تواصل شركات صينية التخلف عن سداد التزامات سندات الدين التي أصدرتها هذا العام، ويتوقع أن يرتفع عددها أكثر في عام 2021، مع الحذر الذي تتبناه الحكومة الصينية في تقديم حزم التحفيز الاقتصادي، وفق تقرير صدر هذا الأسبوع عن مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني.
ويذكر التقرير أن من بين العوامل التي أدت إلى زيادة عدد الشركات التي تعاني مشاكل مع الوفاء بالتزامها تجاه ديونها، بطء النمو الاقتصادي في الصين وضعف السيولة لدى الشركات نتيجة عوامل تتعلق بالقطاعات الصناعية، إضافة إلى لجوء المستثمرين لاتخاذ قرارات تستهدف تقليل المخاطر.
ويرى محللو "موديز" أن التحفيز النقدي، الذي وفرته الحكومة الصينية في الربع الثاني من العام، ساعد بعض الشركات على تفادي الإفلاس، لكن الحكومة لم تعمل على ضمان إصدار سندات الدين طويلة الأمد للشركات داخل الصين أو تلك العاملة في الخارج.
تباين بين الشركات
هناك تباين أيضاً بين الشركات التي استفادت من التحفيز المالي الحكومي لتفادي الإفلاس، فالشركات المملوكة من الحكومة، أو التي تملك الحكومة النصيب الأكبر فيها، استفادت أكثر بكثير من الشركات الخاصة، التي تعاني ضعف وضعها المالي. ومن جداول وبيانات الشركات الصينية في الداخل والخارج، يتضح أن عدد الشركات التي تتخلف عن التزاماتها من العاملة في الخارج أكبر بكثير من الشركات الداخلية. ويُرجع تقرير "موديز" السبب إلى أن الحكومة تملك العدد الأكبر من الشركات داخل الصين، أما أغلب الشركات في الخارج فهي خاصة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق تقرير الأسبوع الماضي لمؤسسة "ستاندرد أند بورز"، فإن السلطات الصينية بدأت منذ مايو (أيار) الماضي في تشديد الوضع المالي وضبط التسهيلات التي طرحتها من قبل، ما جعل ظروف سوق الائتمان أكثر تقييداً. ودفع ذلك بالتالي الشركات التي تعاني أوضاعاً مالية ضعيفة إلى التخلف عن الوفاء بالتزاماتها تجاه دائنيها. وعلى الرغم من أن معدلات سعر الفائدة لم تتغير كثيراً، وفق "ستاندرد أند بورز"، فإن انخفاض معدلات التضخم جعل تكلفة الاقتراض أعلى، وهو ما شكل ضغطاً إضافياً على سوق الائتمان في الصين.
ويشير تقرير "ستاندرد أند بورز" إلى أن إقراض البنوك الصينية الذي ظل مرتفعاً حتى مايو الماضي، أخذ في التراجع بعد ذلك لينخفض في الربع الثالث من العام نحو 4 نقاط مئوية، في حين يصل إجمالي الائتمان الجديد إلى 6 في المئة فحسب من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع أن يستمر ضعف سوق الائتمان خلال عام 2021.
نمو متوقع
على الرغم من نمو الاقتصاد الصيني بشكل معقول في الربع الثالث (زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.9 في المئة)، فإن تلك النسبة تظل متواضعة. وتجمع أغلب المؤسسات الدولية، بما فيها "موديز" و"ستاندرد أند بورز"، على أن الاقتصاد الصيني سينمو في عام 2020 بمتوسط بين 1.9 و2 في المئة، على أن ينمو العام المقبل بما يصل إلى 7 في المئة، وربما يجعل ذلك معدل إفلاس الشركات وتخلفها عن سداد التزامات سندات الدين متوسطة وطويلة الأجل أقل من غيرها في بلدان أخرى، حيث إن متوسط معدل التعافي في الاقتصاد العالمي أقل بكثير من نمو الاقتصاد الصيني. ومع ذلك، فإن اعتماد أغلب قطاعات الصناعة في الصين على الطلب الخارجي يزيد من فرص إفلاس الشركات.
ونتيجة لضعف التعافي الاقتصادي العالمي لا يزال معدل الصادرات الصينية متواضعاً، ومهما ارتفع الطلب الداخلي للاستهلاك المحلي فلا يمكنه تعويض التراجع في التصدير، وذلك ما جعل تقرير مؤسسة "موديز" يتوقع استمرار تخلف مزيد من الشركات الصينية عن الوفاء بالتزامات ديونها خلال العام المقبل.
ولا يختلف وضع الشركات الصينية عن وضع الشركات في العالم عامة، مع توقعات بزيادة عدد الشركات التي تتخلف عن سداد ديونها، أو تعلن إفلاسها في الأشهر الـ12 المقبلة، أي حتى قرب نهاية عام 2021. ووفق بيانات شركات التصنيف الائتماني، فإن أغلب الشركات في العالم ستواجه مشكلة أكبر مع استحقاق القدر الأكبر من سندات الدين متوسط وطويل الأجل عام 2022.
أما بالنسبة إلى المدى القصير، فمن بين 4500 شركة داخل الصين أصدرت سندات دين، يتوقع أن تصل نسبة الإفلاس والتخلف عن سداد الدين إلى ما يزيد على 1 في المئة، بينما كانت تلك النسبة 0.95 في المئة عام 2019، وعند 0.89 عام 2018.