"في الوقت الذي نشهد فيه تشكل حالة عالمية جديدة في 2020، حيث كان عاماً استثنائياً لاختبار إمكانيات الذكاء الاصطناعي، بتنا جميعاً مدعوين إلى التفكير والعمل بأقصى الإمكانيات في سبيل الارتقاء بمجتماعتنا واقتصاداتنا وإعادة تعريف أساليب حياتنا وأعمالنا وتعلمنا"، هكذا انطلقت الأربعاء 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي تحت شعار "الذكاء الاصطناعي لخير البشرية" بكلمة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، دعا فيها كافة الحالمين والمبدعين والمستثمرين وقادة الرأي إلى الانضمام للسعودية في مشروعها، لتحقيق هذا الطموح بشكل جماعي، وبناء نموذج رائد لإطلاق قيمة البيانات والذكاء الاصطناعي لبناء اقتصادات المعرفة والارتقاء بأجيالنا الحاضرة والقادمة.
وبيّن الأمير محمد بن سلمان في كلمته أن "قمة العشرين في اليابان العام الماضي، أكدت على أهمية الذكاء الاصطناعي الذي أخذ موقعه المحوري في رسم حاضرنا ومستقبلنا"، موضحاً أن بلاده تترجم ذلك بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للبيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، وبطموح واضح لأن تغدو نموذجاً للذكاء الاصطناعي في العالم.
ويشارك في القمة العالمية التي تنظمها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) لمدة يومين، أكثر من 200 خبير وصانع قرار، إذ ستتضمن حوارات ذات أهمية عالمية سواء من ناحية التعافي من الجائحة أو التوجهات التي تشكّل مجال الذكاء الاصطناعي. وسيكون ضمن الحضور ما يزيد عن 50 وزيراً ومفكراً ورواد أعمال سيقدمون ما لديهم من رؤى وتصورات نحو مستقبل مليء بالذكاء الاصطناعي.
وتمّت الأربعاء بعد انطلاق أعمال القمة، مناقشة بعض الاعتبارات الاستراتيجية الضرورية لتأسيس منظومة فعّالة ومؤثرة للذكاء الاصطناعي وتشجيع التعاون بين القيادات في هذا المجال وتحري الخيارات الإستراتيجية الوطنية الملائمة. وركزت القمة على أربعة محاور، أولها رسم عصر جديد، وحوكمة الذكاء الاصطناعي، مستقبل الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي في القيادة.
ماذا لو كان بيكاسو سعودياً؟
وطرح منظمو القمة تساؤلاً حول ماذا لو كانت ثقافة بيكاسو سعودية؟ كيف سيكون شكل الفن بشكل عام، ولوحات بيكاسو بشكل خاص؟ وبعد بناء قاعدة بيانات خاصة بأعمال الفنان الإسباني وإضافة عدد من الأعمال الفنية السعودية إلى ذات القاعدة، استلم الذكاء الاصطناعي مهمة الدمج بينهما وبين الهوية السعودية لإبرازها بشكل يجعلها تبدو كما لو كانت مرسومة بيد فنان عاش في السعودية، في أبرز تجليات التداخل بين الفن والتقنية.
ومن هنا ينطلق الاهتمام الكبير بالفن والفنانين، إذ نظمت السعودية "آرتاثون الذكاء الاصطناعي" وهي أول مبادرة تهدف إلى تطويع الذكاء الاصطناعي لخدمة الفنانين والفن في يناير (كانون الثاني) الماضي. وتقدم لتلك الفعالية أكثر من ألفين مشارك من حول العالم، لتتاح الفرصة لـ 300 شخص، ما بين فنّان ومطوّر ذكاء اصطناعي، لابتكار أعمال فنية عبر دمج التقنية بالفن المرئي.
وترّشحت 10 أعمال فنية للمشاركة ضمن المعرض الفني الذي يُقام في القمة العالمية، من أصل 20 فريق خضعوا لتدريب مكثف لمدة شهرين بهدف إنجاز النسخ النهائية من أعمالهم. كما وصلت الجوائز المخصصة للفرق الفائزة إلى أكثر من نصف مليون ريال سعودي ( 133ألف دولار أميركي).
وفي السياق ذاته، أطلقت القمة مبادرة "تحدي نيوم" للمخترعين والمبتكرين والمبدعين من طلبة الجامعات السعودية، لمواجهة عدد من التحديات في مشروع إنشاء تلك المدينة في المجالات الحيوية المختلفة، مثل الطاقة، والترفيه، والنقل، عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وشارك في المسابقة نحو 40 جامعة سعودية، بأكثر من مئة فريق ومشروع ابتكاري مختلف. وشارك في التحكيم ثلاثة جهات حكومية (وزارة التعليم، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "هدايا"، ويوم) لتترشح 9 فرق مختلفة. وبلغت قيمة الجوائز نحو 500 مليون ريال سعودي (133 ألف دولار أميركي).
20 مليار دولار هدفنا من استثمار الذكاء الاصطناعي
في السياق، أعلن رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي أن "القمة العالمية للذكاء الصناعي" ستكون سنوية تُقدَّم من خلالها السعودية كقائد للذكاء الاصطناعي، ومركزاً لتشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، حيث تتواكب مع رئاسة بلاده لمجموعة العشرين. وتُعدّ القمة من أهم الأحداث الرئيسة على أجندة الاقتصاد الرقمي السعودية والعالمية على حدٍ سواء. وجاء كلام الغامدي خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد قبيل انطلاق أعمال القمة بمشاركة مدير مركز المعلومات الوطني، الدكتور عصام بن عبدالله الوقيت، ونائب مدير مركز المعلومات الوطني الدكتور مشاري المشاري.
