عبر نحو 25 ألف إثيوبي الحدود إلى السودان المجاور، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، فيما قالت الأمم المتحدة إنها تعمل على إيجاد مأوى مناسب لهم. وقالت سونا إن "عدد اللاجئين الإثيوبيين الذين وصلوا إلى ولايتَي القضارف وكسلا حتى السبت، ارتفع إلى 24944 لاجئاً".
وقام مفوض السودان لشؤون اللاجئين عبدالله سليمان بجولة في المنطقة الحدودية السبت 14 نوفمبر (تشرين الثاني) مع مساعد ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في السودان يان هانسمان لمناقشة تدفق اللاجئين.
ونقلت "سونا" عن هانسمان قوله، إن أولوية المفوضية هي تزويد اللاجئين بالمأوى والطعام والمياه ثم نقلهم إلى مناطق بعيدة عن الحدود "لأسباب أمنية". وأكد أن المفوضية تعمل على إنشاء مخيمات جديدة في السودان للاجئين الإثيوبيين "تتوفر فيها كل مقومات الحياة".
وتحاول وكالات محلية وأخرى تابعة للأمم المتحدة مساعدة اللاجئين الذين يصلون بأعداد متزايدة ومعهم قليل من الأمتعة والمؤن. وكانت قوات الحكومة الإثيوبية الفيدرالية، شنت مطلع نوفمبر الحالي هجوماً ضد قوات حكومة جبهة تحرير تيغراي من أجل إخضاع الإقليم لسلطتها بعد ما اتهمتها بمهاجمة قاعدة عسكرية فيدرالية.
آبي أحمد يتهم الجبهة بالقمع والهروب من العدالة
وبرر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قرار شن حرب شمال البلاد بقوله، "أصبح من الضروري نزع سلاح فصيل عرقي قوي مارس القمع على البلاد على مدى عقود، واصفاً زعماءه بأنهم هاربون من العدالة، وأكد أن الحملة العسكرية في الشمال لها أهداف "واضحة ومحدودة وقابلة للتحقيق"، معلناً أن القوات الجوية الإثيوبية قصفت مستودعات أسلحة ودمرت معدات عسكرية في منطقة تيغراي.
وأضاف، في بيان نقلته هيئة "فانا" الإذاعية الإثيوبية المرتبطة بالحكومة مطلع نوفمبر الحالي، أن الضربات استهدفت مواقع داخل ميكيلي عاصمة الإقليم والمناطق المحيطة ودمرت قطعاً مدفعية ثقيلة وقاذفات صواريخ.
وكان رئيس الحكومة قد فرض حال الطوارئ لستة أشهر في تيغراي، بعيد إعلان العملية العسكرية، التي تهدف إلى إعادة فرض سلطة الحكومة الفيدرالية في الإقليم الذي تحكمه "جبهة تحرير شعب تيغراي"، التي تتحدى سلطته منذ أشهر.
وأعلن آبي أحمد، في كلمة متلفزة، أن العمليات العسكرية ستتواصل "خلال الأيام المقبلة في تيغراي"، مؤكداً أنه سيعلن تفاصيلها حال انتهائها، فيما لم تتوافر مباشرة أية معلومات حول العمليات الجارية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جبهة تحرير تيغراي ترد الاتهامات
وهيمنت جبهة تحرير شعب تيغراي عام 1991على التحالف الذي أطاح النظام العسكري الماركسي وزعيمه منغستو هيلا مريم، الذي حكم إثيوبيا بقبضة حديدية طوال 30 عاماً، حتى وصول آبي أحمد إلى السلطة عام 2018.
وتتهم الجبهة آبي أحمد، المنتمي إلى إتنية أورومو، بأنه همش تدريجياً أقلية تيغراي التي تشكل 6 في المئة من السكان، ضمن التحالف الحاكم الذي انسحبت منه، وانتقلت إلى صفوف المعارضة.
