يبدو أن إثيوبيا بلد الـ 100 مليون نسمة في أفريقيا، يتجه إلى نزاع مطول. فقد أعلن الجيش الإثيوبي الخميس أن الحكومة المركزية "دخلت في حرب" مع السلطات المتمردة في إقليم تيغراي الشمالي، حيث أطلقت أديس أبابا عملية عسكرية الأربعاء 4 نوفمبر (تشرين الثاني).
وبرر رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد قراره شن حرب في شمال البلاد، وقال، الجمعة 6 نوفمبر، إنه أصبح من الضروري نزع سلاح فصيل عرقي قوي مارس القمع على البلاد على مدى عقود واصفاً زعماءه بأنهم هاربون من العدالة.
وفي أول تصريحات له منذ إعلان بدء العمل العسكري في إقليم تيغراي يوم الأربعاء، أكد أبي أن الحملة العسكرية في الشمال لها أهداف "واضحة ومحدودة وقابلة للتحقيق".
وقال إن القوات الجوية الإثيوبية قصفت مستودعات أسلحة ودمرت معدات عسكرية في منطقة تيغراي، الجمعة.
وأضاف أبي في بيان نقلته هيئة "فانا" الإذاعية الإثيوبية المرتبطة بالحكومة مساء الجمعة أن الضربات استهدفت مواقع داخل ميكيلي عاصمة الإقليم والمناطق المحيطة ودمرت قطع مدفعية ثقيلة وقاذفات صواريخ.
وأمر رئيس الوزراء بتعبئة القوات من جميع أنحاء البلاد وإرسالها إلى الإقليم بعد اشتباكات على مدى يومين بين قوات الحكومة والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي التي ظلت لزمن طويل الجناح السياسي المهيمن في البلاد.
وقال إن العمليات تهدف إلى "استعادة سيادة القانون والنظام الدستوري، وحماية حقوق الإثيوبيين في حياة ينعمون فيها بالسلام في أي مكان بالبلاد".
وأضاف مكتبه في بيان أن هناك هدفاً أساسياً يتمثل في "نزع سلاح أي قوة أمنية في الإقليم"، واتهم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بالاختباء في ميكيلي و"استخدام المدنيين دروعا بشرية".
وقال "أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الذين حكموا البلاد على مدى 27 عاماً من خلال القمع وليس بالقانون هاربون من العدالة"، مضيفاً أنه سيتم اعتقال المشتبه فى ارتكابهم أعمالاً مخالفة للقانون.
ولم يتسن لوكالة "رويترز" الحصول على تعليق فوري من مسؤولين في الجبهة.
قلق أممي
وحاول دبلوماسيون دفع الطرفين إلى المفاوضات هذا الأسبوع لتجنب اندلاع حرب أهلية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه يشعر بقلق بالغ إزاء القتال.
وأضاف غوتيريش على "تويتر" في ساعة متأخرة من مساء الخميس أن "استقرار إثيوبيا مهم لمنطقة القرن الأفريقي برمتها. أدعو إلى وقف التصعيد فورا وحل النزاع بشكل سلمي".
وتخشى دول المنطقة أن تتصاعد الأزمة إلى حرب شاملة تحت قيادة أبي الذي حصل على جائزة نوبل للسلام العام الماضي بعدما أنهى نزاعا استمر عقودا مع إريتريا المجاورة، لكنه فشل في منع اندلاع اضطرابات عرقية في بلاده.
وقال مصدران دبلوماسيان لـ"رويترز" إن مقاتلتين إثيوبيتين شوهدتا تحلقان فوق ميكيلي بعد ظهر الخميس، في خطوة وصفت بأنها استعراض للقوة من قبل قوات الدفاع الوطني الإثيوبية.
وقالت حكومة إقليم تيغراي التي يقودها دبرصيون جبراميكائيل، الخميس، إنها مستعدة لمواجهة أي هجوم من أي اتجاه.
مجلس النواب يوافق على الطوارئ
وقال نائب رئيس أركان الجيش برهان جولا خلال مؤتمر صحافي في العاصمة، الخميس، "دخل بلدنا في حرب لم يكن يتوقعها. هذه الحرب مخزية وعبثية".
