الرئيس المؤسس لشركة مايكروسوفت، الملياردير الأميركي بيل غيتس، وفي مقابلة له مع مجلة "فورتشين" الشهيرة، كان يتوقع أن يتوافر لقاح كوفيد-19 من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية في أوائل عام 2020.
غيتس، وفي الحوار عينه، كان يؤكد أن هناك مستوى جديداً من التعاون بين الشركات المصنعة للأدوية التي قد تحصل على الموافقة الرسمية لاستخدام لقاحاتها ضد فيروس كورونا للاستخدام الطارئ في الأشهر القليلة المقبلة.
كان من المفترض أن يستقبل الأميركيون خاصة وشعوب العالم عامة هذا الخبر بكثير من السرور والحبور، غير أنه قوبل بكثير من التشكيك والهواجس، ولم يتوقف الأمر عند حدود العقار الأميركي المنتظر، بل تجاوزه إلى اللقاح الروسي الذي أعلن عن توافره، بينما أوقفت بريطانيا تجاربها لبضعة أيام على عقارها.
السؤال الجوهري: هل هناك نصيب من الحقيقة حول ما يروج من مخاوف وقلاقل عن لقاحات كورونا، وهل هي بالفعل جزء من إشكالية كارثية أكبر يراد بها ما هو أخطر من مجرد الخلاص من هذا الفيروس الشائه؟ أسئلة عديدة نحاول الاقتراب منها، وإن لم نملك الحقيقة بالكامل بشأنها.
اللقاح وانتخابات الرئاسة الأميركية
على الرغم من السمعة الطيبة للكثير من اللقاحات الأميركية، فإن الأميركيين حتى الساعة يشككون في جدوى لقاح كوفيد-19 المعلن عنه، أخيراً، والسبب المباشر الذي يجعل مصداقية الـ FDA، هيئة الغذاء والدواء الأميركية، ضعيفة هذه المرة، يرتبط ارتباطاً جذرياً بفكرة الظروف السياسية التي تمر بها البلاد، ولهذا يرى البعض أن الهدف الرئيس من ظهور هذا اللقاح هو مساعدة الرئيس ترمب على تحقيق النصر الكبير في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل رأى في المعركة الرئاسية.
والشاهد أنه ليس سراً أن بيل غيتس بنوع خاص تحوم حوله كثير من الشبهات، والتساؤل الأخطر الذي يتردد في الداخل الأميركي "ما الذي دفع رجل البرامج الكمبيوترية لأن يترك مجال عمله الرئيس، ويتجه ناحية المجال الدوائي الطبي، وما السبب في اختياره قارة أفريقيا تحديداً، لتكون محط تجاربه في محاربة الأوبئة والأمراض المستوطنة"؟
قبل بضعة أشهر راجت كثير من الشائعات حول غيتس وفكرة الشريحة التي يتطلع إلى زرعها في أجساد البشر، لتكون بمثابة حائط الدفاع الصحي الأول ضد الأمراض وللتمييز بين من تلقوا اللقاح وغيرهم. غير أن غالبية الأميركيين رفضت الفكرة، وقام غيتس بنفيها بنفسه، وهنا علامة الاستفهام هل سيؤدي اللقاح الدور نفسه الذي كان مرسوماً للشريحة المخيفة، وكيف يمكن أن يحدث ذلك؟
تبين لنا أرقام استطلاعات الرأي، أن هناك حالة من عدم الثقة بشكل كبير تدور حول قصة كوفيد-19 برمتها، وليس حول اللقاح فقط. فحسب مركز بيو للأبحاث، هناك نسبة 29 في المئة من الأميركيين مقتنعون بأن الفيروس طور في مختبر، وغالبية تلك النسبة من الشباب الأصغر سناً الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، مقارنة بمن هم أكبر سناً.
مرة أخرى تبدو المنطقة الفاصلة بين الحقيقة وأفقها، والمؤامرات وعالمها غير واضحة، وضبابية، تخيم عليها كثير من السحب الداكنة، والدليل على ذلك، التحقيق الصحافي الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية ذائعة الصيت، وفيه أشارت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو عينه من أخذ في نشر معلومات مضللة حول فيروس كوفيد-19، باعتباره سلاحاً جرثومياً أميركياً مصمماً للتسبب بالعجز والموت.
