أقل من 100 ساعة فحسب تفصلنا عن اليوم الحاسم لانتخابات الرئاسة الأميركية في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) في وقت تُولي فيه حملتا الرئيس الأميركي دونالد ترمب المرشح الجمهوري لولاية ثانية، وجو بايدن المرشح الديمقراطي، قدراً كبيراً من وقتهما ومواردهما على ما يسمى ولايات "الجدار الأزرق" في ميشيغين وبنسلفانيا وويسكونسن، التي قلبها ترمب في انتخابات عام 2016، فهل سينجح في قلب الولايات الزرقاء إلى حمراء خلال 2020؟
انقسمت وسائل الإعلام الأميركية بين مؤيد لترمب وأخرى لبايدن، وكثفت جهودها لرصد مسارات التصويت، واستعانت باستطلاعات الرأي التي تصدرها المؤسسات الأميركية لترجيح حظوظ مرشح دون الآخر، وسلطت الضوء على المخالفات والإخفاقات في حملات المرشحين. وقد يكون الكشف عن النمو القياسي للناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال الربع الثالث، الذي وصفه ترمب بالأكبر خلال الأعوام الخمسين الماضية، أتاح له فرصة ذهبية نادرة للتقدم على منافسة بايدن خلال المرحلة الأخيرة والحاسمة من الانتخابات.
وركزت وسائل الإعلام الأميركية اليوم في افتتاحياتها على ولاية فلوريدا، الذي كشف عن التقارب في حملات ترمب وبايدن، حيث قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن فلوريدا تعد ولاية رئيسة في ساحة المعركة الانتخابية، وتحدثت عن المسيرات التي نظمها كلا المرشحين بـ"تامبا" في غضون ساعات من بعضهم البعض. وانتقد ترمب في خطابه أمام مناصريه قرار المحكمة العليا بشأن بطاقات الاقتراع في ولاية بنسلفانيا، حيث تظهر الولاية كنقطة ساخنة محتملة لخلافات ما بعد يوم الانتخابات. فيما واصل المرشح الديمقراطي جو بايدن في مهاجمة الأول على استجابته لفيروس كورونا، متهماً إياه ليس بالفشل في إيقاف الوباء فقط، بل بالمسؤولية عن نشره أيضاً.
وركزت الصحيفة على انتقاد حملة المرشح الديمقراطي جو بايدن لـ"فيسبوك" بسبب الأخطاء الفنية التي قال فريق نائب الرئيس السابق إنها أدت إلى توقف الآلاف من إعلاناتها قبل أقل من أسبوع من الانتخابات، وكلفتهم 500 ألف دولار من العائدات المتوقعة، حيث قال بوب فلاهيرتي رئيس حملة بايدن الرقمية، إنه من غير الواضح حتى الآن تحديد إن كان "فيسبوك" قد منح ترمب ميزة انتخابية غير عادلة.
وأضاف "من الواضح تماماً أن (فيسبوك) لم يكن مستعداً تماماً للتعامل مع هذه الانتخابات على الرغم من التحضير لها منذ أربع سنوات". ودعا فلاهيرتي إلى "اتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيح وشرح عمق هذا الإخفاق بشكل واضح، خصوصاً أن 100 ساعة فحسب تفصلنا عن يوم الانتخابات، وبالتالي لا مجال لتضييع الوقت"، على حد قوله. هذه الانتقادات توجت بعام من العداء المتزايد تجاه "فيسبوك" داخل حملة الحزب الديمقراطي، الذي تميز بشكل خاص بكثرة الشكاوى على خلفية إخفاقات الشركة المزعومة في السيطرة على المعلومات المضللة وخطاب الكراهية، على حد وصف الحزب.
وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تحت عنوان "ترمب وبايدن تقارب في فلوريدا"، ووصفتها بـ"جائزة المراوغة، التي لا تزال قيد الاستيلاء"، قائلة "لقد ظهر المتنافسان الرئاسيان في تامبا، وواجها نقاط ضعفهما وجذبا مجموعة من الناخبين، وهي علامة واضحة على أن كليهما يرى أن ثروته السياسية مرتبطة بالدولة.
ماذا تخبئ فلوريدا لترمب وبايدن؟
أضافت الصحيفة أن "الحسرة السياسية القديمة، جذبت منافسي البيت الأبيض إلى المدينة نفسها، يوم الخميس، حيث واجه الرئيس ترمب خصمه بايدن في ولاية تتشكل مرة أخرى باعتبارها الجائزة الأكثر مراوغة في انتخابات الأسبوع المقبل".
