استقرت أسعار النفط عند مستوياتها المرتفعة، منذ بداية العام الحالي، وحقق الخام الأميركي أعلى سعراً، كما صعد برنت دولاراً، في ظل إنتعاشة مستمرة ، وتشير الإحصائيات إلى أن مؤشرات الخامين حققا مكاسب في الربع الأول أكثر من أي عام خلال نحو 10 سنوات، بدعم من شح المعروض ومؤشرات إيجابية للاقتصاد العالمي.
وبلغ خام غرب تكساس الوسيط الأميركي في العقود الآجلة 57 سنتاً أو 0.95 بالمئة إلى 60.71 دولاراً للبرميل، بعدما لامس لفترة وجيزة أعلى الأسعار في أكثر من أربعة أشهر عند 60.92 دولاراً، كما زاد معدل الانتاج 32 في المئة في الربع الأول. في وقت واصل خام القياس العالمي برنت في العقود الآجلة إنتعاشه تسليم يونيو (حزيران) 86 سنتا أو 1.3 في المئة إلى 68.44 دولاراً للبرميل، بعدما حقق أكثر من دولار في وقت سابق من التعاملات وربح 27 % في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار). وتعززت المعنويات بفضل مؤشرات إيجابية عن أداء المصانع الصينية وعلامات تقدم في محادثات التجارة الصينية الأميركية، ما رفع أسواق الأسهم الإقليمية.
وقالت الولايات المتحدة والصين إنهما "أحرزتا تقدما في محادثات التجارة التي اختتمت الجمعة الماضية في بكين". وقالت واشنطن إن المفاوضات كانت "بناءة"، مع سعي أكبر اقتصادين في العالم إلى حل خلافهما التجاري. ومما يسهم في دعم الأسعار العقوبات الأميركية على إيران وفنزويلا وتخفيضات معروض منظمة "أوبك" ومنتجين كبار آخرين. وأظهر مسح لـ"رويترز" أن إنتاج دول (أوبك) في مارس (آذار) تراجع 280 ألف برميل يومياً عن فبراير (شباط) إلى 30.4 مليون برميل يوميا، وهو أدنى معدل شهري للإنتاج منذ 2015.
أوبك: خفض المعروض تحقق
وأفاد مسح نشرته وكالة "رويترز" تراجع إنتاج أعضاء (أوبك) الأحد عشر الملزمين بأهداف خفض المعروض 280 ألف برميل يوميا في مارس (آذار) عنه في فبراير (شباط)، وهو مقدار التراجع ذاته لإجمالي المنظمة. ومقارنة مع المستويات التي اتفقوا على الخفض منها، وهي في معظم الأحوال مستويات أكتوبر (تشرين الأول) 2018، فإن الـ 11 عضواً قلصوا الإنتاج 1.099 مليون برميل يومياً. يعني ذلك نسبة التزام 135 بالمئة على أساس تخفيضات إجمالية متعهد بها تبلغ 812 ألف برميل يومياً.
كانت أوبك وروسيا ومنتجون آخرون غير أعضاء- في إطار التحالف المسمى أوبك+- اتفقوا في ديسمبر (كانون الأول) على تقليص المعروض 1.2 مليون برميل يوميا في 2019. وتبلغ حصة أعضاء أوبك الأحد عشر المشاركين في الاتفاق من ذلك الخفض 800 ألف برميل يومياً.
إلى ذلك، قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه إن "توازن العرض والطلب في سوق الخام هش"، بينما دعا منتجي الخام إلى "توخي الحذر إزاء المتاعب الناجمة عن العقوبات الأميركية". ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن "زنغنه" قوله لدى وصوله إلى موسكو "سوق النفط في وضع هش في ما يتعلق بتوازن العرض والطلب، لذا ينبغي على منتجي النفط توخي الحذر من أي متاعب في سوق النفط، ولا سيما بسبب الإجراءات الأميركية بحق منتجي نفط كبار." ويزور زنغنه موسكو للتباحث بشأن سوق النفط مع نظيره وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك. وأضاف "روسيا من أكبر منتجي النفط في العالم، ونحن في وضع نعتقد فيه بضرورة مناقشة سوق النفط مع أصدقائنا الروس".