وتصاعد التوتر منذ نظمت الجبهة انتخابات إقليمية في أغسطس (آب) فازت فيها بجميع المقاعد، في مخالفة لقرار الحكومة الفيدرالية تأجيل كل الانتخابات في البلاد بسبب وباء "كوفيد-19". ورفضت الجبهة تمديد ولاية جميع الهيئات التي توشك على الانتهاء، بما فيها ولاية مجلس النواب ورئيس الحكومة. ومذ ذاك صارت سلطات الإقليم وحكومة أحمد تعد الأخرى غير شرعية.
سلطات إقليم تيغراي تتبنى ضربات طالت إريتريا
وتبنت سلطات إقليم تيغراي الأحد إطلاق صواريخ استهدفت مطار عاصمة إريتريا المجاورة، في هجوم يعزز المخاوف من اندلاع نزاع واسع النطاق في القرن الأفريقي.
وأفاد دبلوماسيون وكالة فرانس برس ليل السبت بأن صواريخ عدة ضربت العاصمة الإريترية أسمرة، وسقطت قرب المطار. لكن القيود على الاتصالات في تيغراي وإريتريا جعلت التأكد من صحة التقارير أمراً صعباً.
وقال رئيس إقليم تيغراي دبرتسيون غبرميكائيل لفرانس برس إن "القوات الإثيوبية تستخدم كذلك مطار أسمرة" في عمليتها العسكرية ضد منطقته، ما يجعل المطار "هدفاً مشروعاً" على حد تعبيره للضربات التي وقعت ليل السبت.
وأضاف أن قواته تخوض معارك ضد "16 كتيبة" تابعة للجيش الإريتري منذ أيام "على جبهات عدة". وسبق أن اتهمت الجبهة حكومة آبي باستقدام الدعم العسكري من إريتريا، وهو أمر تنفيه إثيوبيا. ولم يصدر أي رد فعل الأحد عن حكومتَي إريتريا وإثيوبيا.
ولم يتضح بعد عدد الصواريخ التي أُطلِقت ليل السبت، والموقع الذي انطلقت منه في تيغراي، وإن كانت أصابت أهدافها، وحجم الأضرار الناجمة عنها. ونشرت سفارة الولايات المتحدة في أسمرة تحذيراً على موقعها الإلكتروني الأحد حول "سلسلة من الضجيج الصاخب" حوالى الساعة 7:50 مساء السبت.
وجاء في التحذير أن "تقارير غير مؤكدة تشير إلى أنها ربما كانت عبوات ناسفة يُعتقد أنها كانت في محيط مطار أسمرة الدولي. ولا توجد مؤشرات على ضرب المطار".
قلق أممي
وحاول دبلوماسيون دفع الطرفين إلى المفاوضات هذا الأسبوع لتجنب اندلاع حرب أهلية، وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنه يشعر بقلق بالغ إزاء القتال. وأضاف على "تويتر"، أن "استقرار إثيوبيا مهم لمنطقة القرن الأفريقي برمتها. أدعو إلى وقف التصعيد فوراً وحل النزاع بشكل سلمي".
وتخشى دول المنطقة أن تتصاعد الأزمة إلى حرب شاملة تحت قيادة آبي الذي حاز جائزة نوبل للسلام العام الماضي، بعدما أنهى نزاعاً استمر عقوداً مع إريتريا المجاورة، لكنه فشل في منع اندلاع اضطرابات عرقية في بلاده.
في هذه الأجواء يستمر اللاجئون الإثيوبيون الهاربون من القتال في إقليم غرب تيغراي في التدفق إلى السودان، وبدأت الحكومة السودانية على مستوى المركز وولايتي كسلا والقضارف الحدوديتين مع إثيوبيا، بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ترتيبات عاجلة لتوفير ظروف الإيواء.