وقالت الصحيفة إن "ترمب عاد إلى واحد من أكثر أجزاء الولاية قسوة بالنسبة له قبل أربع سنوات (تامبا)، إحدى المناطق الغنية بالأصوات، التي خسرها أمام هيلاري كلينتون 1-4، وبالتالي يسعى الرئيس مرة أخرى لكسب المستقلين والمعتدلين عبر حديثه عن الديمقراطيين الفاسدين، وهو هجوم واجه صعوبة في الترويج له في الولاية ضد بايدن".
بدوره، يواجه بادين حاجة مُلحّة بشكل متزايد لبناء هوامشه مع اللاتينيين، وهي مجموعة ديموغرافية متنوعة في فلوريدا كافح من أجل تحفيزها على نطاق واسع حتى الآن. ووجه نداءً صريحاً إلى الكوبيين والفنزويليين الأميركيين، مذكراً إياهم بانتهاكات حقوق الإنسان في هافانا وكراكاس.
وتضيف "نيويورك تايمز" أنه على الرغم من أن بايدن قد حقق مكاسب مع الناخبين الأكبر سناً الذين كانوا في يوم من الأيام جزءاً من قاعدة ترمب، فإن الأخير يتمتع بشعبية كبيرة بين الناخبين الجمهوريين المحافظين في فلوريدا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكما هو الحال مع ترمب، لم يكن من الواضح ما إذا كانت رسالة بايدن ستلقى صدى لدى عدد كافٍ من الناخبين للمساعدة في ضمان تحالف فائز، لكن نائب الرئيس السابق أقر بالدور الفريد الذي ستلعبه فلوريدا في تحديد الفائز. وقال بايدن، وهو يجلس بمكتب حملة انتخابية في الهواء الطلق بـ"فورت لودرديل" في وقت سابق من اليوم "إذا فُزنا بولاية فلوريدا، فقد حان وقت اللعبة، لقد انتهى الأمر"، في إشارة منه إلى أنه سيفوز في انتخابات الرئاسة إذا ما فاز بالعدد الأكبر من أصوات الناخبين في الولاية.
وتتمتع فلوريدا بعديد من الأجزاء السياسية المؤثرة لدرجة أن مكاسب المرشح مع مجموعة ما يقابلها غالباً تحديات مع مجموعة أخرى؛ لذا بينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن بايدن يعمل بشكل جيد مع الناخبين الأكبر سناً والأشخاص من أصل لاتيني من غير الكوبيين، مثل البورتوريكيين والدومينيكيين والمكسيكيين، يتمتع ترمب بدعم الطبقة العاملة البيضاء من فلوريدا، كما حسَّن موقفه من الناخبين الكوبيين.
عرضت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقييمات وتحليلات الانتخابات الرئاسية ومجلس الشيوخ لعام 2020، وقالت إن النظرة المستقبلية لأي حزب يتقدم في السباق الرئاسي ومجلس الشيوخ، ستكون بناءً على التصنيفات المجمعة من ثلاثة محللين سياسيين غير حزبيين، وأشارت إلى أنه بناءً على تقرير التصنيفات المجمعة من كوك بوليتيكال ريبورت (إنسايد إليكشن) لـ"نيثان غونزاليس"، و"لاري كرستال"، واستطلاع لجامعة فيرجينيا للسياسة، فقد تم منح جو بايدن ميزة على الرئيس ترمب في السباق للحصول على 270 صوتاً انتخابياً تشمل الولايات التي تكون فيها النتيجة غير مؤكدة، وهي أيوا وفلوريدا ونورث كارولينا وجورجيا، في حين ستحدد منافسات مجلس الشيوخ الـ35 لهذا العام ما إذا كان الجمهوريون قادرين على الاحتفاظ بالأغلبية في المجلس، أو ما إذا كان سيُسيطر الديمقراطيون ويشغل الجمهوريون حالياً 53 مقعداً، لكن العديد من شاغلي المناصب يواجهون تحديات قوية يمكن أن تقلب التوازن في مجلس الشيوخ.