هذا الحديث من الجانب الأميركي، ربما أعاد للأذهان ومن جديد، قصة تطعيمات الأطفال التي قالت وسائل إعلام روسية إنها تسببت في تفشي مرض "التوحد" عند الأطفال الذين تلقوا هذا التطعيم.
هل أحاديث الروس عن بكرة أبيها مزيفة وغير حقيقية؟
هذا ليس صحيحاً بالمطلق، لا سيما وأن هناك شواهد على قصة التطعيمات وارتفاع نسبة التوحد في أطفال الأميركيين، وهناك كذلك من الأميركيين أنفسهم من يفتح الباب واسعاً للتشكيك في لقاح كوفيد-19.
لقاحات سرية وأخرى علنية
عادة ما تكون المساحة الفاصلة بين الحقيقة والخيال ضئيلة، فقط متى يدرك الإنسان كل الحقيقة وليس بعضها.
ضمن الأسئلة المثيرة في هذا الشأن: هل هناك لقاح سري في الولايات المتحدة لمواجهة كوفيد-19 حصل عليه البعض، فيما البعض الآخر لا يزال ينتظر؟
الشاهد أن حواراً تسرب لصحافيين داخل البيت الأبيض هو ما قاد إلى الشك في وجود مثل هذا اللقاح غير المعروف للعوام، الحوار التقطه ميكروفون غرفة المؤتمرات في البيت الأبيض، وأثار ردود فعل واسعة عبر وسائط التواصل الاجتماعية في الداخل الأميركي، فقد تحدث كبير مراسلي قناة "فوكس نيوز" في البيت الأبيض جون روبيرتس، مع مصور صحيفة "نيويورك تايمز" دوغ ميلز، قبل بدء مؤتمر صحافي في 21 أبريل (نيسان) الماضي، وفى الحوار قال ميلز "إننا جميعاً تلقينا اللقاح"، وذلك في رد على روبيرتس الذي طلب منه خلع القناع الصحي.
كان الحوار السابق سبباً مباشراً لجدل مجتمعي أميركي حول النخبة والعوام، الأمر الذي دعا المتحدث باسم البيت الأبيض، وفي محاولة لتجنب إشكالية جديدة للرئيس، التصريح بأن الرئيس ترمب "يضع دائماً رفاهية الشعب الأميركي في المقام الأول، ويسلط الضوء على جهود الإدارة للمساعدة في تطوير اللقاح". هل اقتنع الأميركيون بأحادية مقاومة كوفيد-19 في الداخل الأميركي أم أن قراءات أخرى زادت الالتباس والشك؟
روبرت كيندي... لقاح وتلاعب جيني
في مقدمة الأصوات التي شككت الأميركيين والعالم من ورائهم في جدوى اللقاح المنتظر، أميركياً على الأقل، يجيء صوت روبرت فرنسيس كيندي، محامي البيئة الأميركي والناشط والمؤلف، وأكثر المعترضين على اللقاح الأميركي. وهو سليل عائلة كيندي الشهيرة، فوالده روبرت كيندي، المدعي العام المغدور، وعمه الرئيس الراحل جون كيندي.
عبر لقاءات صحافية، ومقالات، ومقابلات عدة، بدا واضحاً أن الرجل لديه شكوك تصل إلى حد الحقائق حذر منها الأميركيين لجهة أن اللقاح المقبل تحت غطاء كورونا، سيكون المدخل المطلوب للتلاعب في الجينات الوراثية للبشر، وعنده أن هذا النوع من اللقاح يمثل مشكلة من حيث الصحة والأخلاق وأيضاً من حيث الضرر الجيني، لا سيما وأنه ضرر بالغ لا يمكن إصلاح أخطائه، وعلى من يتعرض للنتائج المصاحبة للقاح أن يعيش بقية عمره في دائرة من الخلل الجيني مرة وإلى الأبد.
حديث روبرت ف. كيندي من الخطورة، بحيث إنه يرقى إلى اتهام القائمين على اللقاح من الأميركيين بارتكاب جريمة ضد الإنسانية، جريمة لم ترتكب أبداً بهذه الطريقة الكبيرة في مسار التاريخ من قبل.
