دفعت إحصائية لمنظمة الصحة العالمية الحكومة الأردنية إلى حظر التدخين في الأماكن العامة وفرض عقوبات مشددة، بعدما تبين أن لدى المملكة أعلى معدلات تدخين السجائر في العالم بنسبة 82 في المئة من السكان.
ووسط اتهامات الحكومة بالتراخي في تطبيق القانون، بموازاة عدم التزام أو اكتراث المواطنين، أظهرت أرقام مقلقة أن الأردنيين يدخنون ما معدله 21 سيجارة يومياً، بينما تخسر الدولة سنوياً نحو مليار دولار جراء ذلك، ويفقد أردني من بين كل خمسة حياته بسبب ذلك.
ويفرض قانون الصحة العامة غرامة على المدخنين في الأماكن العامة تراوح ما بين 150 إلى 250 دولاراً، فضلاً عن عقوبة الحبس لمدة ثلاثة أشهر، بينما تصل قيمة الغرامات المترتبة على المنشآت العامة إلى نحو 5 آلاف دولار.
المدخنون وكورونا
ودقت منظمات اجتماعية ناقوس الخطر من أن حظر التدخين في الأماكن العامة في الأردن منتهك وغير مفعّل ولا يلتزم به أحد، كما أن التدخين سيظل مسموحاً به في المناطق الخارجية في الفنادق والمقاهي والمطاعم بموجب اللوائح الجديدة.
ووفقاً لمراقبين، فإن كل الجهود المبذولة في هذا السياق ذهبت أدراج الرياح، خصوصاً مع سطوة شركات التبغ في الأردن وتأثيرها في القرارات الحكومية، من طريق تقديمها التبرعات والأعمال الخيرية.
ويسخر أردنيون من هذه الظاهرة بالقول إنهم باتوا في المرتبة الأولى أخيراً، فبحسب منظمة الصحة العالمية حل الأردن أولاً من حيث عدد السجائر المستهلكة للفرد يومياً، إذ يدخّن الأردني ما معدله 21.3 سيجارة في اليوم، تليه تركيا وأوكرانيا والولايات المتحدة.
لكن الباحث الأردني ضرار بلعاوي يشكك في الدراسات والأرقام التي تتحدث عن أن 80 في المئة من الأردنيين مدخنون، ويقول إن النسبة الحقيقة لا تزيد عن51 في المئة، وهي نسبة مرتفعة أيضاً.
وفي محاولة منها للتحذير من مخاطر التدخين بثت الحكومة رسائل توعية تشير إلى أن المدخنين أو الذين يتعرضون للتدخين السلبي هم أكثر عرضة للمعاناة من فيروس كورونا.
وأعلنت وزارة الصحة الأردنية في يونيو (حزيران) حظر التدخين بأشكاله كلها في الأماكن العامة المغلقة بنسبة 100 في المئة، حرصاً على سلامة المواطنين في ظل جائحة كورونا.
الأسباب
يرجع متخصّصون سبب وجود الأردن على رأس القائمة عالمياً من حيث انتشار التدخين، إلى ثلاثة أسباب. ووفقاً لرئيس قسم الأمراض الصدرية في مركز الحسين للسرطان فراس هواري، فإن هذه الأسباب هي عدم تطبيق بنود الاتفاقية التي صادق عليها الأردن في العام 2004، وهي بمثابة خطة لخفض نسب التدخين، وعدم الالتزام بتطبيق قانون الصحة العامة الرقم 47، الذي أقره الأردن عام 2008 ويفرض حظر التدخين في الأماكن العامة. أما السبب الثالث فهو دخول صناعة التبغ إلى الأردن وترويجها بين المراهقين والأطفال.
900 مليون دولار خسائر سنوية
في حسابات الربح والخسارة، تؤكد رئيسة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان الأميرة دينا مرعد، أن الأردن يخسر سنوياً جراء التدخين نحو 900 مليون دولار، كما أن إنفاقه يبلغ نحو مليار ونصف المليار دولار وهو رقم يمثل ما نسبته 6 في المئة من الناتج المحلي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير مرعد إلى إحصائيات منظمة الصحة العالمية التي تعتبر أن الأردن يمتلك النسبة الأعلى من المدخنين على مستوى منطقة الشرق الأوسط، بينما يموت 9 آلاف أردني سنوياً نتيجة أمراض يتسبب بها التدخين.
وتعتقد مرعد أن لدى الأردن مشكلة في آلية تطبيق التشريعات المتعلقة بحظر التدخين مثل قانون الصحة العامة.
من ناحية ثانية، يشير تقرير صادر عن دائرة الإحصائيات العامة إلى حجم الإنفاق الكبير لدى الأسر الأردنية على التدخين وبنسبة بلغت 4.4 في المئة من مجموع الإنفاق على السلع والخدمات، ويبلغ معدل الإنفاق الشهري للفرد على السجائر ما يقارب 100 دولار.
الأطفال والمراهقون مدخنون
ويكشف رئيس قسم الوقاية من أمراض التدخين في وزارة الصحة الأردنية كامل رواشدة، عن انتشار التدخين بين الأطفال والمراهقين بشكل لافت، خصوصاً السجائر الإلكترونية والأرجيلة. وتبلغ نسبة التدخين بين النساء نحو 17 في المئة من عدد السكان.
ولا يتردد كثير من محال بيع التبغ أو المقاهي في بيع الدخان للأطفال والمراهقين خلافاً للتعليمات. وتظهر دراسات لوزارة الصحة انتشار التدخين بين الفئة العمرية من 13 إلى 15 وبشكل كبير.
ويعتقد الكاتب موفق ملكاوي أن ثمة سياسات حكومية خاطئة إلى جانب قلة اكتراث المواطنين، ومنها أن شركات التبغ باتت تشكل قوة ضاغطة في الأردن بحجة أنها ترفد خزينة الدولة بالمليارات سنوياً.
ويدعو ملكاوي إلى رفع أسعار السجائر لأن رخصها يشجع حتى الأطفال والمراهقين على شرائها.