من بين 20 أغنية طرحت ضمن ألبوم المطربة أصالة نصري الجديد "لا تستسلم"، حصدت أغنية "رفقاً" حالة كبيرة من الجدل، إذ تصدر هاشتاغ "أصالة... اخرسي" موقع تويتر بعد ساعات من طرح الأغنيات رسمياً. ويومياً تتوالى المستجدات، من شد وجذب وتأييد ومعارضة ولغط، إلى أن حسم مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الأمر، وأصدر بياناً نصح فيه بعدم الاستماع إلى الأغنية ـ من دون أن يسميها ـ لأن الاقتباس من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام "غير جائز شرعاً" ولا يليق بمقام النبي الكريم ـ بحسب ما يؤكد البيان ـ إذ إن أغنية أصالة تحتوي على عبارة نصها من حديث صحيح عن الرسول وهي "استوصوا خيراً بالنساء"، فهل أصالة لن تستسلم ولن تتراجع عملاً بدعوة عنوان ألبومها، أم أن البيان الذي صدر عن الأزهر قد يجعل شركة روتانا التي قدمت معها أصالة العمل تبادر إلى حذف الأغنية وتغلق صفحة هذه القضية؟
أغنية أصالة تشعل الجدل بعد "بالبنط العريض" للجسمي
يقول مطلع أغنية رفقاً: "رفقاً بمن عنهن قيل... استوصوا خيراً بالنساء... فقد خلقن بضعفهن... وزادهن الله حياء"، وهي من كلمات الشاعر محمد أبو نعمة وتلحين سهم وتوزيع خالد عز، وكلمات الأغنية باللغة العربية الفصحى في ألبوم أصالة الجديد، وتتحدث عن ضرورة معاملة النساء بالحسنى مستندةً في بعض ألفاظها وأبياتها إلى الحديث الشريف: "استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فاستوصوا بالنساء خيراً". وتأتي أزمتها بعد أسابيع قليلة من أزمة مماثلة تعرّض لها المطرب الإماراتي حسين الجسمي بأغنية "بالبنط العريض" التي تجاوز عدد مشاهديها الـ135 مليون مشاهدة عبر يوتيوب، وكتبها أيمن بهجت قمر ولحنها الجسمي، والتي يقول فيها: "حبيبي بالبُنط العريض غالي وأقرب من الوريد"، وقد اعتبر البعض الأغنية تحمل مقارنة بالذات الإلهية استناداً إلى قوله تعالى في سورة "ق": "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"، ووقتها ردّ مؤلفها في تغريدات عدة أن هذا الاتهام "بمثابة نظرة ضيّقة"، ورفض تماماً كل التفسيرات الغاضبة.
بيان حاسم من الأزهر
لكن الوضع الآن بات مختلفاً مع أغنية النجمة السورية بعد بيان مجمع البحوث الإسلامية الذي صدر أخيراً مع هاشتاغ "دفاعاً عن سنة النبي"، وجاء فيه: "تابع مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف ما تم تداوله في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أخيراً من اقتباس الأغاني بعض الجمل من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأكد المجمع في تعليقه على هذا الأمر، أن الاقتباس من الحديث النبوي أو جملة منه ليصبح جزءًا من أغنية، أمر لا يليق بمقام النبوّة ولا بمكانة الأنبياء -عليهم أفضل الصلاة والسلام- ولا يجوز شرعاً لما قد يلابس أداء الأغاني ويلتصق بها من أمور تتنافى وجلال النبوّة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان لافتاً أن البيان حضّ بشكل صريح على عدم الاستماع إلى الأغنيات التي ينطبق عليها هذا الوصف وعدم تداولها أو الترويج لها. وأوضح المجمع في بيانه أنه "انطلاقاً من واجب النصيحة لله ورسوله وعامة المؤمنين وخاصتهم، فإن مجمع البحوث الإسلامية، ينصح المسلمين كافة بعدم التعرّض لسماع مثل هذه الأغاني أو التغني بها أو ترويجها، وعليهم أن يعلموا أنهم مأمورون بتوقير هذا النبي العظيم –صلى الله عليه وسلم– وإعزازه، وإعلاء قدره ومقامه والبعد بأحاديثه الشريفة عن ساحات التسلية واللهو".
مؤلف الأغنية يدافع عن موقفه ويستشهد بالتراث ورأي العلماء
في حين يرى بعض المدافعين أن الاقتباس من القرآن والسنّة موجود في الأناشيد والشعر منذ صدر الإسلام مروراً بعصور عدة، فينسب إلى بديع الزمان الهمذاني: "إذا ما حللت بمغناهم... رأيت نعيماً وملكاً كبيراً" وهو اقتباس قرآني، وهناك مئات النماذج، وهو الأمر الذي يستشهد به الشاعر محمد أبو نعمة والذي سبق أن تعاون مع أصالة أيضاً قبل أكثر من عام في أغنيتها الشهيرة "بنت أكابر"، فيقول في تصريحات خاصة لـ"اندبندنت عربية" تعليقاً على بيان مجمع البحوث الإسلامية: "بالطبع أضع رأي الأزهر فوق رأسي إجلالاً وتقديراً، لكن في نفس الوقت هناك علماء من الأزهر الشريف قالوا رأياً صريحاً إن الأمر مسموح به طالما أن رسالة العمل محمودة وهادفة وتروّج لموضوع مفيد، وهذا كان رأي الشيخ أحمد التركي الذي لم يمانع تحويل المعاني السامية إلى أغنيات"، مشيراً إلى أن "الاقتباس هنا جائز، وبالنسبة إلى الشيخ أسامة الأزهري خصوصاً أن معاني الأغنية نبيلة، إذاً فهذا رأي أيضاً لفريق من الشيوخ الأجلاء في الأزهر".
واستشهد الشاعر محمد أبو نعمة أيضاً برأي شوقي علام، مفتي الديار المصرية في ما يتعلق بالاستماع إلى الأغنيات، موضحاً "شوقي علام قال إن الأغنيات والموسيقى ليست حراماً طالما أن مواضيعها تدعو إلى التصرفات الجيدة، ولا تحوي ألفاظاً مذمومة، والشيخ العلامة جلال الدين السيوطي لا يمانع الاقتباس من الحديث الشريف طالما أن الموضوع يقع في نطاق التهذيب والدعوات الطيبة، وأغنية رفقاً تندرج تحت هذا البند، وهذا ما فعلته، فالأمور كلها هنا حلال".
وعلى الرغم من الجدل الذي لم ينقطع منذ طرحت أغنية "رفقاً"، تواصل أصالة حملتها الترويجية لألبوم "لا تستسلم" بالشكل المعتاد، وتتجاوب مع متابعيها أيضاً بخصوص أغينات ألبومها، لكنها لم تعلّق حتى الآن على الأغنية مثار الأزمة، وقد حاولت "اندبندنت عربية" التواصل معها ولكنها لم ترد.