بعد أيام من تهديد النظام الإيراني البحرين بعمليات "انتقام" إثر دخولها في سلام مع إسرائيل، أعلنت المملكة الخليجية إحباطها مخططاً كبيراً وصفته بـ "الإرهابي"، أراد تنفيذ سلسلة اغتيالات تستهدف وفوداً أجنبية وحرس شخصيات مهمة في البلاد، في أول تصعيد يعتقد أن طهران تقف خلفه، بعد تجديد الأميركيين العقوبات الأممية ضدها.
وأكد رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس النواب البحريني محمد السيسي البوعينين لـ "اندبندنت عربية"، أن الأجهزة الأمنية في المملكة تمكنت بالفعل من إحباط عدة مخططات إرهابية وليس مخططاً واحداً، جرى الإعداد لها "تحت إشراف قيادات من الحرس الثوري الإيراني الإرهابي، وعدد من الهاربين الموجودين في إيران، والذين يعملون على تجنيد عناصر إرهابية من البحرين، وتدريبها على صناعة المتفجرات، وإمدادها بالسلاح والمال لتنفيذ أعمال إرهابية تستهدف مقدرات البحرين والإضرار بمصالح شعبها".
وكانت صحيفة أخبار الخليج البحرينية نقلت عن "مصادر في وزارة الداخلية" أن تحريات وعمليات بحث أسفرت عن "شروع عناصر في إيران بتشكيل تنظيم إرهابي جديد تحت مسمى "سرايا قاسم سليماني"، وتم وضع مخطط لتفجير عدد من المنشآت العامة والأمنية في البحرين، بعد العثور على عبوة متفجرة بالشارع العام بمنطقة البديع وضعت من قبل عناصر التنظيم، وكانت معدة لاستهداف وفد أجنبي حضر إلى البحرين في زيارة رسمية".
وذكرت الصحيفة أنه جرى ضبط أحد المتهمين بمسكنه في منطقة سار، وعثر بمنزله على قوالب متفجرة ومواد تستخدم في صناعة المتفجرات، وأجهزة استقبال وعملات أجنبية، وكتب مرتبطة بالفكر الإرهابي، وذلك بحسب ما كشف عنه ملف القضية التي تنظرها المحكمة الجنائية، والتي تضم 18 متهماً، بينهم تسعة هاربين إلى إيران، ومن المقرر أن تستمع غداً إلى مرافعة دفاع المتهمين. ولم ترد وزارتا الداخلية والخارجية في البحرين على اتصال وأسئلة "اندبندنت عربية" للتعليق على التطورات المشار إليها.
المخطط يعود إلى العام الجاري
ورداً على ما نشرته صحيفة "أخبار الخليج"، أصدرت وزارة الداخلية، في وقت متأخر من مساء الأحد، بياناً أقرت فيه بحدوث المخطط لكنها نفت أن تكون القضية جديدة.
وقال البيان "القضية المشار إليها، تعود إلى بداية العام الجاري وهي منظورة حالياً أمام المحكمة المختصة كما أن نشر تفاصيل القضية بشكل غير دقيق وبهذا الأسلوب، يؤثر على سيرها أمام المحكمة وكان الأحرى بالصحيفة (أخبار الخليج) مراعاة الإطار الزمني الصحيح والواقعي وفي هذا السياق فإننا نهيب بكافة وسائل الإعلام الالتزام بالمعايير المهنية المعمول بها في هذا المجال".
وجددت الوزارة تأكيدها على التزام الأجهزة الأمنية في البلاد بـ"أداء واجباتها في حفظ أمن الوطن. كما تتطلع مملكة البحرين لأن يسود الأمن والسلام ربوع المنطقة، وأن يدرك العالم أن البحرين، بلد التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر، باعتبار ذلك أساسا لتحقيق السلام العالمي".
بدورها، قالت المتحدثة الإقليمية باسم الخارجية الأميركية جيرالدين جريفيث إن بلادها، التي تضم البحرين إحدى أكبر قواعدها في المنطقة، ترى أن العملية وسواها دليل على أن إيران "لا تمل من نشر الموت والفوضى في أرجاء الشرق الأوسط والعالم".
ورداً على التهديدات الإيرانية بالانتقام، وما إذا كانت واشنطن تتوقع من طهران تصعيداً في الخليج بعد تجديد العقوبات ضدها، قالت جريفيت لـ "اندبندنت عربية"، إن أميركا لا تتفاجأ بأي سلوك عدواني من إيران، "فأي شيء تفعله ليس بجديد على نظام إرهابي مثلهم، إنهم يطلقون التهديدات يميناً ويساراً، وسمعنا كثيراً من تهديداتهم وهي ليست بأمر جديد. لهذا السبب أوضحت إدارة الرئيس ترمب أن الولايات المتحدة ستفعل كل ما يلزم لمنع إيران، وهي الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم، من نشر الموت والفوضى في أرجاء الشرق الأوسط والعالم".
