وجدت دراسة تحليلية جديدة أن فوز بوريس جونسون الساحق في انتخابات 2019 العامة ما كان ليتحقق إلّأ بفضل الدعم الكبير الذي حصل عليه من الناخبين، أصحاب الدخل المنخفض.
فقد استطاع المحافظون تحقيق تقدّم على حزب العمال الذي كان جيريمي كوربين يقوده، بـ15 في المئة بين البريطانيين الأكثر فقراً في الانتخابات الأخيرة، بل فاقت شعبيته بين هؤلاء، نظيرتها لدى الناخبين الأكثر ثراء.
واستنتجت هذه الدراسة التي أُنجزت بتكليف من "مؤسسة جوزيف راونتري" أن "حزب المحافظين ما عاد يمثّل الأثرياء، بينما لم يَعُدْ حزب العمال يمثّل الفقراء".
وعلى نحوٍ مماثل، فإنّ "حزب العمال الذي يتزعمه السير كير ستارمر منذ فترة قصيرة، أصبح اليوم يتمتّع بشعبية بين الأثرياء تساوي ما يحظى به لدى أصحاب الدخول المنخفضة. ويعني ذلك أن الحزبين كليهما قد قلبا قاعدَتَيْ دعمهما التقليديَّتَيْن".
وفي هذه الدراسة، تفحّص الباحثان ماثيو غودوين من "جامعة كِنت" وأوليفر هيث من "كلية رويال هولواي" في جامعة لندن، الأدلّة التي تضمّنها بحث إحصائي صدر تحت عنوان "دراسة الانتخابات البريطانية". ووجدا أن 45.5 في المئة من أصحاب الدخل المنخفض دعموا حزب المحافظين في انتخابات 2019 العامة، بينما دعم 30.6 في المئة منهم حزب العمال. ووثّق الباحثان أنها المرّة الأولى التي يسجَّل فيها تحوّل كهذا في تاريخ الانتخابات البريطانية العامة.
في السياق ذاته، صوّت 40 في المئة من أصحاب الدخل العالي لصالح حزب المحافظين في حين صوَّتَ 30.8 في المئة منهم لصالح حزب العمال. وقد ساعد وعد جونسون بـ"رفع مستوى" الشعب ككل، إضافةً إلى دعمه لبريكست، على إقناع الناخبين بنبذ كوربين، وفق الباحثَيْن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف البروفيسور غودوين أن الحزبين كليهما سيحتاجان في الانتخابات مستقبلاً، إلى جذب الشرائح الاجتماعية الأفقر التي ضربتها جائحة فيروس كورونا بشدة. ووفق رأيه، فإنّ "الناخبين من أصحاب الدخل المنخفض يبقون مهمين، وأصواتهم ستبقى متقلّبة على الأرجح، مع خروج بريطانيا من أزمة الفيروس".
في سياق موازٍ، دعت "مؤسسة جوزيف راونتري" التي تمثّل مركز دراسات يُعنى بمكافحة الفقر، الحكومة إلى أن توجّه دعمها الاقتصادي، في مرحلة ما بعد أزمة "كوفيد-19"، صوب الحفاظ على القدرة الشرائية، وأن تركّز على خلق وظائف في المناطق التي يرجَّح تصاعد معدلات البطالة فيها، مع انتهاء برنامج ريشي سوناك، وزير المالية البريطاني، لدعم المسرَّحين من العمل بسبب الجائحة.
وكذلك أوصت تلك المؤسسة الحكومة بزيادة الاستثمار في مجال تطوير المهارات الأوّلية والإلكترونية والحِرَفيَّة وتحسين التدريب المهني وتوفير أموال إضافية للنقل العام.
وقد أظهرت الأرقام الرسمية في شهر مايو(أيار) الماضي أن الوفيات في المناطق المحرومة بسبب "كوفيد-19"، فاقت ضعفَيْ مثيلاتها من الوفيات في الأماكن الأكثر ثراء. وقد تكرّر هذا المسار أثناء الشهر الحالي، بحسب "مكتب الإحصاء الوطني".
وبصورة عامة، تواجه الحكومة مطالب منفصلة لتحسين نظام التدريب المهني، بعدما أوضح بحث أن الأفراد من خلفيات معوزة يُقصَوْن عن المنافسة في الحصول على الوظائف.
كذلك أدّى فرض ضريبة على الشركات التي تقدّم تدريباً مهنياً [إلى العاملين فيها]، إلى ميل الأخيرة صوب قبول من يقدرون على دفع أجور مقابل اكتساب الخبرة، بحسب "هيئة الارتقاء الاجتماعي" المعنيّة بالرقابة. وأضافت، "إن المستفيدين الرئيسيين من التدريبات المهنية في أماكن العمل نفسها، هم أولئك الأفراد الذين لا يحتاجون إليها".
وبحسب بحث جرى بتكليف منها وأنجزه مركز "لندن إيكونوميكس" الاستشاري، تبيّن أن الأشخاص الأكثر فقراً يكونون أقلّ حظاً في نيل تدريب مهني، وإذا استطاعوا أن يضمنوا لهم مكاناً في التدريب، فإنه يكون عادة في قطاع يعطي عائداً أقلّ لجهة الدخل.
وتُعتبر التدريبات المهنية المرفقة بشهادة، الأسرع نمواً والخيار الأغلى للراغبين في كسب الخبرة، لكنّ حصة المتدرّبين المعوزين من هذا الصنف من التدريبات لا تزيد على 13 في المئة، بحسب عدد من الخبراء.
في هذا الصدد، قال ستيفن كوبر، نائب رئيس "هيئة الارتقاء الاجتماعي" إن "ضريبة التدريب المهني التي طُبِّقت في 2017، مَوَّلت بشكل غير متناسب التدريبات المهنية ذات المستوى الأعلى، وقد قُدَّمَتْ إلى المتعلمين من أوساط ميسورة الحال، بأكثر مِمّا قُدِّمَتْ إلى الآتين من خلفيات محرومة اجتماعياً واقتصادياً، الذين يُحتمل أن تكون استفادتهم منها أكثر من غيرهم".
وقد اتصلت "اندبندنت" بوزارة المالية للحصول على تعليق منها.
© The Independent