لا يوفر كيندي الابن في رؤيته بيل غيتس، ولا أنتوني فوتشي وهما اللذان يعملان على تطوير لقاح أميركي يستخدم تقنية تدعى mRNA، أو "الرنا المرسال" وهو الحمض النووي الريبي الذي ينقل الشفرة الجينية للحمض النووي لنواة الخلية إلى الريبوسوم في السيتوبلازم، أي الذي يحدد الترتيب الذي ترتبط به الأحماض الأمينية للبروتين، وتعمل على أنها قالب أو نمط لتخليق هذا البروتين.
هل ينفي كيندي الابن حقيقة وجود فيروس وخطره في الأصل؟
بالقطع لا، وإنما يعتبره مثل بقية الفيروسات، وعلاجه يستدعي الأدوية المناسبة، ومن غير أن يترك المرء مقدراته الصحية في أيدي أنظمة صحية فاسدة، تغلب منطق الربح والتجارة على حياة البشر.
يقطع كيندي الابن، بأن هناك كثيراً من الأطباء الذين لم يخالفوا القسم الطبي الشهير لأبقراط، والذين يتكلمون بصراحة وصدق، ويعطون علاجات مناسبة، بينما البعض الآخر أكثر جرأة إذ قاموا برفع تسجيلات مصورة على شاشات وسائط التواصل الاجتماعي، حتى وإن تعرض بعضهم للتهديد أو الاستبعاد أو الإسكات.
يفتح الرجل أعين الأميركيين على أن نسبة عالية من الحيوانات الأفريقية، لا سيما "خنازير غينيا البشرية"، قد تعرضت لمضاعفات خطيرة للغاية بعد تجريب اللقاح الأميركي قبل أن يصرح باستخدامه على البشر، ومجرد ذكر دولة أفريقية بعينها يعود بنا إلى دائرة بيل غيتس وما يجريه من تجارب في أرض القارة الفقيرة.
ولعل الخلاصة المثيرة لقراءة كيندي الابن تتمثل في أن الفيروس محضر مختبرياً، أي أنه صناعة إنسانية، وقد أعد ليكون ذريعة لتقييد الحريات حول العالم، ولتغيير النظام الاقتصادي الحالي، إلى حالة طاعة لقطيع أعمى، أكثر قمعاً على صعيد الشعوب، واستعباداً من قبل ولاة الأمر، والأمر يحدث من خلال تواطؤ واضح لأصحاب وسائل الإعلام الكبرى، الأمر الذي يمكن إرجاعه إلى دائرة المتلاعبين بالعقول.
فيما الأمر الذي ينادي به من على السطوح، هو أنك لا يجب أن تتلقى تطعيمات مهما قيل لك، لا سيما إذا كنت تتمتع بصحة جيدة، فاللقاحات سوف تجلب لك مواد كيماوية ومعادن ثقيلة وسلسلة من "الحشرات" التي ستؤثر على صحتك أكثر على المدى المتوسط والطويل، جسدياً وعقلياً... إنها حرب وعليه يجب أن نبقى متيقظين.
قضية التطرف وجين Vmat2
وسط أزمة اللقاح، والخوف منه، والتشكيك في أهدافه الحقيقية، بدا وكأن هناك من قام عمداً بتسريب تسجيل مرئي، يعود تاريخه إلى عام 2005، يوضح أن فكرة نشر فيروس ما، لها علاقة بقضية مكافحة التطرف والإرهاب.
التاريخ، وهو الشيء الواضح بجلاء في التسجيل، أي عام 2005، يشي بأشياء كثيرة، فهو قريب من أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، ومن غزو العراق، وقبلها أفغانستان، والمصطلحات المستخدمة فيه تدلل على ذلك.
يبدو المشهد على نحو دارسين أو باحثين في غرفة اجتماعات مجهزة بوسائل الإيضاح العصرية، ومحاضر يتحدث عن قضية "التعصب الديني"، والمتطرفين الدينيين، الذين لديهم تعبير جيني يطلق عليه Vmat2.
الشارح لنظريته، والذي هو غالباً عالم مخ وأعصاب من الذين يقدمون نظرياتهم لرجالات وزارة الدفاع الأميركية ولأجهزة الاستخبارات، ولهجته الأميركية الواضحة، تدلل على ذلك، يستخدم نماذج تشريحية لعقول بعضها ينتمي إلى أفراد يصفهم بأنهم متطرفون، وأخرى لمن هم ليسوا بمتدينين.