أميركا ترد بأن "كل السبل على الطاولة"
ولكنها إزاء ذلك تؤكد بأن "كل السبل مطروحة على الطاولة في ما يتعلق بإيران، فنحن نتمنى لو أنها ترد على دبلوماسيتنا بالدبلوماسية، ولكنها دائماً ترد بالعنف ونشر مزيد من الفوضى والابتزاز النووي، وآخر الخطوات التي اتخذناها هي إعادة فرض العقوبات الأممية على النظام الإيراني، وهي لا تقتصر فقط على حظر بيع وشراء إيران للأسلحة، بل تتضمن أيضاً حظراً على مشاركتها في أية أنشطة متعلقة بالتخصيب وعمليات إعادة المعالجة، وحظر اختبار إيران وتطويرها للصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية، وفرض عقوبات على نقل التقنيات النووية والصاروخية إليها. سنواصل عقوباتنا حتى تقبل إيران بالجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل لصفقة شاملة يكون فيها تغيير لسلوكها".
وحول ما إذا كان التصعيد المتوقع من طرف النظام الإيراني يستدعي احتياطات جديدة في الإقليم، تفيد الخارجية الأميركية بأنها "تعمل بشكل وثيق مع شركائها وحلفائها في المنطقة للتصدي لتهديدات إيران الإرهابية، وأن هناك مشاورات كثيرة مع حلفائنا وعلاقاتنا ممتازة مع الجميع، وهناك تعاون أمني وعسكري كبير".
في هذا السياق، اعتبرت أن "من المهم جداً أن نتحدث عن وحدة دول مجلس التعاون الخليجي. هذه الوحدة مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، لأن دول الخليج تواجه التحديات نفسها، وفي نهاية المطاف تتشارك المصالح نفسها أيضاً. لقد طال النزاع الخليجي كثيراً، وتعتبر الولايات المتحدة أن حله من مصلحة الأطراف في المنطقة والولايات المتحدة، بخاصة لمواجهة إيران، فهذا النزاع لا يخدم سوى خصومنا، ويضر بمصالحنا المشتركة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلى ذلك، ندد المسؤول البحريني باستمرار المحاولات والمخططات الإيرانية "البائسة للقيام بأعمال إرهابية تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين"، مؤكداً أنها تتنافى تماماً مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، لما يترتب عليها من تعريض لأرواح الأبرياء وممتلكاتهم للخطر، والتخريب والإضرار بالمنشآت الحيوية في المملكة".
غير أن المهندس محمد السيسي أعرب عن ثقته بكفاءة واحترافية الأجهزة الأمنية التي "تمكنت من إحباط المخطط الإرهابي الآثم"، مثمناً الجهود الوطنية الجبارة لجميع منسوبي وزارة الداخلية من "ضباط وضباط صف وأفراد في تحقيق الأمن والأمان والاستقرار بقيادة الفريق أول الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، في سبيل حماية أمن واستقرار البحرين، والحفاظ على المقدرات والمكتسبات الوطنية المتحققة في البحرين".
ولا تنكر السلطات الإيرانية عملها ضد المصالح الأميركية في الخليج، إذ قالت أخيراً إن جميع قواعد واشنطن هناك في مرمى صواريخها، لكنها غالباً لا تتبنى العمليات التي يتم إحباطها أو المنفذة بشكل محدد، بالرغم من تعهدها بالمضي في الانتقام لجنرالها الذي اغتاله الأميركيون في بغداد مطلع العام الحالي، وهي التهديدات التي اتخذتها واشنطن دليلاً على ضرورة إعادة العقوبات الأممية على النظام الإيراني، متعهدة بأنها ستعاقب الدول والهيئات التي تنتهك قرار تجديد تلك العقوبات.
قنبلة نهاية العام؟
وكانت الخارجية الأميركية قبل إعلانها الفصل الجديد من العقوبات الأممية ضد إيران، حشدت في تقرير موسع سجل النظام الإيراني في تهديد سلامة وأمن المنطقة والعالم، بما في ذلك خرقه لتعهداته الدولية في شأن البرنامج النووي، وأعربت واشنطن عن اعتقادها أن "إيران تمتلك مواد تمكنها من صناعة قنبلة نووية نهاية العام".
كما كشف التقرير عن ترسانة النظام الصاروخية التي تستهدف أمن جيرانها والملاحة الدولية، ودعمها منظمات إرهابية مثل حزب الله والحوثي، وبعض التشكيلات المسلحة في العراق وسوريا، إلا أن النظام الإيراني يرى أن واشنطن هي من تؤدي سياساتها في المنطقة والعالم إلى تهديد الاستقرار والأمن الدوليين.
وفي غضون التهديدات المتبادلة بين الطرفين، أعلنت البحرية الأميركية قبل يومين أن مجموعة هجومية بقيادة حاملة الطائرات "نيميتز"، تضم طرادين مزودين بصواريخ موجهة مع مدمرة، أبحرت في الخليج للعمل والتدريب مع شركاء لدعم التحالف الذي يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في المنطقة.