تشير إزاحة ستارة المسرح عن بدء عرض ما، تلك الستارة المخملية الخضراء أو الحمراء غالباً، التي نعلم في ثقافتنا أن وراءها وقتاً من الاستمتاع، ومشهداً قد يُحفر في الأذهان.
وترفع الستارة عن نصب تذكارية، ولوحات يصحبها تصفيق، وفلاشات كاميرات التصوير.
وفي زمن ولّى لطالما تحدثت المرأة من وراء ستائر سميكة، حجبت جسدها ووجهها عن الرجال الغرباء.
من اسمها دلالة على دورها، الستارة، التي تستر، أو تغطي، أو تحجب هذا هو الشقّ العملي لها أينما وجدت. ولا منزل يكتمل ديكوره إلا بستائره، فمنها نطلّ على الخارج، ومنها نقفل على العالم. تُدخل الضوء أو تمنعه، تحجب الرؤية، وتوارب في المشهد... هذا هو الشأن الوظيفي للستارة.
أما الشأن الجمالي فلكلّ ستارة قصةٌ في طياتها، في اتساعها وهي تفتح ذراعيها، وفي انكماشها وهي تحتضن ذاتها. فهي التي تعطي الجدار شخصيته، وتخبر عن ذوق ساكني المكان.
قد ننشئ علاقة أفضل مع أثاث البيت الذي يريحنا في الجلوس، أو يسهّل عملنا ويشعرنا بحميمية البيت أو المكان، ولكن الستائر قد تكون الأساس في جعل هذه الخصوصية تعاش حقّاً.
الستائر الكلاسيكية إلى الحداثة
والستائر عالم واسع في الشكل والتفاصيل والإكسسوار، بدأ استخدامها بحكم الحاجة وأصبحت في بعض الأماكن دلالة على الفخامة والثراء، فزُيّنت جدران القصور بأغلى أنواع الأقمشة الطبيعية.
تقول مهندسة الديكور ميراي الهاشم لـ"اندبندنت عربية" إن أول ستائر صنعت كانت من جلود الحيوانات وتعلّق بخطافات على المداخل. كانت كثيفة القماش مثل الألبسة في ذلك الزمن، وقلّت مع الأيام، واستعيض عن الطبقات بالرسوم، على الرغم من أن محبي الكلاسيكية لا زالوا يحبذونها.
وتضيف بأن الستائر كانت في الماضي تتشابه في أقمشتها مع غطاء السرير والوسائد، أما الآن فلقد اختلف الوضع كليّاً.
تعتبر الهاشم أن الاختيار يعتمد على اختلاف الأذواق وتصميم المكان. وهي تفضّل القماش السادة من دون رسومات وزخرفات حتى للستائر الكلاسيكية، على أن تكون عالية، وتلامس الأرض، أما العرض فبين 10، و15 سنتمتراً على كل جانب من الشبابيك أو الأبواب.
في السياق نفسه، تقول مهندسة الديكور باسكال حرب إن الستائر الكلاسيكية في البيوت قلّ استخدامها، بعد تراجع تنظيم المناسبات فيها، خصوصاً أنها كانت تطلب شكلاً رسمياً أكثر. لكن هذا لا يعني أن الكلاسيكي بطُل، ولكنّه أصبح أقل ضخامة وأكثر حداثة.
وتشير حرب إلى أن الكلاسيك المستخدم في المنازل لاسيما الصالات، فتكتفي بقماشة واحدة سميكة، بينما في البيوت تتكون الستائر من قماشتين، واحدة سميكة وتحتها قماشة الفوال voile التي تُدخل الضوء من دون إدخال أشعة الشمس.
وتلفت إلى أن الناس لا زالوا يطلبون جداً هذا النمط، إذ في الشرق يفضل الناس الفخامة أحياناً حتى على حساب الراحة، والبعض لا يعتقد أن البساطة تلفت النظر بشكل كاف. وكانت الستائر الكلاسيكية سابقاً حكراً على الطبقة الغنية، والآن أصبحت عامة، إذ يمكن التصرف بذكاء بالمعدات والمواد الأولية لإخراج ستائر جميلة جداً بكلفة قليلة.
وتضيف "نظرنا لا يزال معتاداً على التراث الذي يحتوي على كثير من الكلاسيك الذي يليق بفن عمارتنا القديمة من بيوت العقد، والعواميد، والإضاءة الدافئة".
