مع امتلاء أسرة المستشفيات الحكومية الأردنية وبلوغ طاقتها الاستيعابية، وجد بعض المصابين بكورونا أنفسهم أمام خيار مكلف ووحيد لتلقي العلاج عبر المستشفيات الخاصة، التي تتهم اليوم من قبل مواطنين باستغلال ظروف الجائحة العالمية والمغالاة في أسعارها الفلكية، طمعاً في ربح سريع وكبير.
وعلى الرغم من توجه الحكومة إلى إنشاء مستشفيات ميدانية، خشية انهيار المنظومة الصحية المنهكة، فإن مستشفيات القطاع الخاص تبدو كبارقة أمل لبعض المصابين المقتدرين، بخاصة مع الانتكاسة الكبيرة التي تسجلها البلاد منذ شهر أغسطس (آب) الماضي في عدد الوفيات والمصابين بالفيروس، حيث بلغت حصيلة المصابين 143678 شخصاً، بينهم 1772 حالة وفاة.
في وقت يقول فيه مراقبون، أبرزهم عضو لجنة الأوبئة عزمي محافظة، إن العدد الحقيقي للمصابين بكورونا في الأردن يفوق المليون شخص، بينما يؤكد آخرون أن البلاد دخلت المرحلة الرابعة من الانتشار المجتمعي للفيروس وفق معايير وتصنيف منظمة الصحة العالمية.
جمعية المستشفيات الخاصة
يقول رئيس جمعية المستشفيات الخاصة فوزي الحموري، إن 13 مستشفى خاصة باتت معتمدة لاستقبال المصابين بفيروس كورونا، حيث تضم حالياً نحو 400 مصاب بالفيروس، بينهم 100 مصاب يرقدون على أسرة العناية المركزة.
يضيف، "حُددت الأسعار من قبل وزارة الصحة للعلاج في المستشفيات الخاصة، بحيث تبلغ كلفة المريض في اليوم الواحد 500 دولار تشمل الإقامة والخدمات الفندقية والعلاجية والإشراف الطبي". بينما يتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي وثائق تتحدث عن أسعار جنونية سابقة تصل إلى 2000 دولار لليلة الواحدة.
يوضح الحموري، أن الأسعار تشمل حزمة من التكاليف، بينها تدريب الكوادر الطبية والتمريض لضبط العدوى، واستخدام أدوات الوقاية من انتشار المرض لمرة واحدة، فضلًا عن إجراء الفحوصات الطبية والفنية اللازمة لكل مصاب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خدمات فندقية
وتختلف حسابات الكلفة المالية في المستشفيات الخاصة عنها في نظيرتها الحكومية بحسب الحموري، الذي يرفض المقارنة، خصوصاً أن الخاصة توفر خدمات فندقية على حد تعبيره.
بدوره يؤكد وائل الهياجنة، مسؤول ملف كورونا في وزارة الصحة الأردنية، أن تسعيرات المستشفيات الخاصة لمرضى كورونا تحت المراجعة بشكل دائم، وأن وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة وصلت إلى تفاهمات لتخصيص ما لا يقل عن ألف سرير، و150 سرير عناية مركزة لمرضى كورونا المحولين من وزارة الصحة على نفقة الحكومة. وتشير تقديرات إلى أن كلفة علاج مرضى كورونا خلال عام كامل تقدر بنحو 485 مليون دولار في القطاع الخاص إذا ما استمرت أعداد المصابين في التزايد.
استغلال ومغالاة
غير أن مواطنين وعاملين في المستشفيات الخاصة تواصلت معهم "اندبندنت عربية"، أكدوا رفض بعض هذه المستشفيات إدخال أي مريض مصاب بفيروس كورونا، لحين دفع مبلغ مالي يزيد على خمسة آلاف دولار مقدماً. وأشاروا إلى أن بعضها خصصت أقساماً وطوابق بأكملها لمرضى كورونا على حساب باقي المرضى الذين لم يعد بالإمكان استقبالهم، سعياً منها لتحقيق ربح سريع، كما أن شركات التأمين الصحي رفضت تغطية الحالات المصابة بكورونا، ما يعني أن دفع ثمن العلاج سيكون نقداً.
وتشير تقديرات، أن بعض المستشفيات استفادت مالياً بشكل كبير، إذ إنها حققت أرباحاً تقدر بـ100 ألف دولار خلال أسابيع، من خلال المرضى المصابين بكورونا.
ويقول مراقبون ومطلعون، إن "المستشفيات الخاصة لا تقدم أي علاج لمصابي كورونا يختلف عما تقدمه نظيرتها الحكومية، لكن أسعارها فلكية على نحو مبالغ فيه". ويؤكد آخرون معاناة المستشفيات الخاصة من نقص في الكوادر، ما تسبب في وفاة عديد من مصابي كورونا، خصوصاً مع عدم تأمين العاملين فيها بمعدات وتجهيزات طبية احترازية كافية لمنع نقل العدوى.
شركات التأمين تربح
بدورها حققت شركات التأمين الصحي هذا العام أرباحاً كبيرة بسبب فيروس كورونا الذي انعكست أزمته إيجاباً عليها، بسبب رفض شموله بالتغطية للمنتفعين.
ووفقاً للبورصة الأردنية ومحللين ماليين حقق قطاع التأمين الأردني أرباحاً صافية بنسبة 16 في المئة خلال التسعة أشهر الأولى من هذا العام، بما قيمته 30 مليون دولار.
وفسر المحللون هذه النتائج بارتفاع واستقرار صافي الأقساط المكتتبة لهذه الشركات، مقابل تراجع ملحوظ في صافي التعويضات المدفوعة، بعد عمليات الإغلاق الشامل والجزئي، إضافة إلى تمديد فترة ساعات الحظر اليومية ضمن خطة الحكومة للسيطرة على انتشار كورونا.
ويوجد في الأردن 117 مستشفى تقدم خدماتها للمرضى، يشكل عدد المستشفيات الخاصة منها 69، أما الحكومية فيبلغ عددها 31، والعسكرية 15، ومستشفيان جامعيان، ولا يزيد عدد الأسرة في الحكومية على 5200 سرير، كما يبلغ عدد موظفيها نحو 16400 موظف، بينهم 6 آلاف طبيب، يحظى كل 10 آلاف مواطن أردني بـ27 طبيباً فقط.