صاحب المحاضرة يصف الفريق الأول بأنه يمتلك نسبة عالية من "جين التطرف" المعروف باسم Vmat2، والآخرون نسبة الجين لديهم أقل.
السؤال الجوهري للفكرة كيف نخفض من هذا الجين الذى يدفع البعض لارتداء أحزمة ناسفة وأولئك الذين درجوا على تفخيخ أنفسهم بالدراجات والمركبات وسط الجماهير وفى الأسواق؟
قبل الجواب نشير إلى ما يضيفه صاحب الكلام من أن تجارب بعينها قد جرت على حالتين، واحد متطرف وآخر غير متدين، وقد تعرض الاثنان لقراءة نص ديني محفز فما الذي جرى؟
بدا واضحاً أن الشخص المتطرف وعند قراءته للنص الديني، قد تأثر الجزء الأيمن الأمامي المنتصفي من قشرته المخية، وهو الجزء المسؤول عن توجهات العقل، وطريقة التفكير، والمعتقدات والأفكار الراسخة.
وعلى النقيض منه، ففي الحالة الثاني، والتي هي لشخص غير متدين، فحين قراءته النص الديني وجد أن الجزء الذي تأثر بالنص من مخه، جزء يدعى "أنتريور أنسولا"، والذي يمكن أن نطلق عليه مجازاً "الجزيرة الأمامية من المخ"، وهي الجزء الخاص بمشاعر الاستياء، وعدم الاستمتاع أو الرضى عند سماع شيء ما.
الحوار الدائر في التسجيل المصور يحمل تساؤلاً من أحد الحضور ويبدو واضحاً من تساؤله أنه وثيق ولصيق الصلة بالعمليات العسكرية على الأرض، إذ يقول "هل يتوجب علي أن أقوم بعمل رسم مخ للأفراد الذين في حوزتي لأقوم بتقرير ما إذا كنت سأقاتلهم أم لا؟".
الجواب يذهب في طريق مغاير، فالحل لا يتمثل في عمل رسم مخ، بل في فيروس يقترح نشره، يقوم بنشر مناعة ضد الجين المسمى Vmat2، هذه المناعة سيكون لها تأثير بالغ الأهمية والفاعلية، أي تحويل شخص متطرف إلى شخص عادي.
المحاضر يتوقف بشكل خاص عند منطقتين في حديثه، الشرق الأوسط، وأفغانستان، ويرى أن هذه الفكرة سيكون لها رد فعل وتأثير كبير ومهم.
لكن كيف سينشر الفيروس، هل ستقوم طائرات "الإيروسول"، التي تستخدم أحياناً لإطفاء الحرائق العظمى، وأحياناً أخرى لتبريد حرارة كوكب الأرض، بفعل ذلك؟
هنا "عقدة النص" إن جاز التعبير، إذ يطرح صاحب الهوية المجهولة، أنه طبقاً للاختبارات التي قام بها حتى الآن الفريق المواكب له، سينشر عن طريق فيروسات الجهاز التنفسي مثل الأنفلونزا أو فيروسات الرينوه، ويضيف "نظن أنه بهذه الطريقة سنحصل على نتائج مرضية، بتعريض أكبر قدر من الأفراد للفيروسات".
هل يكون اللقاح الجديد هو طريق تأكيد الطرح المتقدم بهدف تقليص التطرف في العالم؟
لا نجزم بأن لدينا الجواب، وربما تجيب الأيام عن مدى جدوى هذا المشروع والمسمى Fun backs، الخاص بلقاح ضد التعصب الديني.
كان هذا العرض عام 2005، فهل خلال الخمس عشرة سنة المنصرمة، طور، وحور، وعدل وبدل المشهد لنصل إلى قصة كوفيد-19، واللقاح الخاص به، وما يحمله من خير أو شر للبشرية؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
البريطانيون غاضبون وألمان يرفضون
هل رفض لقاح كورونا قاصر على الولايات المتحدة الأميركية خاصة، أم أن مسألة القلق والأرق امتدت إلى أرجاء أخرى من العالم؟
من الواضح أن البريطانيين بدورهم قد انضموا إلى الأميركيين، واحتجاجات الأيام الأخيرة تؤكد ذلك، وقد رأينا تظاهرات مثيرة، بعضها قادتها كيت شميراني، التي ادعت أن فيروس كورونا المستجد الذي يواصل حصد الأرواح، وإصابة الملايين مجرد خدعة وأعراضه مرتبطة بوسائل الاتصالات اللاسلكية الحديثة المعروفة بـG5.