وتشير إلى أنه بسبب عدم وجود أعراف اجتماعية تمنع التدخين في الداخل ودخان النراجيل، ودخان الموقدة، الذي يتغلغل كله في الأقمشة، يميل الناس لاستخدام الستائر السميكة القاسية التي تتحمّل هذه العوامل، وهذا برأيها موجود في مخزون المفهوم لدينا، في حين يمكن استخدام أقمشة سهلة التنظيف ناعمة يمكن غسلها وتتحمّل الفك والتركيب والغسل الدائم.
لكل مكان ستارته
تعتبر حرب أن لكل مكان في المنزل نوعاً من الستائر، فتلك التي تدخل الضوء، مناسبة لغرفة الجلوس مع منع دخول الشمس بشكل مؤذٍ، لذا من الأفضل أن تكون شفافة، ولغرف النوم أيضاً يمكن أن تكون شفافة وحاجبة للرؤية من الخارج في الوقت نفسه، والبعض يفضّل الحجب الكامل.
وتشير إلى أن لكل نوع من الستائر طريقة لفتحه، ولكل ستارة قصة مختلفة عن أسباب طرق فتحها ما يتناسب مع الشكل الوظائفي للشباك، وطريقة فتحه أيضاً.
وللصيف، وفق حرب، أقمشة ستائر مختلفة عن الشتاء. وللداخل ستائر غير الخارج، التي قد تكون حول جلسة معينة وتكون من قماش الفوال Voile تسمح للهواء بالتموج، وللضوء بالدخول من دون أشعة شمس مباشرة ومسلّطة. وهي غير تلك الستائر التي تفصل بين الغرف وتكون ثابتة، ويمكن أن تكون من بلكسي plexi أو من خشب أو قماش ما...
وتضيف إلى أنه في بعض الأماكن يفضّل وضع الستارة من السقف حتى الأرض، أو على حدود النافذة، أو على طول الحائط، بحسب الغرفة واستخداماتها.
وتقول حرب إنه لا يوجد في قاموسها وصف "على الموضة". فلا الكلاسيك ولا الحديث هو الأفضل، كما تقول، بل الأفضل هو ما يكون جميلاً ومناسباً ويعطي قيمة إضافية.
أما الأقمشة الأكثر استخداماً فهي الحرير والجاكار والأورغنزا والشيفون والتول والكريب والساتان والبوليستر والنايلون وسواها...
أفكار مبتكرة
تشير الهاشم إلى انحسار كثافة الأقمشة في الستائر التي تقلّص حجمها مع تقلص عدد المفروشات في المساحات التي تعتمد الحداثة، فمثلاً يمكن الآن استخدام كنبة واحدة كبيرة بدل خمسة موزعة على كافة زوايا المكان.
وتقول إن الجيل الجديد لا يتوانى عن التغيير، ويتقبّل الموديلات الغريبة والمجنونة.
وتفضّل حرب من ناحيتها استخدام أفكار مبتكرة تذهب باتجاه إعادة التدوير، الذي يليق جداً بأسلوب حديث، ويكون صديقاً للبيئة في آن.
فالمادة الأساس للستائر تكون إما من الخرز، والأزرار أو من الكرتون والجرائد أو من أقمشة لم نعد نحتاجها. ويمكن أن تكون أيضاً من الفلين وقارورات البلاستيك أو سدّاتها. ومن الورد الاصطناعي فتشبه الستارة اللوحة الفنية، بخاصة في حالة عدم وجود مكان لأواني الزرع في المنزل، مما يضفي حياة وجمالية على المكان.
وتضيف أنه يمكن أن تكون الستارة من الأشرطة الملونة مع إدخال الإضاءة بطريقة جميلة إليها. أو من القش الناعم والخشب الرقيق من قشر الشجر، وتكون على شكل عامودي تسحب إلى جانب بعضها بعضاً، وتعطي شكلاً جميلاً.
كما أن أقمشة الشراشف القديمة، والثياب القديمة الجميلة النقشات، والكروشيه كلها يمكن تحويلها إلى ستائر.
ومن الأفكار الجميلة أيضاً أن تكون الستارة عبارة عن لوحة فارغة يرسم عليها الأطفال ما يشاؤون لغرفهم.
وتقول حرب "نوفّر على البيئة ونقلص الضرر البيئي في إعادة استخدام البلاستيك، فمن قناني البلاستيك مثلاً نستطيع الاستفادة من السدّات ومن قعر القنينة ومنها ككل إذا قطعناها بطريقة تفيد الاستخدام إما طولياً، أو عرضياً على شكل دوائر نشبكها ببعضها بعضاً، ونلونها فتكون مناسبة لغرف الأطفال".
وتختم أنه من الضروري جداً أن تكون ألوان الستائر متناسقة، وتضيف إلى النفسية راحة وشعوراً جميلاً لقاطني المكان.