تحيي تونس اليوم الذكرى الـ 63 لإعلان الجمهورية، والتي شهدت عام 2013 اغتيال محمد البراهمي، الأمين العام لحزب التيار الشعبي. وتصاعدت الأزمة السياسية في البلاد وسط الصدام الذي صار يميّز علاقة حركة النهضة بجل أحزاب المشهد السياسي ومؤسّستَيْ رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، على الرغم من استقالة رئيس الوزراء الياس الفخفاخ وانتظار تعيين شخصية جديدة تقوم بالمشاورات لتشكيل حكومة جديدة.
وكانت هيئة الدفاع في ملف اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، عقدت مؤتمراً صحافياً قدمت فيه مجموعة جديدة من الوثائق والأدلة حول تورّط قيادات في ما سُمّي "بالجهاز السري لحركة النهضة" في عمليات الاغتيال.
عضو هيئة الدفاع المحامية إيمان قزاره قالت إن حركة النهضة حاولت السيطرة على القضاء بكل الوسائل وسعت إلى إغلاق ملف الاغتيالات، مشيرةً إلى أن القضاء وجّه اتهاماً رسمياً ونهائياً في 28 مايو (أيار) الماضي لمصطفى خضر، أحد أعضاء الجهاز السري، بالتورط في عملية اغتيال البراهمي.
إخفاء الملفات
أضافت قزاره أن فريق الدفاع دخل في معركة للكشف عن الحقيقة، التي حاولت أطراف إخفاء وثائق لتعطيل الكشف عنها، من بينها وثائق متعلّقة بالإرهابي أبو بكر الحكيم المتورّط الأول في القضية. فبعد عملية الاغتيال، صدر تكليف للفرقة المولجة بالبحث في الجريمة وتتبّع المكالمات الهاتفية التي استعملها الإرهابي وعددها 15، وأُنجز 21 ملفاً خاصاً بالاتصالات تكشف عن شبكة العلاقات والتحركات. لكن هذه الملفات، وفق قزازه، أخفيت من ملف القضية وهيئة الدفاع اكتشفت ذلك بعد فترة وأصرت على معرفة الأسباب.
وتقول قزاره إن المحكمة اقتنعت بوجاهة طلبات فريق الدفاع، وطلبت من الفرقة المكلفة البحث في الجريمة تسليم الملفات، التي تضمّ آلاف الصفحات وتهم الفترة التي حصل فيها الاغتيال.
النهضة تستنكر التوظيف السياسي
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المفتاح السري
وقالت المحامية إنه بعد سبع سنوات من إخفاء الملفات، نجح فريق الدفاع في الكشف عنها، وأهم ما فيها الاتصالات بين مصطفى خضر، المتورّط في جريمة الاغتيال مع راشد الغنوشي عبر شخص آخر، هو كمال البدوي، الذي تعرّفه قزاره بأنه من المقربين جداً من رئيس حركة النهضة، إذ تم تسجيل 11 اتصالاً هاتفياً بعد منتصف ليل وقوع جريمة اغتيال البراهمي.
وأمام محاولات تعطيل سير المحاكمة ورفض النيابة العامة في محكمة تونس مساءلة الغنوشي عن دوره في الجهاز السري لحمايته من التتبّع القضائي، ومعه كمال البدوي، قُدّمت شكوى أمام محكمة التعقيب، أعلى سلطة قضائية في البلاد، التي أمرت بنقل الملف من محكمة تونس إلى محكمة مدينة أريانة، وهذا سيفتح الباب أمام الكشف عن حقيقة الجهاز السري لحركة النهضة.
معطيات ستقلب المعادلة
المعلومات التي ذكرتها هيئة الدفاع، اعتبرها الحبيب الراشدي، كاتب عام جمعية "مراقب"، صادمة بعد عشر سنوات من الثورة، خصوصاً لجهة دور النيابة العامة في تعطيل الكشف عن الحقيقة، وكيف جرة التلاعب بالأدلة لتكون لصالح المشتبه فيهم.
وأضاف الراشدي لـ"اندبندنت عربية" أن فريق الدفاع قدّم مثالاً في التضحية والإخلاص لحلّ القضية وتعرّض لتهديدات وضغوط وممارسات مخزية بغية تعطيل عمله، ولكنه نجح على الرغم من ذلك في إنجاز المهمة المولج بها.
في انتظار الكشف عن ملف التسفير
من جهته، قال محسن النابتي، الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي، الحزب الذي كان البراهمي أمينه العام، لـ"اندبندنت عربية"، إنه لولا العمل الذي قامت به هيئة الدفاع، لَمَا اكتشف الشعب التونسي حجم الاختراق والخراب اللذين تسبّبت بهما حركة النهضة لمؤسسات الدولة الأمنية والقضائية.
وأضاف أن المطلوب اليوم معرفة لماذا لم يتم أخذ أي إجراء جدي بعد توجيه السفارة الأميركية في تونس، في 12 يوليو 2013، تحذيراً رسمياً بأن هناك خطراً جدياً يتهدّد البراهمي. وقال إن وزير الداخلية حينها علي العريض، القيادي في النهضة، يتحمّل مسؤولية مباشرة عن التهاون الذي نتجت منه جريمة الاغتيال.