ولايات زرقاء وحمل السلاح
ابتعدت شبكة الأخبار التلفزيونة الأميركية "سي أن بي سي"، المُوالية للمرشح بايدن عما يحدث بين المرشحين في ولاية فلوريدا، متناولة الانتخابات من زاوية مختلفة، حيث عنونت "بايدن يتعهد بفريق عمل للم شمل العائلات المشتتة وترمب يحذر من الاشتراكية"، قائلة "أربعة أيام حتى يوم الانتخابات، وفي حين يواصل الرئيس ترمب جدول حملته الطموحة، من المقرر أن يضرب منافسه الديمقراطي جو بايدن المسار بجدول زمني أكثر تقليصاً، ويتطلع بايدن وزميلته في الترشح السيناتور كامالا هاريس إلى توسيع خريطتهما الانتخابية من خلال التركيز على الولايات الحمراء التقليدية، مثل تكساس وجورجيا وأريزونا، وفي غضون ذلك، سعى ترمب ونائب الرئيس مايك بنس إلى قلب ولايتي نيفادا ومينيسوتا ذات اللون الأزرق".
وركزت الشبكة على المعركة القانونية في ولاة ميشيغين، التي تناولت إمكانية السماح للأشخاص بحمل الأسلحة النارية علانية خارج مراكز الاقتراع في يوم الانتخابات، وهي القضية التي في طريقها الآن إلى أعلى محكمة في الولاية.
وتعتزم المدعية العامة، دانا نيسيل، استئناف القضية أمام المحكمة العليا في ميشيغين بعد أن سمحت محكمة الاستئناف بحمل الأسلحة النارية خارج مراكز الاقتراع، ورفضت محكمة استئناف ميشيغين الاستماع إلى القضية بقرار 3-0، قائلة "إن تخويف الناخبين غير قانوني بموجب قانون ميشيغين الحالي"، وفقاً لصحيفة "ديترويت فري برس".
وقالت المحكمة "أي شخص يرهب ناخباً في ميشيغين من خلال التلويح بسلاح ناري أو سكين أو مضرب بيسبول أو قبضة يد، أو بأي شكل آخر من أشكال التهديد، يرتكب جناية بموجب القانون الحالي".
وحظرت وزيرة خارجية ميشيغين، جوسلين بنسون، حمل الأسلحة النارية على مسافة 100 قدم من مركز اقتراع يوم الانتخابات، لكن قاضي محكمة المطالبات في ميشيغين منع الأمر، قائلاً، إنه "يشبه محاولة التشريع"، وفقاً لما ذكرته لـ"ديترويت". وكان مكتب المدعي العام، قد أعلن نيته تقديم استئناف إلى المحكمة العليا للولاية، إلى استطلاع حديث أظهر أن 73 في المئة من سكان ميشيغين يعارضون حمل سلاح مفتوح في مراكز الاقتراع.
مسيرات للمرشحين في ولاية مينيسوتا اليوم
أما شبكة فوكس الإخبارية المفضلة لدى الرئيس ترمب، فقد ركزت على المسيرات الانتخابية التي ينظمها بايدن وترمب، الجمعة، في مينيسوتا، ما يشير إلى أن الولاية التي طالما سيطر عليها الديمقراطيون في الانتخابات الرئاسية قد تلعب دوراً حاسماً في الانتخابات الأسبوع المقبل. وكان الرئيس ريتشارد نيكسون آخر جمهوري يفوز بالولاية خلال إعادة انتخابه بأغلبية ساحقة في عام 1972، لكن قبل أربع سنوات خسر ترمب بفارق ضئيل مينيسوتا وأصواته الانتخابية العشرة أمام المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016، ولأكثر من عام كان الرئيس وحملته لإعادة انتخابه يتطلعان إلى الولاية على أمل كسر سلسلة الخسارة وقلبها من اللون الأزرق (الديمقراطي) إلى الأحمر (الجمهوري).
ويشير متوسط أحدث استطلاعات الرأي العام في الولاية إلى أن نائب الرئيس السابق يتمتع بميزة متوسطة في خانة العشرات على ترمب، لكن الاستطلاعات تشير إلى أن ترمب حقق مكاسب خلال الشهر الماضي. وتتركز قوة بايدن في المدن التوأم ومقاطعات الضواحي المحيطة، في حين أن استطلاعات الرأي تقول إن ترمب في المرتبة الأفضل بالمناطق الريفية عبر باقي أنحاء الولاية، التي تعرف باسم مينيسوتا الكبرى.
وتقام مسيرة الرئيس ترمب، الذي تم التخطيط لها لبضعة أيام، في الساعة 5 مساءً بالتوقيت المحلي في المطار بمدينة روتشستر الجنوبية الشرقية، على الرغم من أن موقع الحدث تم نقله مرتين بسبب قيود الولاية المتعلقة بفيروس كورونا والحشود الكبيرة. وسيكون الحدث أصغر بشكل كبير من التجمعات المعتادة للرئيس، حيث يتم حشد المؤيدين معاً من دون مسافات اجتماعية، وهناك عدد محدود من ارتداء الأقنعة.