تحد بشكل كبير من الإسهامات والابتكارات والأفكار طويلة الأجل التي يجلبها المهاجرون إلى بلادنا. ولتحفيز تعافينا حقاً، لسنا بحاجة إلى تعليق المزيد من القيود أو فرض قيود إضافية على نظام الهجرة غير الشرعية أو فرض قيود إضافية عليها، بل نحن بحاجة إلى بناء نظام أفضل".
إسهامات المهاجرين
وقال البيان إن الأبحاث أظهرت أن معظم المكاسب الاقتصادية التي حققتها أميركا بعد الانهيار المالي عام 2008 كان سيتم القضاء عليها إلى حد كبير لولا الإسهامات المشتركة للمواطنين الأميركيين والمهاجرين الباحثين عن فرص جديدة.
وأشار إلى أنه خلال الفترة من عام 2006 إلى عام 2016، كان المهاجرون مسؤولين عن ما يقرب من نصف نمو القوى العاملة في الولايات المتحدة، وهو مُكوِّن رئيس للنمو الاقتصادي.
وقال إن الأبحاث وجدت أن المهاجرين يمثلون نحو ربع اختراع الولايات المتحدة وريادة الأعمال، ومنذ عام 1972 استحوذ المهاجرون على نحو 25 في المئة من براءات الاختراع في التكنولوجيا والبحث الطبي والتطوير والإلكترونيات والتكنولوجيا الكيميائية.
وبعث توماس جيه دونوهو، الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة الأميركية، هو الآخر برسالة إلى ترامب الأسبوع الماضي، يدعوه إلى إعادة النظر في حظر التأشيرة.