احتشد آلاف المصريين الموالين الحكومة، اليوم الجمعة، في ميدان المنصة بمدينة نصر (شرق القاهرة) وعدد من ميادين المحافظات، دعماً لما اعتبروه "مسيرة الإصلاح وتأييد الرئيس عبد الفتاح السيسي"، في مواجهة دعوات مضادة، ناشدت المصريين خلال الأيام الأخيرة الخروج للتظاهر في ما سموه "جمعة الغضب الثانية"، احتجاجاً على ما يصفونه بـ"تدهور الأحوال الاجتماعية والاقتصادية في البلاد".
ولم تسجل أي مسيرات مناهضة مثل تلك التي شهدتها البلاد الأيام الماضية، خصوصاً في العشرين من سبتمبر (أيلول) الماضي، وإن كانت بشكل محدود في عدد من القرى والمناطق النائية في أماكن متفرقة من المحافظات، وكان المشهد الأبرز اليوم تجمع آلاف المصريين في ميدان المنصة على أنغام الموسيقى والأغاني، إذ زُين الميدان بالأعلام المصرية وصور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وأحيا عدد من المطربين والفنانين حفلاً ضخماً، بالتزامن مع ذكرى "انتصارات أكتوبر".
وكان المقاول الفنان محمد علي، المعارض للحكومة المصرية، المقيم في الخارج، قد دعا إلى الاحتشاد في ساحات مصر، خصوصاً ميدان التحرير (وسط القاهرة)، تحت اسم "جمعة النصر"، وقال عبر مقطع مصور على حسابه في "فيسبوك"، "إن التظاهر في ميدان التحرير سيوصل صوت غضب المصريين إلى العالم، عكس التظاهر في القرى والنجوع في المحافظات"، في إشارة إلى المسيرات المتفرقة التي شهدتها البلاد في المناطق النائية أخيراً، ودعمتها جماعة الإخوان المسلمين المصنفة "إرهابياً" في مصر.
ومن الميادين إلى مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تصدر هاشتاغا "جمعة_الغضب_الثانية و#جمعة_النصر خلال الساعات الماضية، قبل أن يلاحقهما المؤيدون بهاشتاغي #نازلين_حباً_في_السيسي و#اخرس_يا_أردوغان.
مظاهر التأييد
وفقاً لما رصدته "اندبندنت عربية"، فإن المسيرات المتفرقة التي شهدتها المناطق النائية والبلدات والقرى الأسبوع الماضي اختفت اليوم الجمعة، وهو ما فسره ناشطون ومعارضون بالحملات الأمنية المكثفة التي شنتها السلطات خلال الساعات الماضية، بينما أرجع آخرون غياب التظاهرات إلى استجابة الحكومة لمطالب قطاعات واسعة من المواطنين، بتخفيف إجراءات تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء، الذي أثار جدلاً في الشارع المصري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المقابل، وحسب ما نقلت وسائل الإعلام المحلية في بث مباشر لاحتفالات المؤيدين في عدد من الميادين المصرية، خصوصاً ميدان المنصة (شرق العاصمة)، فقد احتشد آلاف المصريين بالأعلام المصرية، رافعين لافتات "تأييد ودعم للدولة ومؤسساتها والرئيس"، ومنددين بـ"الخطابات المعادية لمصر"، محتفلين بذكرى انتصارات أكتوبر على وقع الأغاني الوطنية والشعبية.
وقال شهود عيان حضروا "احتفالات المنصة"، لـ"اندبندنت عربية"، إن أحزاباً موالية للحكومة شيدت قبل ساعات من الاحتفالات، التي بدأت في الساعة الثانية ظهر اليوم، مسرحاً كبيراً أمام البوابة الرئيسة للحديقة الدولية في مدينة نصر، خصيصاً لتلك المناسبة، بينما شهد المكان انتشاراً أمنياً مكثفاً، وطافت سيارات تابعة للمرور الشوارع لتسيير حركة المرور.
وكانت أحزاب مؤيدة للحكومة المصرية، قد دعت خلال الأيام الأخيرة إلى الاحتشاد في الميادين الرئيسة اليوم الجمعة، للمشاركة في احتفالات ذكرى أكتوبر ودعماً للرئيس، وذلك في مواجهة الدعوات المناهضة للخروج في تظاهرات.
ودعا حزب الوفد، وهو أقدم الأحزاب الليبرالية في البلد عبر بيان له، كل أعضائه وجموع الشعب المصري، إلى المشاركة في "احتفالات ذكرى نصر أكتوبر المجيد" عقب صلاة الجمعة، سواء في الميادين بالمحافظات المختلفة، أو في الفعالية الرئيسة أمام النصب التذكاري الواقع على طريق النصر (شرق القاهرة)، مجدداً "العهد والثقة بشأن دعم جهود رئيس الجمهورية في حماية الوطن ومقدراته، والسير دوماً نحو التقدم والازدهار وفق مشروع الرئيس في بناء دولة ديمقراطية عصرية حديثة، يسود فيها الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي"، حسب ما جاء في البيان.
وفي الأثناء ناشدت منظمة العفو الدولية، اليوم الجمعة، السلطات المصرية إطلاق سراح مئات من المتظاهرين، قالت إنهم أوقفوا خلال احتجاجات محدودة ضد الحكومة في سبتمبر (الماضي). وكتب فيليب لوثر، مسؤول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، في بيان، "خروج هؤلاء المتظاهرين إلى الشوارع مع إدراكهم الخطر الشديد على حياتهم وعلى أمنهم نتيجة هذا الفعل، يوضح إلى أي مدى هم بحاجة إلى المطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية".
والأحد الماضي، أعلنت النيابة العامة المصرية الإفراج عن 68 من القُصّر (تقل أعمارهم عن 18 عاماً) أوقفواةأثناء التظاهرات. إلا أن منظمة العفو الدولية، قالت إنه ما زال قرابة 500 شخص محتجزين.
أي رسائل يريدها المؤيدون؟
يقول ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي الموالي للحكومة، "مشهد خروج آلاف المصريين لدعم وتأييد جهود الحكومة المصرية في الإصلاح والتنمية، والاحتفال كذلك بالذكرى الـ47 لنصر أكتوبر، يحمل أكثر من رسالة في الداخل والخارج، إذ ينم عن مدى وعي المصريين في مواجهة الدعوات الهدامة من الخارج للخروج في تظاهرات مناهضة هدفها الرئيس نشر الفوضى وإعادة البلاد إلى حالة عدم الاستقرار الأمني، فضلاً عن أنها تعكس مدى ارتباط العقل المصري بأحداثه التاريخية والاحتفال بذكراها".
ووفق الشهابي، "يعكس الفشل المتكرر لدعوات جماعة الإخوان والموالين لهم لحشد الناس للتظاهر ضد الحكومة، إلى أي حد لفظ الشعب هذه الجماعة وسياساتها"، مضيفاً "اعتدنا منذ الـ30 من يونيو (حزيران) 2013، تحرك جماعة الإخوان لقلب الرأي العام المصري عبر المتاجرة بهمومه ومتاعبه وتزوير الحقائق ونشر الإشاعات"، ومؤكداً أن "جماعة الإخوان والموالين لها لم يعد لهم أي تأثير على الأرض في مصر، ولم تعد دعواتهم تلقى استجابة لدى المواطنين".
والأحد الماضي، حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من تداعيات عدم الاستقرار السياسي والأمني، معتبراً أن هناك من يريدون "تدمير الدول"، في إشارة إلى جماعة الإخوان.