وأكد جولا "أننا سنحرص على ألا تطال الحرب وسط البلاد"، وتبقى منحصرة في تيغراي.
في الأثناء، وافق النواب الإثيوبيون، الخميس، على فرض حال الطوارئ في منطقة تيغراي. وينصّ الدستور على ضرورة أن تعرض الحكومة مرسوم حال الطوارئ خلال 48 ساعة من إصداره على مجلس النواب، وقد أقره هذا الأخير بالإجماع صباح الخميس.
وأوضح مصدر رفيع المستوى في الحكومة الفيدرالية لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه يمكن للسلطات المركزية من الناحية القانونية أن تفرض أيضاً حظراً للتجول، وتنفذ عمليات تفتيش من دون إذن قضائي، وتقيد عمليات الاتصال والتنقلات، وتوقف "كل شخص يشتبه في قيامه بأنشطة غير قانونية تهدد النظام الدستوري"، مضيفاً أنه يمكن كذلك توسيع حال الطوارئ خارج إقليم تيغراي.
أحمد يتهم الجبهة بتحدي سلطته
وفرض رئيس الحكومة أبيي أحمد، الأربعاء، حال الطوارئ لستة أشهر في تيغراي، بعيد إعلان عملية عسكرية ضد سلطات المنطقة التي يتهمها بمهاجمة قواعد للجيش الإثيوبي.
ويسعى أبيي أحمد إلى إعادة فرض سلطة الحكومة الفيدرالية في الإقليم الذي تحكمه "جبهة تحرير شعب تيغراي"، والتي تتحدى سلطته منذ أشهر.
وأعلن أحمد في كلمة متلفزة مساء الأربعاء أن العمليات العسكرية ستتواصل "خلال الأيام المقبلة في تيغراي"، مؤكداً أنه سيعلن تفاصيلها حال انتهائها، فيما لم تتوافر مباشرة أية معلومات حول العمليات الجارية.
الجبهة تتهم أحمد بتهميش أقلية "تيغراي"
وهيمنت جبهة تحرير شعب تيغراي على التحالف الذي أطاح العام 1991 بالنظام العسكري الماركسي وزعيمه منغستو هيلا مريم، الذي حكم إثيوبيا بقبضة حديدية طوال 30 عاماً، حتى وصول أبيي أحمد إلى السلطة عام 2018.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتهم الجبهة أحمد، المنتمي إلى إتنية أورومو، بأنه همش تدريجياً أقلية تيغراي التي تشكل ستة في المئة من السكان، ضمن التحالف الحاكم الذي انسحبت منه، وانتقلت إلى صفوف المعارضة.
وتصاعد التوتر منذ نظمت الجبهة انتخابات إقليمية في أغسطس (آب) فازت فيها بجميع المقاعد، في مخالفة لقرار الحكومة الفيدرالية تأجيل كل الانتخابات في البلاد بسبب وباء "كوفيد-19".
ورفضت الجبهة تمديد ولاية جميع الهيئات التي توشك على الانتهاء، بما فيها ولاية مجلس النواب ورئيس الحكومة. ومذ ذاك صارت سلطات الإقليم وحكومة أحمد تعتبر الأخرى غير شرعية.
الهدف العسكري
وأفادت مصادر دبلوماسية وإنسانية أن الاشتباكات تبدو متركزة حتى الآن في غرب تيغراي، لكن من الصعب رسم صورة واضحة للوضع على الأرض، إذ يبدو أنه جرى قطع شبكة الإنترنت في المنطقة خلال الليلة السابقة، وفق موقع "نتبلوكس" المتخصص.
ولم تقدم الحكومة حتى الآن جدولاً زمنياً أو أهدافاً واضحة لحملتها العسكرية، لكن المتحدث باسم خلية الأزمة رضوان حسين قال الأربعاء إن "الهدف العسكري هو حفظ القانون والنظام، ثم تحرير شعب تيغراي".
وقال مصدر من الاتحاد الأفريقي لوكالة الصحافة الفرنسية، الخميس، إن المنظمة "تقوم حالياً باتصالات دبلوماسية في المنطقة ومع كل الفاعلين لمحاولة إيجاد حل، لكن الوضع حساس جداً حالياً".