أشار تقرير حديث لوحدة أبحاث الأسواق العالمية بمؤسسة "ستاندرد أند بورز"، إلى أن المصارف الخليجية تنافس وبقوة على الاستحواذ على وحدات البنوك اللبنانية في مصر. حيث أن التعداد السكاني الضخم هناك، وانخفاض عدد الحسابات البنكية للمصريين في المقابل وعدم وجود آليات كافية لحصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة على التمويل، يجعل السوق المصرية مجالاً جاذباً، ومساعي بنوك لبنانية إلى التخارج من وحداتها في مصر يفتح نافذة لدخول البنوك الخليجية أو توسيع عملياتها فيها.
ووسط مواجهة البنوك اللبنانية أزمة مالية طاحنة مستمرة منذ نهاية العام الماضي، عمقتها تداعيات "كوفيد-19" وعدم الاستقرار السياسي الذي صاحب انفجار المرفأ في أغسطس (آب) الماضي، أعلن بنكان لبنانيان هما بنك لبنان والمهجر (بلوم) وبنك عودة تخارجهما من مصر هذا العام، ليتلقيا عروضاً من بنوك خليجية تسعى لتوسيع عملياتها في مصر.
وفق التقرير، تقول إلينا سانشيز، رئيس القطاع المالي لقسم بحوث الأسهم بالمجموعة المالية هيرميس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن "البنوك الخليجية لطالما استهدفت مصر لأنها تقدم لها ما تفتقدها الأسواق في الخليج، باستثناء السعودية، وهي التعداد السكاني الكبير والفرصة للنمو". وطبقاً للمعلومات التي جمعتها "ستاندرد أند بورز" يمتلك واحد من كل 3 مصريين إمكانية الوصول للخدمات البنكية أو المالية عبر الهاتف وهو أقل من المتوسط إقليمياً، الذي بلغ واحداً من كل اثنين.
ما هي البنوك التي أعلنت رغبتها في دخول السباق؟
وفق نشرة "انتربرايز"، أعلن بنك المؤسسة العربية المصرفية (إيه بي سي) البحريني في أغسطس (آب) الماضي، أنه يدرس الاستحواذ على بنك بلوم مصر، الذي أعلن نيته الخروج من هناك في وقت سابق من العام. وينافس البنك البحريني في ذلك بنك الإمارات دبي الوطني الذي دخل السوق المصرية عام 2013 بالاستحواذ على وحدة بنك بي إن بي باربيبا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن بنك "أبوظبي الأول" نيته التقدم بعرض للاستحواذ على بنك عودة مصر، ولكنه أعلن تأجيل ذلك في مايو (أيار) الماضي بسبب تداعيات "كوفيد-19". وأعلن المصرف الشهر الماضي أنه استأنف المفاوضات لإتمام الصفقة التي قد تصل قيمتها إلى700 مليون دولار.
وفي ما يتعلق بأسباب اتجاه تلك البنوك للدمج أو الاستحواذ، فإن الأخير يعد الطريق الوحيد لدخول القطاع البنكي في مصر، حيث رفض البنك المركزي المصري منذ سنوات منح رخص جديدة لدخول السوق، ودعا البنوك الراغبة في ذلك إلى شراء أي من 38 بنكاً مرخصاً في البلاد.
وعلى الرغم من أنها أهداف جيدة للاستحواذ، فقلما عرضت البنوك المصرية للبيع قبل الموجة الخليجية الأخيرة. وتستند البنوك إلى نسب الفائدة العالية التي أعقبت تحرير سعر صرف الجنيه عام 2016 وارتفاع عائد سندات وأذون الخزانة والتي أدت إلى ميزانيات قوية للبنوك حولتها لأهداف مربحة للاستحواذ.
منافسة بين "إي بي سي" والإمارات دبي الوطني
ويبحث بنك المؤسسة العربية المصرفية (أيه بي سي) البحريني، إمكانية الاستحواذ على الوحدة التابعة لبنك لبنان والمهجر (بلوم) في مصر، سعياً إلى توسيع عملياته في السوق المصرية، التي يمتلك بالفعل وحدة بها. وكان البنك اللبناني أكد في وقت سابق من الشهر الماضي اعتزامه التخارج (الانفصال عن البنك الأم) من وحدته في مصر في ظل معاناة لبنان من أسوأ أزمة مالية منذ الحرب الأهلية.
وكشف حينها أن البنك المركزي المصري وافق مبدئياً على طلب البنك بالبدء في عملية الفحص النافي للجهالة، تمهيداً لعملية البيع المحتملة التي ستتوقف على الحصول على موافقة مجلس إدارة بنك لبنان والمهجر (بلوم) والموافقة النهائية من البنك المركزي المصري.
وتوقعت تقارير أن تتراوح قيمة صفقة التخارج بين 250 و300 مليون دولار. ويدخل بذلك "أيه بي سي" في منافسة مع بنك الإمارات دبي الوطني الذي أبدى في وقت سابق أيضاً اهتمامه بالاستحواذ على عمليات بنك بلوم.
وأبدى بنك الإمارات دبي الوطني اهتمامه أيضاً بالاستحواذ على الوحدة المصرية لبنك عودة اللبناني، الذي يعاني هو الآخر من الأزمة المالية. وأيضاً، يسعى المصرف إلى توسيع عملياته من خلال شراء أصول عودة في مصر، لكن تشير التقارير إلى أن اتفاق الاستحواذ قد يتم بحلول أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
بنك عودة ينفي الدخول في مفاوضات
ونفى بنك عودة مؤخراً الدخول في أي مفاوضات لبيع وحدته في مصر، بعدما توقفت المفاوضات مع بنك أبو ظبي الأول في مايو (ايار) الماضي، وهو ما أرجعه البنك الإماراتي حينها إلى "الظروف غير المسبوقة والمؤشرات غير المؤكدة الناجمة عن وباء كوفيد-19". ونفى محمد بدير الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك عودة مصر مؤخراً أي مفاوضات للاستحواذ على البنك منذ إعلان توقف المفاوضات مع بنك أبو ظبي الأول.
ويعود اهتمام البنوك الخليجية بالقطاع المصرفي المصري إلى مناخ أسعار الفائدة المواتي فيها، ورأس المال السوقي الصغير نسبياً لها مقارنة بنظيراتها في الأسواق الناشئة، ووجود نسبة كبيرة من السكان لا تزال لا تملك حسابات مصرفية، بحسب ما أشرنا في يناير (كانون الثاني) الماضي. وعلى العكس، فإن دول الخليج لديها تعداد سكاني أصغر كثيراً، مع وفرة كبيرة في المنافسين في القطاع المصرفي.
ووجدت البنوك الخليجية فرصاً في السوق المصرية عندما قررت بضعة بنوك أوروبية التخارج من مصر وأسواق ناشئة أخرى، بسبب المعايير التي فرضتها اتفاقية بازل 3 ولأن الاستحواذ هو الطريق الوحيد لدخول السوق المصرية، فإن عدداً من المصارف الخليجية البارزة مثل بنك قطر الوطني الأهلي (البنك الأهلي سوسيتيه جنرال سابقاً) والبنك الأهلي الكويتي مصر (بنك بيريوس سابقاً)، وعدداً آخر من البنوك العربية الكبرى استطاعت الاستفادة من تخارج عدد من البنوك الأوروبية من مصر لتحل بدلاً منها.