لم تكد تهدأ عاصفة الجدل حول ما نشره ستيف بانون مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وسط حمى الانتخابات تجاه بعض المسؤولين في البيت الأبيض، حتى أعاد مؤسس شبكة "فيسبوك" إشعالها.
فبعد أن أقدمت شبكات التواصل الاجتماعي، على رأسها "فيسبوك"، على حذف الفيديو الذي نشره بانون على منصاته المختلفة، الذي دعا فيه إلى قطع رأسي اثنين من كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية، وتعليقهما على جنبات البيت الأبيض، عاد النقاش ليتصاعد، لكن من جانب آخر.
فلم تقدم الشبكة التي يملكها مارك زوكربيرغ على إغلاق حساب المستشار المثير للجدل كما فعلت نظيراتها، بل اكتفت بحذف الفيديو، وأبقت بانون ناشطاً على المواقع التي تملكها "فيسبوك"، وهو ما استدعى تساؤلاً حول مدى انتهاك ذلك للقوانين، لتجرّ إجابة من الملياردير الشاب جدلاً أوسع لا يبدو أنه سينتهي قريباً.
لم ينتهك القوانين بالدرجة الكافية
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك" مارك زوكربيرغ، في اجتماع لجميع الموظفين أمس الخميس، إن مستشار ترمب السابق في البيت الأبيض ستيف بانون، "لم ينتهك ما يكفي من سياسات الشركة لتبرير تعليق حسابه"، وفق ما نقلت عنه وكالة "رويترز".
واقترح بانون، في مقطع فيديو نشر في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، قطع رأس خبير الأمراض المعدية المسؤول عن ملف كورونا أنتوني فاوتشي، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر وراي، بحجة أنهما كانا "غير موالين للرئيس ترمب"، في أحد تعليقاته الانفعالية، بعد أن بدأت النتائج تسير لصالح منافسه بايدن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال بانون، في الفيديو، "كنت لأضع الرأسين على الحراب. نعم، كنت سأعلقهما على زاويتين في البيت الأبيض كتحذير للبيروقراطيين الفيدراليين، لأقول لهم إما أن تلتزموا أو تختفوا"، الأمر الذي احتوته متحدثته في بيان أكدت فيه أن بانون "لا يمكن أن يدعو إلى العنف، وأن تصريحه فهم بشكل خاطئ".
واستمر زوكربيرغ في الدفاع عن نفسه، قائلاً "لدينا قواعد محددة حول عدد المرات التي تُنتهك فيها السياسات، قبل أن نقوم بإلغاء الحساب تماماً"، مضيفاً "في حين أن المخالفة هنا اقتربت من عبور ذلك الخط الذي يستوجب إلغاء الحساب، لكنها لم تفعل"، وقد نقلت الوكالة هذا الحديث من تسجيل لزوكربيرغ في منتدى أسبوعي يجمعه بالموظفين، ولم تنفه الشبكة.
وبادرت المنصات الاجتماعية على الفور بإزالة المحتوى من ضمنها "فيسبوك"، لكن الأخيرة أبقت على صفحته التي يتابعها نحو 175000 شخص ولم تلغها، في الوقت الذي حظرت فيه "تويتر" حسابه نهائياً بسبب المحتوى نفسه.
"تعليق الرؤوس" كان مجازياً
لكن، الضغوط التي مورست ضد منصة التواصل الأضخم في العالم دفعتها إلى تقديم تصريحات أكثر مرونة حول مواقف متشددة قد تتخذها تجاه بانون.
فقد رد آندي ستون، متحدث "فيسبوك"، على ما إذا كانت الشركة ستتعامل بذات المرونة تجاه السياسي المثير للجدل في المستقبل، قائلاً "بل سنتخذ مزيداً من الإجراءات ضد صفحة بانون إذا ما قام بانتهاكات إضافية".
وأضاف ستون، "يجب أن نفرق بين ما هو مقصود بشكل واضح، وما هو مجازي"، مؤكداً أن تصريح بانون "كان استعارة من قصة تاريخية لأغراض بلاغية وحسب".
إلا أن "فيسبوك" قدمت تنازلاً في موقفها، بعد أن أغلقت عدداً من الصفحات المرتبطة ببانون، بحجة ترويجها مزاعم كاذبة بشأن الانتخابات الرئاسية، كما قال متحدث الشركة "أزلنا سبع صفحات فيها قرابة 2.5 مليون متابع كانت على صلة ببانون، بسبب نشاطها الذي ظهرت عليه سلوكيات غير أصيلة لغرض زيادة عدد المشاهدات والترويج السياسي المصطنع".
وعمل بانون، بصفته كبير الإستراتيجيين في البيت الأبيض منذ بداية الحملة الرئاسية الأولى لترمب، وهو الذي أسهم في صياغة سياسة "أميركا أولاً" التي قادت الرئيس إلى البيت الأبيض، قبل أن يقيله في أغسطس (آب) 2017 بعد خلاف دب بينهما.
بايدن يوبخ "فيسبوك"
لم تتوقف الضغوط التي تعرضت لها المنصة الرقمية عند هذا الحد، إذ تشعر الشركة بمخاوف تجاه المرحلة الجديدة، بعد أن نقل إليها عدم ارتياح فريق بايدن السياسي لطريقة تعامل الشركة، إلا أنها آثرت التريث حتى تتعرف على موقف الرئيس تجاهها.
إذ أقر زوكربيرغ في التسجيل ذاته بالانتقاد الذي وجهه الرئيس المنتخب جو بايدن إلى "فيسبوك"، لكنه قال إن "الشركة تتشارك معه بعض المخاوف بشأن وسائل التواصل الاجتماعي"، مطالباً موظفيه بعدم الاستعجال في الاستنتاجات حول كيفية تعامل الإدارة الجديدة مع تنظيم شركات وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف الملياردير، في اللقاء، "ليس سراً أن بايدن لديه تحفظات تجاه "فيسبوك"، فقد انتقد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي الموقع بشكل علني في حوار مع "نيويورك تايمز"، وقال إنه ليس معجباً بطريقة عمله وأدائه"، معتبراً ذلك مؤشراً على "مشكلة حقيقية".
وأكد تلقيه ملاحظات مباشرة من فريق بايدن، مضيفاً "الموضوع ربما يكون انطباعياً، فقط لأن كثيراً من الناس يوجهون لنا انتقادات عدائية، هو ما يجعل الصورة تجاهنا بهذا السوء. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن تغييراً كبيراً سيحدث في الإدارة الجديدة تجاهنا".