أعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني، مارس (آذار) المنصرم، حالة الطوارئ الصحية في كل أنحاء البلاد، لمواجهة تفشي فيروس كورونا، بعد ظهور عدد من الحالات، وشمل الإغلاق المعابر الحدودية أمام حركة الدخول والخروج للبلاد.
وبعد ستة أشهر، أعلنت لجنة الطوارئ أخيراً رفع الحظر المفروض في الخرطوم بسبب كورونا، بعدما كان فُتح المجال الجوي أمام الرحلات المقبلة من بعض الدول وتسيير رحلات إلى الخارج مع ضرورة تقديم فحص يوضح سلامة القادمين من الإصابة بفيروس كورونا.
وجهزت الجهات المختصة في أثناء الأزمة مراكز عزل لاستقبال المصابين، مع توفير الأدوية والمستلزمات الطبية. وكانت اللجنة برئاسة وزير الصحة السابق أكرم التوم، الذي أُقيل بعد اتهامه بالفشل في السيطرة على الفيروس، على الرغم من اعتبار الكثيرين أن الأخير قدم الكثير في أثناء الجائحة، لكن قطاع الصحة المنهار حال دون السيطرة على المرض، قد أعلنت استعدادها لتداعيات ما بعد قرار رفع الحظر.
كورونا في السودان
وأصاب فيروس كورونا 13535 شخصاً في السودان، بينما تُقدر الحالات التي تماثلت للشفاء بنحو 6759 حالة، إضافة إلى 836 حالة وفاة بالفيروس.
وترى لجنة الطوارئ أن أعداد المصابين والمتوفين من جراء الفيروس في تناقص، لكن رفع الحظر لا يعني تجاهل كورونا، إذ أصدرت وزارة الصحة توجيهات للحد من انتقال الوباء، بخاصة مع احتمال تفشي مزيد من الأوبئة.
تخفيف الأنشطة
وعلى الرغم من رفع الحظر، ما زالت السلطات تطبق الاحترازات الوقائية، والحظر ما زال مستمراً على صالات الأفراح، بينما سيجري إعلان فتحها مطلع الشهر المقبل، على أن تغلق أبوابها عند العاشرة مساءً، مع تطبيق التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة، وفرض ارتداء الكمامة في البنوك والمطاعم والمراكز التجارية.
وقال المسؤول في وزارة الصحة بولاية الخرطوم مصعب محمد لـ"اندبندنت عربية"، "وزارة الصحة قررت رفع الحظر بعد أن تأكدت من انحسار الفيروس في السودان، لكن ما زالت تطبق الإجراءات الاحترازية، ولدينا خطة للسيطرة عليه في حالة ظهور حالات جديدة". وأضاف "كان لا بد من رفع الحظر الذي استمر طويلاً، حتى يعود الناس إلى أعمالهم، والحياة إلى طبيعتها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تفشي الأوبئة
من جهة أخرى، رفعت السلطات الحظر رغم احتمال تفشي مزيد من الأوبئة، خصوصاً مع الفيضانات، فالبلاد مهددةً بتفشي أمراض عدة، مثل الملاريا والكوليرا وغيرهما، ما اعتبره البعض كارثة. وتعتبر الطبيبة فاتن يحيى أن "الجهات المسؤولة لم تطبق الحظر كما يجب حتى تعلن رفعه، فالناس كانوا يقومون بنشاطاتهم كاملة في أثناء ذروة الفيروس، ما يعني أن الحظر كانت له أسباب أخرى. كان يجب أن يُطبق الحظر بطريقة احترافية، خصوصاً أن الوضع الصحي سيئ، ولا يحتمل أعداداً كبيرة من المصابين، ومع الفيضانات وظهور أمراض عدة، خصوصاً الملاريا، كان يجب أن تواصل الجهات المعنية فرض حظر التجول، بل التشدد فيه حتى تتمكن من السيطرة على الفيروس الذي لم يُكتشف له لقاح حتى الآن".
في سياق متصل، يقول الصيدلي عمرو جمال لـ"اندبندنت عربية"، "الطلب على الأدوية ما زال كبيراً جداً حتى وسط الأشخاص السليمين بعد تفشي فيروس كورونا الذي أصبح يُشكل ذعراً للناس. حالياً نعاني ندرة الدواء، وهذا الأمر مستمر منذ أكثر من تسعة أشهر، الصيدليات شبه خالية، والطلب عال، والخطوة التي اتخذتها السلطات برفع الحظر نهائياً جريئة، تحتاج إلى أن تكون البلاد مؤهلة والمستشفيات مجهزة، والأدوية متوفرة، وهذا الأمر لا ينطبق على السودان الذي يعاني انهياراً تاماً في النظام الصحي، وندرة الدواء وسوء الخدمات في المستشفيات، ما يعني أن البلاد ربما تتعرض لانتكاسة".
بين مؤيد ورافض
بعد حظر دام أشهراً طويلة، في وضع اقتصادي سيئ حرم الآلاف من الحصول على لقمة العيش على الرغم من حرص وزارة الرعاية الاجتماعية والمتطوعين والمقتدرين على توفير الحاجات الأساسية لأصحاب الأعمال الهامشية، فإن الخرطوم تضررت كثيراً جراء الحظر الذي فرضته السلطات، الذي أفقد آلاف الاشخاص وظائفهم، بعد توقف نشاط المطاعم والمحلات التجارية، وآثار الإغلاق السلبية مستمرة حتى الآن.
وارتفعت أسعار السلع بصورة جنونية بعد ارتفاع الجنيه مقابل الدولار. ويقول التاجر في سوق أمدرمان محمد عمر، "الإغلاق الذي دام أشهراً طويلة أثر في نشاطاتنا التجارية، وخسرنا خلاله كل ما نملك، وحالياً بدأنا من الصفر. لم يقدم المسؤولون خطة بديلة، وكان الإغلاق غير مدروس، نحن نعمل في السوق منذ سنوات طويلة، واستطاع الإغلاق تدمير ما بنيناه سنوات طويلة، كيف ستكون حال أصحاب الأعمال الصغيرة؟ من المؤكد أنها تدمرت بالكامل".
وأغلقت محلات تجارية ومطاعم ووكالات سفر عدة في الخرطوم على إثر الجائحة، وكان الإغلاق المفاجئ صادماً لها، وجاء قرار إعادة الفتح متأخراً، ما جعل المئات يعتبرون كورونا عدوهم اللدود.