استقبل برج الأمل في مركز بنغازي الطبي 1050 حالة مصابة بفيروس كورونا منذ مارس (آذار) الماضي، وسجلت 900 حالة في مستشفى الهواري. ومع توقع ارتفاع العدد، فهناك مخاوف من النقص الحاد في العناصر الطبية، في الوقت الذي انتشرت فيه الكمامة ودق ناقوس الخطر إثر تخطي حاجز الـ 10 آلاف إصابة في عموم ليبيا، إلا أن تنظيم المناسبات الاجتماعية مستمر، وتزدحم المصارف بحثاً عن السيولة، وتعمل أماكن التسوق والترفيه من دون ضوابط خاصة للوقاية من كورونا.
وما بين الشك واليقين والراحة والخوف لدى الناس، يجهل المتخصصون سلوك الفيروس، ويردد البعض نظرية المؤامرة والتضخيم الإعلامي، لذلك تشير التوقعات الطبية إلى شتاء صعب سيشهد تسجيل إصابات مضاعفة في حال عدم وضع استراتيجية قابلة للتنفيذ. وهناك من يرى أن الحل في التعايش مع الجائحة.
المسحات الطبية ليست للجميع
في منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي، أعلنت إدارة مركز بنغازي الطبي بناء على توصية اللجنة الاستشارية الطبية لمكافحة الوباء التابعة للحكومة المؤقتة، عن عدم قدرتها على استقبال أعداد كبيرة واستقبال الحالات ذات الأعراض المتوسطة في الأقسام والوحدات الطبية في مركز برج الأمل. ويصف رئيس مكتب مكافحة العدوى في وحدة العناية المركزة الطبيب عبدالمنعم أعبيد الوضع الصحي في بنغازي بـ "السيء"، مضيفاً "نحن نعاني نقص المسحات الطبية الأنفية، فالكميات الموجودة ليست للجميع، إنما للحالات عالية الاشتباه وذات الأعراض الواضحة، وستنتج عن ذلك أرقام غير دقيقة، إذ يوجد أشخاص لم تظهر عليهم أية أعراض لكنهم مصابون بالفيروس".
ويتوقع أعبيد أنه "من بين كل 100 شخص هناك ما بين 60 إلى 70 إصابة، فالفئات العمرية الصغيرة في العادة لا تظهر عليها الأعراض، ومعظم الموجودين في العناية المركزة من عمر 65 إلى 80 سنة.
ويؤكد رئيس المركز الليبي للدراسات والبحوث الإكتوارية الدكتور عبدالغفار المنفي، أن "هذه الفئة العمرية تشكل خمسة في المئة من مواطني ليبيا". ويقول إن "خمسة في المئة من السكان غير مقتنعين بأن كورونا موجود بيننا"، ويصفهم بأنهم "الأخطر على الآخرين"، مبدياً أسفه لأن "الإعلام غير متعاون مع مراكز الإحصاء، فالعمل يجب أن يكون داخل دائرة واحدة، إذا ما أردنا السيطرة على تفشي الفيروس".
الكمامة جريمة والتعايش هو الحل
ويعتبر أعبيد أن "كورونا هو آخر اهتمامات الدولة، والإعلام يركز على الانقسام السياسي والنفط وما إلى ذلك، وينتقد "عدم التوثيق" الذي "أدى إلى افتقار المركز الطبي إلى قاعدة البيانات والإحصاءات، الأمر الذي قادنا إلى الجهل بسلوك الفيروس، وصعّب مهمة السيطرة عليه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منذ بداية الجائحة حتى الآن، يعتمد كثير من الناس على المضادات الحيوية الطبيعية، كالثوم والقرنفل والبصل والليمون والزنجبيل وغيرها. وفي هذا الصدد يعتبر رئيس منظمة التداوي بالأعشاب والحجامة أشرف النمر، أن "ارتداء الكمامة جريمة وظلم وهلاك، ويستغرب الأطباء الذين درسوا ولم يفهموا أن الأوكسجين في الشهيق يتحول إلى ثاني أوكسيد الكربون عند الزفير، فيرتد من الكمامة إلى داخل الفم كما هي الحال عند العطس والكحة". وهذا أمر غير صحي. ويؤكد النمر أن التعايش مع الفيروس هو الحل، معتقداً أن "التوصيات الخاصة بالتباعد الاجتماعي وغيرها ليست نافعة". ويعتبر أن "هناك حال رهاب أصابت الناس، أدى إلى وفاة بعض الأشخاص الذين اشتكوا من الكحة والزكام، وهم يعانون في الأساس من أمراض القلب والسكري".
ضعف الإعلام في نشر التوعية الصحية
في المقابل، تؤكد الطبيبة المتخصصة في مكافحة العدوى رويدا حسونة، أنه "من الواجب الالتزام بالإجراءات الوقائية بهدف تفادي مرحلة ذروة الانتشار". وتكشف عن انزعاجها "من بعض المرضى الذين لديهم الأمان الزائف". فهؤلاء "لا يعتبرون الفيروس قاتلاً وفتاكاً"، وبالتالي فهم غير ملتزمين بالحجر الصحي وإجراءات الوقاية، ما سينشر الفيروس أكثر". وتضيف حسونة أن "الأطقم الطبية تبذل مجهوداً مضاعفاً، بما أن عدداً من العناصر الطبية المساعدة تخاف العمل داخل برج الأمل المخصص للمصابين بفيروس كورونا". ولا تخفي خشيتها "من نقص التوعية الطبية وضعف الإعلام في نشرها بين الناس".
في الشتاء ستختلط الأمور وللأعشاب فوائد
ويشدد أعبيد على أهمية الإدارة السليمة، مطالباً بـ "استراتيجيات قابلة للتنفيذ"، وبأن يكون "الوباء من أولويات الدولة، والتعامل معه باعتباره أزمة عامة وليس أزمة مستشفيات ووزارة صحة وحسب". ويلفت إلى أن "المواطن يضع اللوم على الأطباء والكوادر الطبية، ولا يعلم أن هناك فريقاً طبياً واحداً فقط متخصصاً في العناية المركزة على مستوى المنطقة الشرقية". ويتوقع أعبيد أن "تختلط في فصل الشتاء الأنفلونزا الموسمية ونزلات البرد العادية مع كوفيد-19، ما يصعب الفصل بينها طالما لم تتعاون الدولة مع وزارة الصحة".
وفي الإطار ذاته، يتهم النمر "شركات الأدوية بالاستفادة من هذه الجائحة"، مستغرباً "علاقة البعض منها بشركات مواد التنظيف". ويؤكد أنه عاين أكثر من عشر حالات مصابة بالفيروس، وتم شفاؤها بالرغم من المفعول البطيء للأعشاب".
بينما يرى المنفي أن الأرقام في ليبيا غير واضحة، فالأرقام عندنا متفاوتة، ففي بعض الأيام نجد 1000 إصابة، وفي اليوم التالي 500، وهذا غير منطقي". ويتخوف من ارتفاع معدل الإصابات اليومي بمقدار 1500 حالة، إذا ما استمر تنظيم المناسبات الاجتماعية في ظل عدم وعي المواطن بالمخاطر، وإصراره على عدم الالتزام بالتعليمات الصحية.