يبدو أنّ القمر يحتوي على كمية من المعادن أكبر مِمّا كنّا نظنّ، وفق ما توصّلت إليه مجموعة من العلماء أخيراً. ويتحدّى هذا الاكتشاف فهمنا للكيفية التي نشأ بها هذا التابع المنير للأرض، بحسب باحثين توصّلوا إلى معلومات جديدة مستمدّة من بيانات أرسلتها إلى الأرض مركبة تابعة لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" أُطلقت في زيارة إلى القمر.
ولفترة طويلة، ظلت كيفية نشوء القمر محطّ نقاش بين العلماء. وتفيد الرواية الأكثر شيوعاً في ذلك المجال بأنّ القمر تكوّن بعدما ضرب الأرض جرم فضائي بحجم المريخ، فانفصل عنها ما بات يشكّل القمر حاضراً، واستمر في الدوران حولها.
في المقابل، اتّضح أنّ سطح القمر أكثر غنىً بالمعادن مِمّا اعتُقد سابقاً، ما يشير تالياً إلى أنّ تلك الفرضية ربما تكون غير صحيحة.
ولقد توصّل الباحثون إلى ذلك الاكتشاف بعد التقاط صور رادارية للتربة الناعمة في الجزء السفلي من فوهات موجودة على سطح القمر. واستخدموا في ذلك أداة على متن المركبة "لونار ريكونيسانس أوربيتر" [حرفياً، "مستكشف القمر المداري"] التي تدور حول القمر كي تتسنّى لها دراسة سطحه.
وتالياً، خلُص الباحثون إلى أنّ التربة القمرية الغبارية تشي بأنّ بواطنه أكثر غنى بالمعادن مِمّا اعتُقِد في أوقات سابقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستطراداً، ربما تكون تلك التربة الغبارية في الواقع مواد اندفعت من تحت سطح القمر، بعدما ضربته نيازك. وكذلك تبدّى أن الفوهات العميقة على سطح التابع المنير للأرض تحتوي معادن أكثر مِمّا يوجد في الفوهات الأقلّ عمقاً، ما سمح للباحثين باستنتاج أنّ الحالة ذاتها ربما تنطبق على أعماق القمر أيضاً.
وفي أوقات سابقة، عمل العلماء بجهد على تفسير حقيقة أنّ القمر يحتوي تركيزات أعلى من أكاسيد الحديد بالمقارنة مع الأرض. وفي اتجاه مماثل، تشير الدراسة الجديدة إلى أنّ ذلك الاختلاف يُحتمل أن يكون أكبر مِمّا ساد الاعتقاد به في أوقات سابقة، ما يفاقم غموض اللغز عن كيفية ظهور ذلك التفاوت، وكذلك نشأة القمر نفسه.
واستطراداً، من الوارد أن يكون الاصطدام الذي أدّى إلى تشكّل القمر أشدّ دراماتيكية وتدميراً مِمّا جرى تصوّره سابقاً. وربما تسبّب في انفصال أجزاء صخرية من الأرض كانت قسماً من بواطنها العميقة، وحتى أكثر عمقاً مِمّا تبنّته توقعات سابقة. وثمة إمكانية أيضاً لأن يكون ذلك الاصطدام قد حدث عندما كانت الأرض أصغر سناً ويكسوها محيط من الصهارة البركانية.
في تفاصيل إضافية، قاد تلك الدراسة الباحث عصام حجي، المتخصص في هندسة الكهرباء والكمبيوتر في "كلية فيتربي للهندسة" بجامعة "جنوب كاليفورنيا". وأوضح حجي أنه "عبر تعزيز معرفتنا بحجم المعادن التي يحملها باطن القمر فعلياً، يمكن للعلماء إزالة الغموض الذي يكتنف نشأته وكيفية تطوّره والطريقة التي يسهم فيها بالحفاظ على قدرة الأرض على استضافة ساكنيها".
وأردف، "يحتوي نظامنا الشمسي ما يزيد على 200 قمر، ويعني ذلك أن فهم الدور البالغ الأهمية يمكن أن يمنحنا رؤى متعمِّقة حول كيفية تشكّل الحياة في الفضاء خارج الأرض، وكذلك الأمكنة التي ربما تظهر فيها، والأشكال التي قد تتّخذها".
© The Independent