جددت الحكومة اليمنية رفضها لمسودة الإعلان المشترك للحل السياسي الشامل في البلاد التي تقدم بها مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث.
واعتبرت الحكومة أن التعديلات التي أجراها غريفيث لمسودة مقترحات حل أزمة البلاد، منحازة لجماعة الحوثي.
جاء ذلك في تصريحات لوزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي، خلال لقائه، أمس الأحد في الرياض، سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
وأبلغت الحكومة الشرعية الدول الخمس، رفضها تعديلات المبعوث الأممي الجديدة المنحازة للحوثيين، فيما أكدت انخراطها مع جهود المبعوث وعملية السلام الأممية؛ إيماناً منها بدور الأمم المتحدة وحرصاً على السلام الدائم، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".
نسخة بمزاج حوثي
وأشار الحضرمي إلى أن الحكومة وافقت في مايو (أيار) 2020 على مقترحات المبعوث الأممي، بما في ذلك كل الترتيبات الاقتصادية والإنسانية المقترحة، وأعربت عن عدم موافقتها على التعديلات الجديدة التي أضيفت على المسودة السابقة والمنحازة للحوثيين.
ولفت وزير الخارجية إلى موافقة الحكومة على القضايا الخاصة بدفع الرواتب وفتح الطرقات، لا سيما تعز، وإطلاق كل المعتقلين والمحتجزين، وفتح مطار صنعاء للرحلات الدولية عبر الناقل الوطني، مبدياً رفض الحكومة التام لاستمرار اختطاف هذه القضايا من قبل الميليشيات الحوثية والاستمرار في وضع المزيد من الشروط التعجيزية غير القابلة للتنفيذ.
وتطرق الوزير اليمني للخطوات المنجزة على طريق تنفيذ اتفاق الرياض، موضحاً أن هناك جهوداً كبيرة ومقدرة يبذلها الأشقاء في السعودية للمساعدة في استئناف تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى حتمية وضرورة التراجع الواضح والصريح عما يسمى "الإدارة الذاتية للجنوب" وكل ما ترتب عليها، والالتزام التام والحرفي باتفاق الرياض، والكف عن اختلاق المعوقات أو الاستمرار في محاولة التصعيد على الأرض.
تنصل حوثي
وثمن الحضرمي الدور الذي تلعبه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن على دعمها لليمن ولعقد جلسة خاصة لحل قضية خزان النفط "صافر"، وألح على ضرورة استمرار ممارسة الضغط على الحوثيين لمعالجة هذه القضية وعدم ربطها ببقية القضايا، نظراً للخطورة والتهديد اللذين تشكلهما هذه الكارثة المحتملة على اليمن والمنطقة وتداعياتها البيئية والإنسانية والاقتصادية الخطيرة.
وأضاف أن الميليشيات الحوثية كما هو متوقع، قامت بالتراجع عما أعلنته من وعود لحل القضية قبل جلسة مجلس الأمن، وذلك برفضها السماح للفريق الأممي بالوصول للخزان العائم، ووضع المزيد من العراقيل واختلاق الذرائع والاستمرار في استخدامه كورقة سياسية للابتزاز.
تحرك أممي
وفي منتصف مايو الماضي، استأنف المبعوث غريفيث، مشاوراته لإحياء عملية السلام المتعثرة، ووقف الحرب، كاشفاً عن مبادرة أممية لحل الصراع اليمني بشكل شامل، تتضمن وقفاً كلياً لإطلاق النار ومعالجة الوضع الإنساني وتبادل الأسرى.
وتأتي تحركات غريفيث على وقع تصعيد عسكري واسع شهده عدد من جبهات القتال بين ميليشيات الحوثي من جهة، وقوات الجيش اليمني مسنوداً بالتحالف العربي من جهة أخرى، خصوصاً في مارب شرق البلاد.
وتبذل الأمم المتحدة منذ سنوات، جهوداً لوقف الاقتتال وبدء حوار شامل بين الأطراف اليمنية، إلا أنها لم تنجح في إحداث اختراق جوهري في جدار الأزمة المتفاقمة التي خلّفت واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، بحسب تصنيف الأمم المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن مكتب المبعوث الأممي في وقت سابق من الشهر الحالي، عن طرحه نسخة جديدة من مقترح لوقف شامل لإطلاق النار في اليمن واستئناف مشاورات السلام بين الحكومة اليمنية والحوثيين برعاية الأمم المتحدة.
وتداولت وسائل إعلام دولية بنود مسودة معدلة للحل السياسي التي سلمها غريفيث لما وصفته الأطراف الثلاثة الرئيسية في الأزمة، (الحكومة، الحوثيون، التحالف العربي) في إطار مساعي الأمم المتحدة لحل الأزمة اليمنية.
وتتضمن أهم بنود المسودة الأممية المعدّلة: وقف إطلاق نار شامل في كافة أنحاء اليمن يدخل حيز التنفيذ فور التوقيع عليه، وإلزام طرفي النزاع وجميع من ينتسب إليهما بوقف جميع العمليات العسكرية البرية والبحرية والجوية، وإطلاق جميع المعتقلين والمحتجزين وفقاً لاتفاق استوكهولم، وفتح الطرق الرئيسية في محافظات تعز والضالع (جنوب) وصنعاء ومارب والجوف (شمال)، إضافة إلى استئناف الرحلات الجوية لمطار صنعاء الدولي.
مقترح تم تعديله
وفي تصريحات سابقة، أكد الناطق باسم الحكومة اليمنية راجح بادي أن الحكومة سبق وأبلغت غريفيث بموافقتها على المبادرة، إلا أنه عاد بنسخة معدلة بعد مشاورات أجراها مع الحوثيين.
وفي إيضاح يفند دوافع الرفض الحكومي على النسخة الأممية المعدلة، أوضح بادي أن "النسخة الثانية تختلف كلياً أو جذرياً عن المبادرة السابقة التي وافقنا عليها ورفضها الحوثي، وتفاجأنا أن هذه المبادرة الجديدة أو التعديلات تتضمن مطالب الحوثيين المخالفة للمرجعيات الثلاث وللقانون الدولي، التي تثبت ما تقوم به هذه الميليشيات الانقلابية في كثير من المحافظات".
تهديد حوثي
وفي رد فعل، وصف الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام، الأمم المتحدة بإنها "منذ إنشائها لم تخرج عن العباءة الأميركية والبريطانية".
وأضاف عبدالسلام في حوار مع صحيفة "26 سبتمبر" الخاضعة لسيطرة الجماعة، أن "دول العدوان والأمم المتحدة لا تتعاطى بإيجابية مع أي مبادرة سلام ولا يريدون سلاماً عادلاً، إنما يريدون استسلامنا".
وبلغة تهديدية قال "إذا استمر المبعوث في هذه التصرفات فإن أيامه تطوى ولا نستبعد أن يكون ربما قرر في آخر المرحلة أن ينحاز بهذا الشكل، كما تعودنا من السابقين في آخر فتراتهم، يحاولون أن يحسنوا موقفهم مع دول العدوان لربما يحظوا بمكاسب سياسية أو أشياء أخرى في المستقبل".
أضاف "أمام المبعوث الأممي فرصة إذا استطاع أن يستغلها ويقدّم رؤية حقيقية لمشروع وقف العدوان وفك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية وإنهاء الحصار، أو على الأقل أن يصدر منه موقف واضح".