باتت ملاحقة رجال أعمال نافذين في فترة حكم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بيد القضاء الجزائري، الذي أعلن، الاثنين، فتح "تحقيقات ابتدائية" ضد عدد من رجال الأعمال. وقالت مصادر لـ"اندبندنت عربية" أن عددهم الأولي 11، في حين أعلنت عائلة رجل الأعمال علي حداد "اختفاءه منذ فجر الأحد"، وأنها "لا تملك أدنى معلومة عن مكان اعتقاله".
وأعلنت النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر، الاثنين، "فتح تحقيقات ابتدائية في قضايا فساد وتهريب أموال بالعملة الصعبة مع إصدار أوامر بالمنع من مغادرة التراب الوطني كإجراء احترازي في حق مجموعة من الأشخاص"، من دون أن يذكر البيان أن النيابة العامة قد تحركت "تلقائياً"، وفق نص قانون الإجراءات الجزائية، أم أن جهة ما سلمت إليها ملفات للتحقيق فيها.
"كونيناف" أغنى عائلة في الجزائر قيد التحقيق
ضمت القائمة شخصيات مرتبطة باسم شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة مباشرة، لا سيما أفراد عائلة كونيناف، إحدى أغنى العائلات الجزائرية، ومن بينهم رضا كونيناف، وهو صديق مقرب من السعيد، وكذلك نواح طارق كونيناف وعبد القادر كريم كونيناف.
وفي العادة يشاهد السعيد بوتفليقة في مقر إقامة رضا كونيناف في حي حيدرة الراقي بأعالي العاصمة، وكثيراً ما ترددت أسماء أفراد هذه العائلة في الفترة الماضية، في حراك الجزائريين. كما ضمت القائمة علي حداد، الرئيس المستقيل من منتدى رؤساء المؤسسات، وهو صاحب مجمع إعلامي (جريدتان وقناتان تلفزيونيتان)، وفي القائمة شقيقه عمر حداد أيضاً.
وضمت القائمة رجل الأعمال محي الدين طحكوت وشقيقه الأصغر ناصر ونجله بلال. وتتوسع قائمة رجال الأعمال الممنوعين من السفر لتضم ناصر بايري، وهو نائب حداد في منتدى رؤساء المؤسسات، بالإضافة إلى محمد ولد بوسيف وإبراهيم بودينة.
وتحاول جهات إعلامية نسب تحرك العدالة الجزائرية إلى وزارة الدفاع، في سياق "صراع" على لقب "الجهة الأكثر تجاوباً مع مطالب حراك الجزائريين". ورافقت عملية التحقيق "الإبتدائي" حملة ترويج لعملية "محاربة فساد" بأوامر مباشرة من الفريق أحمد قايد صالح، الذي حافظ على منصبه نائباً لوزير الدفاع ورئيساً لأركان الجيش، في التعديل الحكومي الذي أعلنته الرئاسة مساء الأحد.
ويؤكد بيان النيابة العامة وجود جهة سلمت إلى القضاء تحقيقاً "ابتدائياً". إذ جاء في بيان النيابة العامة "عملاً بأحكام المادة 11، فقرة 3، من قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم، تُعلم النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر الرأي العام أنه تم فتح تحقيقات ابتدائية في قضايا فساد وتهريب أموال بالعملة الصعبة إلى خارج التراب الوطني".
تنص المادة 11 "تكون إجراءات التحري والتحقيق سرية، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ومن دون إضرار بحقوق الدفاع. وكل شخص يساهم في هذه الإجراءات ملزم بكتمان السر المهني بالشروط المبينة في قانون العقوبات وتحت طائلة العقوبات المنصوص عليها فيه".
تضيف "غير أنه تفادياً لانتشار معلومات غير كاملة وغير صحيحة أو لوضع حد للإخلال بالنظام العام، يجوز لممثل النيابة العامة أو لضابط الشرطة القضائية بعد الحصول على إذن مكتوب من وكيل الجمهورية، أن يطلع الرأي العام بعناصر موضوعية مستخلصة من الإجراءات، على أن لا تتضمن أي تقييم للأعباء المتمسك بها ضد الأشخاص المتورطين، تراعي في كل الأحوال قرينة البراءة وحرمة الحياة الخاصة".
أما المادة 36 واحد مكرر فتنص "يمكن وكيل الجمهورية لضرورة التحريات وبناء على تقرير مسبب من ضابط الشرطة القضائية، أن يأمر بمنع كل شخص توجد ضده دلائل ترجح ضلوعه في جناية أو جنحة من مغادرة التراب الوطني. يسري أمر المنع من مغادرة التراب الوطني لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة. ويرفع إجراء المنع من مغادرة التراب الوطني بنفس الأشكال".
أضاف بيان النيابة العامة "لضرورة التحقيقات الابتدائية، أصدر السيد وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد، أوامر بالمنع من مغادرة التراب الوطني ضد مجموعة من الأشخاص كإجراء احترازي طبقاً للمادة 36 مكرر 1 من قانون الإجراءات الجزائية".
درك "باب الجديد" يباشر التحقيقات
في سياق متصل، باشرت مصالح درك باب الجديد، الاثنين، التحقيق في قضايا فساد ونهب المال العام، واستردت سبعة جوازات سفر لرجال أعمال مشتبه في ضلوعهم في قضايا فساد، ويجري البحث عن آخرين لسحب جوازات سفرهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن مجمع حداد أن هناك غموضاً بشأن تفاصيل توقيف رجل الأعمال واختفائه، مؤكداً أن عائلته تلقت مكالمة هاتفية بشأن إفراج مرتقب عنه، غير أن محامي المجمع ينفي وجود أي أخبار بشأنه، وفق المصدر نفسه. ونقلت مصادر أن حداد قضى ليلة الأحد حتى الاثنين لدى جهة مخابراتية في قسنطينة (400 كلم شرق العاصمة)، على أن يُحال لاحقاً على العاصمة.
وستشمل التحقيقات رجال الأعمال والمقربين منهم وكذلك أفراد عائلاتهم، بشأن ممتلكاتهم ومختلف استثماراتهم الاقتصادية داخل البلاد وخارجها خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى استثمارات وهمية وعمليات سرقة منظمة قام بها عدد من كبار رجال الأعمال. وتحرك درك باب الجديد هو الأول على أساس قانوني.
وأبرز ما يجمع رجال الأعمال المعنيين بالمنع من السفر، اجتماعهم حول السعيد بوتفليقة، كما أنهم شاركوا بشكل مباشر في تمويل الحملات الانتخابية للرئيس بوتفليقة.
المنع من السفر سيشمل العشرات
تنقل مصادر أن قائمة المنع من السفر ستشمل عدداً كبيراً من رجال الأعمال وأفراد من عائلاتهم، بالإضافة إلى مسؤولي قنوات تلفزيونية ووسائل إعلام وعدد من السياسيين والشخصيات المستقلة.
ويراقب الفريق قايد صالح هذا التحقيق بشكل مباشر، وهو نتيجة تحقيقات لأجهزة الأمن الداخلي في المخابرات الجزائرية.
وتقلب هذه المستجدات موازين القوى رأساً على عقب، إذ شكلت "القوى الدستورية" في الجزائر قوتها على أساس أذرع مالية متنفذة في السنوات الماضية. كما أن هذه المعطيات تعني حسم المعركة التي دخلها قايد صالح ضد السعيد بوتفليقة منذ عشرة أيام، في حين يتوقع أن تشهد الساعات المقبلة تطورات سياسية وأمنية وقضائية، يتحدد من خلالها مصير عائلة بوتفليقة.