حصلت سلسلة من الأحداث اللافتة الثلاثاء الماضي. أولاً، وضعت بريتش بيتروليوم "بي بي" (شركة النفط البريطانية) خططاً لخفض إنتاج النفط بنسبة 40 في المئة خلال عقد من الزمن. ويتقدم التعهد بأشواط على الطموحات الغامضة إجمالاً، والأبعد أجلاً التي تطرحها أغلبية منافسيها، وهو يرسي أساساً يمكن للشركات الأخرى المنتجة للوقود الأحفوري أن تبني عليه.
وتعهدت "بي بي" أيضاً بخفض نسبة تتراوح بين 30 و35 في المئة بحلول عام 2030 من انبعاثات الكربون من عملياتها الخاصة، (وليس الوقود الأحفوري الذي تنتجه هي ويحرقه الآخرون). ولن يحصل تنقيب في بلدان جديدة. وستقيم "بي بي" شراكات مع ما يصل إلى 15 مدينة، وثلاثة "قطاعات أساسية" لمساعدتها كلها في خفض الانبعاثات الكربونية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وستزيد "بي بي" أيضاً إنفاقها الرأسمالي على مصادر الطاقة ذات الانبعاثات الكربونية المتدنية 10 أضعاف، بحيث يصل إلى خمسة مليارات جنيه إسترليني (6.55 مليار دولار) بحلول نهاية العقد الحالي.
وبعد وقت قصير من إعلان شركة "بي بي" النفطية العملاقة، امتدحتها "غرينبيس" لوضعها هذه الخطط. وكان قاضٍ قد غرّم "غرينبيس" نفسها 80 ألف جنيه إسترليني الشهر الماضي لمحاولتها منع "بي بي" من التنقيب عن مزيد من النفط في بحر الشمال.
وقال ميل إيفانز، وهو مسؤول أول عن الحملات لدى "غرينبيس" في المملكة المتحدة "لقد تنبهت "بي بي" BP إلى الحاجة إلى خفض انبعاثات الكربون خلال العقد الحالي من الزمن… وخفض إنتاج النفط والغاز، والاستثمار في الطاقة المتجددة، وهو ما يتوجب على شل، وسائر القطاع النفطي فعله لكي تسنح للعالم فرصة تلبية الأهداف العالمية الخاصة بالمناخ".
ودعت "غرينبيس" إلى مزيد من الإجراءات، قائلة "لكن ما جرى هو بداية ضرورية ومشجعة".
وحظي إعلان "بي بي" بدعم علني من جهة ثانية هي "فولو ذيس" Follow This، المجموعة الهولندية المتخصصة بالحملات، التي تملك أسهماً في الشركات النفطية الكبرى بهدف الضغط عليها في المسائل المناخية.
وقال مارك فان بال من "فولو ذيس" إن "بي بي تُعَد أول شركة نفطية رئيسة تتخذ إجراءات فعلية بدلاً من الاكتفاء بعرض طموحات لعام 2050 كما تفعل الشركات المماثلة".
يُذكر أن "بي بي" كثيراً ما اعتُبرت متأخرة عن منافساتها في التعامل مع أزمة المناخ، وها هي تعدل قوانين القطاع. وتُعَد التزاماتها ملموسة، فهي تشمل أهدافاً يجب تحقيقها في المستقبل القريب نسبياً، ويمكن بسهولة قياس أدائها على ضوء هذه الأهداف.
وقال برنارد لوني، الرئيس التنفيذي لـ"بي بي"، حين تولى المنصب الأرفع فيها في وقت سابق من هذا العام، إنه يخطط إلى "إعادة ابتكار" الشركة التي يربو عمرها على 111 سنة.
ولا يزال ثمة كثير من الإجراءات الواجب اتخاذها لبلوغ هذا الهدف، وسيشير المشككون إلى وعود سابقة لم تتحقق، لا سيما زعم "بي بي" قبل 20 سنة أنها متجهة إلى "تجاوز البترول" Beyond Petroleum.
وإلى الآن، تتسم استثمارات "بي بي" في مصادر الطاقة المتجددة بالتواضع مقارنة باستثماراتها في الوقود الأحفوري.
ففي عام 2017، أنفقت "بي بي" 200 مليون دولار لشراء حصة في "لايتسورس" Lightsource، وهي واحدة من أكبر شركات الطاقة الشمسية في أوروبا. وفي عام 2018، دفعت 160 مليون دولار ثمناً للشركة البريطانية "تشارجماستر" Chargemaster، التي توفر نقاط شحن للمركبات الكهربائية.
ويبدو المبلغان ضئيلين مقارنة بـ10.5 مليارات جنيه إسترليني أنفقتها "بي بي" في عام 2018 لشراء أصول الصخور الزيتية الخاصة بـ"بي إتش بي بيليتون" BHP Billiton، وهي أصول ضارة بالبيئة في شكل خاص تُستخدَم لإنتاج النفط والغاز.
وفي تطور مشجع لـ"بي بي"، بدا أن الالتزام بخفض طموح وسريع للانبعاثات الكربونية نال إعجاب الأسواق إلى جانب الناشطين البيئيين.
فعلى رغم خفضها الأرباح المخصصة للمستثمرين إلى النصف، وإعلانها خسارة أساسية فصلية بواقع 6.7 مليار دولار، ارتفع سهم "بي بي" بنسبة 3.4 في المئة الثلاثاء.
وربما، وربما فقط، ستشجع أرقام كهذا الرقم "شل"، و"إكسون"، و"شيفرون"، وغيرها للانتباه لما يجري وما يجب فعله.
© The Independent