إلى ملحق بوزارة المالية الفلسطينية، تحوّل الصندوق القومي الفلسطيني منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، بعد أن عمل طوال العقود الماضية بمثابة وزارة المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومنذ انتقال القيادة إلى الأراضي الفلسطينية عام 1994، وتشكيل السلطة الفلسطينية وفق اتفاق أوسلو، أصبحت منظمة التحرير ومؤسساتها كافة تابعة بطريقة أو بأخرى للسلطة التي ولدت أصلاً بقرار من المنظمة.
وكان من ضمن هذه المؤسسات الصندوق القومي الفلسطيني الذي تأٌسس مع ولادة منظمة التحرير عام 1964 ليتولى المسؤولية عن موارد المنظمة، وتنميتها، وتمويل أجهزتها وهيئاتها ومكاتبها.
"كأداة لعقابها على مواقفها"
ومع أن النظام الأساسي لمنظمة التحرير ينص على أن رئيس الصندوق يُنتخب مباشرة من المجلس الوطني الفلسطيني ليصبح عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة، لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يترأس الصندوق منذ سنوات مع تكليف رمزي خوري بإدارة الصندوق من العاصمة الأردنية عمان منذ عام 2005.
وتتهم بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الرئيس عباس بأنه يستخدم الدعم المالي الذي يقدمه الصندوق لها "كأداة لعقابها على مواقفها"، مضيفة أنه يوقف دعمها المالي إذا خرجت عن توجهه السياسي.
وكان الصندوق القومي من بين المؤسسات الفلسطينية الأكثر تأثراً بتراجع دور منظمة التحرير لحساب السلطة، فتقلص دوره، وأوقفت الدول والمؤسسات العربية الدعم عنه. وهو ما أفقده الموارد المالية الأساسية التي يحتاجها للاستمرار في الوفاء بمسؤولياته.
وعلى الرغم من مسؤولية الصندوق عن ميزانية السفارات والممثليات الفلسطينية في العشرات من دول العالم، إلا أن وزارة المالية الفلسطينية هي من تصرف تلك الأموال.
كما يتولى الصندوق تحويل مخصصات جمعية الهلال الأحمر، و"جيش التحرير الفلسطيني"، ومؤسسة أسر الشهداء في العديد من دول العالم، كما أنه يقدم الدعم لمؤسسة ياسر عرفات ومؤسسة محمود درويش، والمجلس الأعلى للإبداع والتميز، واللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس، وبيت الشرق، ومركز الأبحاث الفلسطيني.
ويمتلك الصندوق القومي الفلسطيني عشرات العقارات في قارات العالم الخمس وتمكن من مضاعفتها إلى خمسة أضعاف لتصل إلى 153 عقاراً.
ومع أن خوري بدأ منذ توليه منصبه خطة للإصلاح الشامل للصندوق، ومأسسة علاقته مع السلطة الفلسطينية، لكنه لم يتمكن بعد من استعادة دوره المركزي المنصوص عليه في النظام الأساسي للمنظمة ولا يزال الصندوق القومي يعتمد أساساً على الموارد المالية التي توفرها السلطة الفلسطينية له.
رقم في موازنة السلطة
"الصندوق القومي تحوّل إلى رقم في موازنة السلطة الفلسطينية، وفقد أهميته، وأصبح غير فاعل"، قال النائب في المجلس التشريعي حسن خريشه، مشيراً إلى أن الرئيس عباس يستخدمه لعقاب فصائل منظمة التحرير في ظل عدم وجود رقابة حقيقية على نشاطاته، وحمّل خريشه الفصائل الفلسطينية المسؤولية عن وقف تمويل بعضها، لأنها لم تتخذ موقفاً موحداً تجاه تلك الإجراءات، مضيفاً أن تمويلها غير مبرر في الوقت الحالي لعدم قيامها بأي تحرك.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب أن الصندوق القومي الفلسطيني يتمتع بدور مهم للغاية في تمويل الفلسطينيين في الخارج والذين يبلغ عددهم نصف إجمالي الشعب الفلسطيني، لكنه أشار إلى أن تلقي الصندوق موارده المالية من وزارة المالية الفلسطينية، جاء بسبب انتقال الدعم العربي والدولي من منظمة التحرير إلى السلطة الفلسطينية، وقال حرب إن الصندوق القومي أصبح منذ تأسيس السلطة الفلسطينية يتلقى الأموال من وزارة المالية ويعيد توزيعها للقطاعات المسؤول عنها في خارج فلسطين، وأشار إلى أن الرئيس عباس أبقى الصندوق القومي تحت سيطرته المباشرة بهدف "تعزيز مركزية السلطة لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية"، مضيفاً أن حرمان الرئيس عباس بعض الفصائل من دعم الصندوق المالي يأتي بهدف سياسي.
يتم انتخاب رئيس مجلس إدارة الصندوق من بين أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، ويعد عضواً في اللجنة التنفيذية، ويتم تعيين مساعدين له للتخطيط المالي، والشؤون الاقتصادية.
لعب الصندوق القومي الفلسطيني دور وزارة المالية ، بالنسبة "للمنظمة"، حيث قام بالإشراف على شتى الأنشطة المالية للمنظمة، من إيرادات ونفقات، وتوجيه الاستثمارات في المسار الصحيح، وذلك في إطار الميزانية المعتمدة من المجلس الوطني الفلسطيني.