موجات يومية متزايدة من اللاجئين
ولفت السر خالد، ممثل معتمدية اللاجئين الوطنية في شرق السودان، إلى ازدياد أعداد اللاجئين، إثر اشتداد المعارك في تيغراي. ويتوقع أن تتضاعف الأعداد مع استمرار الحرب. وكشف خالد أن الحكومة السودانية وافقت على استضافة اللاجئين الإثيوبيين، لكن اتُفق على عدد 20 ألفاً ضمن الخطة الأولى بحسب المتاح من المصادر والموارد، وقد يصل العدد إلى 100 ألف لاجئ.
وأشار إلى كثافة اللاجئين في معبر حمداييت الحدودي. فبينما تبلغ سعة المعبر 300 لاجئ، يستقبل الآن أضعاف ذلك العدد، وهناك أعداد مماثلة تنتظر خارجه، في غياب المنظمات الإنسانية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. إذ وقع عبء الاستضافة على المواطنين السودانيين في المنطقة الذين يقدمون الطعام والماء لإيواء بعض اللاجئين داخل مزارعهم، إلى حين تسجيلهم وترحيلهم إلى المعسكرات.
دعوة المنظمات لسرعة الاستجابة
ودعا ممثل المعتمدية الوطنية للاجئين التابعة لوزارة الداخلية السودانية، المنظمات الإنسانية إلى التحلي بروح المسؤولية والارتقاء إلى مستوى التحدي في التعامل مع الوضع الإنساني.
وأضاف، "يفترض أن تكون تلك المنظمات على قدر التحدي، بما فيها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومكتب الخرطوم، التي تتسم استجابتها بالبطء في التعامل مع الواقع، وتعلل ذلك بمحدودية قدراتها، وبأنها تستعين بشركاء آخرين في منظمات المجتمع المدني.
وأوضح، أن حكومة السودان قامت بواجبها بمنح اللاجئين حق العبور إلى أرضه، بل ورحب بهم، لكن التمويل والحماية من مسؤولية الأمم المتحدة ممثلة في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مشيراً إلى انخراط المعتمدية الوطنية بوصفها نقطة الارتكاز في سلسلة اجتماعات مع مكتب المفوضية في الخرطوم، لأغراض التنسيق ودفع وتسريع وتيرة الاستجابة.
وانتقد خالد عدم جاهزية المفوضية السامية، وبطء استجابة المنظمات الإنسانية في التعامل مع واقع الطوارئ الإنساني على الأرض. وهو وضع مرشح للاتجاه بسرعة نحو الأسوأ في ظل استمرار المعارك، وما يترتب عليه من ازدياد التدفقات البشرية على الحدود السودانية، مشيراً إلى أن المفوضية السامية أرسلت فرقاً للتقييم.
الأمم المتحدة: القتال يحول دون دخول المواد الغذائية والصحية
وفي سياق متصل، حذرت الأمم المتحدة، من أن وكالات الإغاثة التي تعمل في منطقة تيغراي شمال إثيوبيا، غير قادرة على إعادة ملء مخازنها من المواد الغذائية والصحية وإمدادات الطوارئ الأخرى فيما تدور معارك بين القوات الاتحادية وقوات المنطقة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في أحدث تقاريره عن الأزمة إن خطوط الاتصالات الهاتفية مع المنطقة لا تزال مقطوعة الأمر الذي يضر بعمليات الإغاثة.
وذكر التقرير "الانتقالات غير مسموحة من تيغراي وإليه، ونتيجة لذلك ترد تقارير عن نقص في السلع الأساسية يؤثر أشد ما يؤثر على الفئات الأكثر ضعفاً"، وأضاف، أن منظمات الإغاثة قلقة بشأن حماية الأطفال والنساء وكبار السن والمعاقين من الاشتباكات العسكرية.
وعبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها من حدوث حالة طوارئ تتعلق باللاجئين إذا ما اضطر مزيد من المدنيين إلى النزوح بسبب القتال. وقالت آن إنكونتريه ممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إثيوبيا، في مقابلة مع "رويترز"، إن المنظمة الدولية تتفاوض مع طرفي الصراع لفتح ممرات.