كانت الولايات المتحدة أعادت فرض عقوبات على طهران في نوفمبر (تشرين الثاني) بعد الانسحاب من اتفاق 2015 النووي بين إيران وست قوى عالمية. وقلصت تلك العقوبات بالفعل صادرات النفط الإيرانية إلى النصف. ومن المرجح أن تجدد الولايات المتحدة الاستثناء من العقوبات الممنوح لمعظم مشتري الخام الإيراني، بمن فيهم المستوردين الكبيرين الصين والهند، في مقابل تعهدات بخفض الواردات الإجمالية إلى أقل من مليون برميل يوميا. ويستهدف الرئيس الأميركي دونالد ترمب في نهاية المطاف وقف صادرات النفط الإيراني تماماً، ومن ثم قطع مصدر إيرادات طهران الرئيسي. وتضغط واشنطن على إيران لكبح برنامجها النووي والتوقف عن دعم جماعات مسلحة موالية لها في أنحاء بالشرق الأوسط.
الطقس السيئ يقلص صادرات العراق
على صعيد متصل، قالت وزارة النفط العراقية إن "متوسط صادرات الخام العراقية بلغ 3.377 مليون برميل يومياً في مارس (آذار)، حيث عطّل سوء الأحوال الجوية تحميلات، بينما واصلت أوبك خفض الإمدادات".
كان العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول، صدر 3.62 مليون برميل يومياً من النفط الخام في فبراير (شباط). وبلغت صادرات موانئ البصرة في جنوب العراق 3.254 مليون برميل يومياً، بحسب الوزارة، انخفاضاً من 3.54 مليون برميل يومياً في فبراير (شباط)، ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين عراقيين بقطاع النفط أن "سوء الأحوال الجوية في الخليج عطل تحميلات الخام في بعض الأيام".
وقال مسؤول مطلع على عمليات التصدير "الجو الرديء أجبرنا على إيقاف عمليات التحميل من موانئ الصادرات لأكثر من مرة. اضطررنا إلى تخفيض الإنتاج من بعض الحقول خلال فترة التوقف."
وقال مسؤول نفطي آخر إن الطقس السيئ أدى إلى تقليص الإنتاج في بعض الحقول التي تستغلها شركة نفط البصرة بما فيها (مجنون)، حيث نزل الإنتاج في منتصف مارس بمقدار 140 ألف برميل يوميا من 240 ألف برميل يومياً في وقت سابق من الشهر. وقال المسؤول، الذي يُشرف على عمليات الإنتاج من حقول نفط بالجنوب "انخفاض معدل الإنتاج من حقل (مجنون) خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر مارس( آذار) كان سببه رداءة الجو. عندما تتوقف الصادرات فإننا نضطر إلى تحويل الإنتاج إلى الخزانات. وعندما تمتلئ الخزانات نضطر إلى تقليل الإنتاج."
وفي 26 مارس (آذار) أوقف العراق تحميل النفط في مرافئ الجنوب بسبب سوء الأحوال الجوية، حسبما ذكر مصدران بشركة نفط البصرة. وقال بيان وزارة النفط إن الشحنات من حقول كركوك النفطية في شمال العراق إلى ميناء (جيهان) التركي زادت إلى 99 ألف برميل يوميا من 63 ألف برميل يوميا في فبراير.
وقالت الوزارة إن متوسط سعر البيع في مارس بلغ 63.804 دولار للبرميل، وهو ما درّ إيرادات بحوالي 6.68 مليار دولار. وينتج العراق دون طاقته القصوى البالغة حوالي خمسة ملايين برميل يومياً تماشياً مع اتفاق خفض الإنتاج المبرم بين (أوبك) وحلفاء مثل روسيا بهدف دعم الأسعار.
على صعيد متصل، قالت أرامكو السعودية في نشرة إصدار سندات لها إن "حقلها (الغوار)، أضخم حقل نفط في العالم، حوى 58 مليار برميل من المكافئ النفطي في احتياطياته المجمعة نهاية 2018، و48.3 مليار من احتياطيات السوائل". وقالت أرامكو، أكبر شركة منتجة للنفط في العالم "إنها تتوقع أن تظل أسعار النفط الخام العالمية متقلبة بعد تذبذبات كبيرة في الأشهر الأخيرة". وأضافت أرامكو "التقلبات في السعر الذي بوسع الشركة بيع النفط الخام به قد تتسبب في تفاوت كبير لنتائج عمليات الشركة وتدفقاتها النقدية".