وقال الغامدي سنجلب نحو 20 مليار دولار استثمارات مباشرة في مجال الذكاء الاصطناعي، موضحاً أن "القمة كشفت مستقبل العالم في هذا المجال وفي عام 2030 ستكون السعودية، بين أول 15 دولة في مجال الذكاء الاصطناعي، وسيكون لدينا 300 شركة ناشئة فيه".
وأكد المشاري أن "السعودية قفزت خلال الفترة الماضية قفزات متسارعة في التحول الرقمي"، وهو ما توِّج في تأسيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، ساديا"، مبيناً أن "ساديا استطاعت منذ تدشينها أن تنجز الكثير، فأوجدنا حلولاً كمنظومتَي "توكلنا" و"بروق " وتطبيق "تباعد".
وقال رئيس هيئة الذكاء الاصطناعي إنهم سيبرهنون على قدرتهم في "قيادة العالم في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي"، وأنهم استعدوا جيداً لقيادة الاقتصاد المعرفي.
وأشار إلى الطموح من خلال "سدايا" إلى أن يطلق الذكاء الاصطناعي طاقة كاملة للبيانات، لاسيما أن "البيانات مع الذكاء الاصطناعي تصنع اقتصاداً مبنياً على المعرفة".
القمة ستكون حضورية العام المقبل
من جهة أخرى، قال نائب مدير مركز المعلومات الوطني السعودي، الدكتور مشاري بن ابراهيم المشاري "نبحث في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي آخر مستجدات هذا المجال وستكون القمة بنسختها الحالية افتراضية على أن تكون في نسختها المقبلة حضورية. هناك مواضيع عدة ستناقشها القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، منها مستقبل الذكاء الاصطناعي. كما سيصاحب القمة عدد من الإعلانات".
ولفت المشاري إلى أنه سيتم خلال القمة "إطلاق عدد من المبادرات العالمية مع شركاء عالميين"، متطلعاً لتنفيذ ومتابعة أداء المبادرات للحصول على نتائجها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
السعودية تقدمت إلى المرتبة 18 في تصنيف المدن الذكية
من جهته، أكد مدير مركز المعلومات الوطني الدكتور عصام بن عبدالله الوقيت، أن "السعودية حققت تقدماً ملحوظاً في مجالات عدة أبرزها البيانات والذكاء الاصطناعي، حيث قفزت قفزات هائلة بواقع 40 مقعداً في تصنيف جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي"، موضحاً أنها تقدمت إلى المرتبة 18 في تصنيف المدن الذكية. وتُعتبر الرياض العاصمة الخامسة ضمن عواصم دول قمة مجموعة العشرين.
أعلى 15 دولة في الذكاء الاصطناعي
وفي ختام أول أيام القمة، أعلنت السعودية ممثلة بـ "الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي"، الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، "نُسدي"، التي تتطلع من خلالها إلى لعب دورٍ محوريٍ في رسم مستقبل البيانات والذكاء الاصطناعي على مستوى السعودية والعالم.
وتركز هذه الاستراتيجية على معالجة الأولويات الوطنية الملحّة، والتوجهات في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي نحو عام 2030، بخاصة في قطاع التعليم، والصحة، والقطاع الحكومي، والنقل والمواصلات، والطاقة، وصولاً إلى ترسيخ موقع البلاد كمركز اختصاص وتميّز، ومحطة لبناء مقوّمات تنافسية عالمية للانطلاق نحو الريادة العالمية في هذا المجال.
وترتكز رؤية الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي "نُسدي" على ستة أبعاد تتمثل في ترسيخ موقع السعودية كمركز عالمي لتمكين أفضل تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي، وتطوير القوى العاملة عبر بناء مورد مستدام للكفاءات المحلية في هذا المجال، إلى جانب بناء البيئة التشريعية الأكثر تشجيعاً للشركات والمواهب المتخصصة، ما يسهم في جذب التمويل الفعال والمستقر للفرص الاستثمارية المتميزة، فضلاً عن تمكين أفضل المؤسسات البحثية المتخصصة في البيانات والذكاء الاصطناعي من قيادة الابتكار وتعظيم الأثر المنشود، إضافةً إلى تحفيز تبني تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي من خلال المنظومة الأكثر جاهزيةً وتطلعاً إلى المستقبل.
وتستهدف "نُسدي" تحقيق منجزات الوطنية مهمة حتى عام 2030 وأبرزها، الحلول بين أعلى 15 دولة في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، والوصول بين أعلى 10 دول في البيانات المفتوحة، وأعلى 20 دولة في الإسهام بالمنشورات العلمية، وتطوير الأفراد عبر بناء مورد مستدام للكفاءات لأكثر من 20 ألف متخصص وخبير في البيانات والذكاء الاصطناعي، وجذب استثمارات في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي بما يقارب 75 مليار ريال، وتحفيز ريادة الأعمال والمساهمة في إنشاء أكثر من 300 شركة جديدة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي.
كما ستعمل "سدايا" على قيادة وتنفيذ "الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي" من خلال دعم وتوجيه الجهات المختلفة دون إعاقة خططها الحالية تجاه البيانات والذكاء الاصطناعي، وتنفيذ المبادرات المرتبطة مباشرةً بالهيئة والجهات التابعة لها لتوحيد البيانات وتنظيمها، وكذلك الإشراف على تنفيذ مبادرات "نُسدي".
كما تسعى "سدايا" إلى الارتقاء بالسعودية إلى ريادة الاقتصادات القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي، كما تضمن الإعلان، وذلك عبر ثلاث أذرع لها وهي، مكتب إدارة البيانات الوطنية، مركز المعلومات الوطني، والمركز الوطني للذكاء الاصطناعي.