زعيمة الاحتجاجات ضد اللقاحات في لندن، هي ممرضة موقوفة عن العمل، وهي أم لأربعة أطفال، وتصف وباء كوفيد-19 بأنه "جائحة احتيال"، ومؤامرة للسيطرة على العالم، وأن المرض الذي أودى بحياة الآلاف حول العالم غير موجود.
المثير في تصريحات شميراني أنها تكاد تتفق مع ما ذهب إليه روبرت ف. كيندي الابن، ذلك أنها تؤمن بأن أعراض الفيروس المرتبطة بإطلاق تقنية لاسلكية جديدة، تعمل على الخلايا البشرية وتفسد قيامها بأداء وظائفها، أما اللقاح الذي يعمل العلماء عليه لمعالجة المرض فهو سام، وتصفه بأنه أداة سياسية لتغيير الحمض النووي للناس، والكارثة أنه حال إنتاجه سيكون المصنعون قادرين على النظر في كل جانب من جوانب ما يحدث في أدمغتنا والسيطرة عليها... هل هناك في هذه الجزئية تحديداً رجع صدى لا يتلكأ ولا يتأخر، للأحاديث التي راجت وانتشرت من قبل عن "شريحة بيل غيتس" والتي هي بمثابة "ريموت كنترول" للتحكم في عقول البشر.
الجدل انتقل من بريطانيا إلى ألمانيا، وازدادت احتجاجات الألمان، المطالبين بعدم التطعيم الإجباري، وخرج المسؤولون الألمان عبر صحيفة "ميركور" الألمانية في برلين ليقولوا "لا داعي لخوف المواطنين من التطعيم ضد مرض كوفيد-19، فاللقاح سيكون متاحاً بسرعة، ويمكن تطعيم الجميع إذا أرادوا ذلك، لكن من لا يريد فعليه تحمل تبعات خطر الإصابة".
كتلة شعبوية ضد اللقاح حول العالم
حين تنتشر الفكرة لتعم العالم برمته، تتحول إلى ظاهرة، والأخيرة هذه لا تخلو من الصحة بدرجة أو بأخرى. وبحسب استطلاعات الرأي، فإن 50 في المئة من الأميركيين تقريباً هم الذين ينظرون إلى اللقاح نظرة معتدلة، بينما 25 في المئة يرفضون تلقي اللقاح، وقرابة 40 في المئة من الأميركيين ذوي البشرة السمراء يرفضون اللقاح، وفق تقرير نشرته وكالة أسوشيتدبرس. أما في فرنسا فتظهر استطلاعات الرأي أن نحو 26 في المئة لا يريدون الحصول على اللقاح.
في أميركا اللاتينية وتحديداً في البرازيل، القريبة من واشنطن سياسياً على الأقل، تتصاعد لهجة الرفض للقاحات، وفي أفريقيا بدأت الأصوات بدورها تعلو حول احتمالات أن تكون القارة السمراء، ونظراً لظروف الفقر والتخلف التنموي، ساحة خلفية للتجارب على البشر، لحساب العالم الأول، وبات السؤال لماذا يصر الدكتور أنتوني فاوتشي كبير علماء الأوبئة في الولايات المتحدة، على نشر لقاح كوفيد-19 على أوسع نطاق حول العالم حتى تنتهى الجائحة، ولماذا يوجه فاوتشي الاتهامات، ويفتح الباب للتشكيك في جدوى العقار الروسي؟
وفي الخلاصة، فإنه من "الألفا" إلى "الأوميجا"، ومن الفيروس إلى اللقاح، تبقى قصة كوفيد-19، أقرب إلى غموض الأساطير الإغريقية، وصراع الآلهة في جبال الأوليمب، مع ربات الأقدار الخارجات عن سيطرة زيوس كبير الآلهة، ومع بداية فصل ثان من انتشار الفيروس الشائعة، تبقى البشرية في حاجة إلى حقائق، وغير قادرة على مقاربة ما يطلق عليه فكر المؤامرة أو محاججته.