على الرغم من حداثة ظهورها، لكن احتلت العملات الرقمية المشفرة مساحة كبيرة على الساحة الاقتصادية، وتمكنت بدعم مكاسبها الصاروخية خلال عامي 2017 و2018، من الاستحواذ على اهتمام جميع شرائح المستثمرين.
وكانت المرة الأولى التي تظهر فيها العملات الرقمية خلال الفترة التي أعقبت الأزمة المالية العالمية في العام 2008، في وقت أضافت عملة "بيتكوين" الكثير من البريق لهذه السوق التي نمت بشكل ضخم خلال سنوات عدة.
البيانات المتاحة تشير إلى أن هذه السوق بدأت بسبع عملات فقط، وظلت تعمل عشوائياً حتى العام 2013 حينما ظهرت مواقع لتسعير العملات الرقمية التي ارتفع عددها من سبع خلال العام 2009 إلى حوالى 3908 في الوقت الحالي، وفقاً لموقع "كويت ماركت كاب".
والعملات الرقمية افتراضية أو مصممة كوسيلة للتبادل، تستخدم التشفير للتأمين والتحقق من المعاملات وللسيطرة على إنشاء وحدات جديدة من أي عملة رقمية معينة.
الإنفاق المزدوج
شهدت نهاية العقد الماضي، العديد من المحاولات لإنشاء عملة رقمية خلال ازدهار التكنولوجيا في فترة التسعينيات، وفي بداية العام 2009، قام مبرمج مجهول أو مجموعة من المبرمجين تحت الاسم المستعار "ساتوشي ناكاموتو" بتقديم عملة "بيتكوين". ووصفها "ساتوشي" بأنها "نظام نقدٍ إلكتروني"، لامركزي تماماً، أي لا توجد خوادم معنية ولا سلطة مركزية مسيطرة. ويشبه هذا المفهوم بشكل وثيق شبكات الند للند لتبادل الملفات.
إلا أن واحدة من أهم المشاكل التي يجب على أي شبكة دفع حلها هو الإنفاق المزدوج. وهو أسلوب احتيالي لإنفاق المبلغ نفسه مرتين. وكان الحل التقليدي هو طرف ثالث موثوق به، خادم مركزي، يحتفظ بسجلات للأرصدة والمعاملات. ومع ذلك، فإن هذه الطريقة تنطوي دائماً على سلطة تسيطر أساساً على الأموال ولديها جميع التفاصيل الشخصية.
لكن في شبكة لا مركزية مثل "بيتكوين"، فإن كل مشارك يحتاج إلى القيام بهذه المهمة. ويتم ذلك عن طريق تقنية "بلوكتشين"، وهي دفتر حسابات عام لجميع المعاملات التي تُجرى في أي وقت ضمن الشبكة، متاحة للجميع. لذلك، يمكن للجميع في الشبكة رؤية رصيد كل حساب. وتكون كل معاملة عبارة عن ملف يتكون من المفاتيح العامة للمرسل والمستلم (عناوين المحفظة) وكمية النقود المنقولة. كما يجب أن يتم التوقيع على الصفقة من قبل المرسل مع المفتاح الخاص. ويُعد كل هذا ببساطة تشفيراً أساسياً. وفي نهاية المطاف، يتم بث المعاملة في الشبكة، لكنها تحتاج إلى تأكيد أولاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
استثمارات عالية المخاطر
على الرغم من المكاسب القياسية التي حققتها العملات الرقمية، لكنها في الوقت نفسه، عالية المخاطر. وتتقلب قيمتها السوقية كما هي الحال مع أي أصول أخرى، وعلاوة على ذلك، فهي غير منظمة جزئياً، وهناك دائماً خطر تجريمها في بعض الولايات القضائية كما أن أي بورصة للعملات الرقمية يمكن أن تتعرض للاختراق.
وفق موقع "كوين تليغراف"، فإذا قررت الاستثمار في العملات الرقمية، فمن الواضح أن "بيتكوين لا تزال المهيمنة". ومع ذلك، ففي العام 2017، انخفضت حصتها في سوق العملات الرقمية بشكل كبير من 90 في المئة إلى 40 فقط. وهناك عدد من الخيارات المتاحة حالاً، مع بعض تركيز بعض العملات على الخصوصية، وكون البعض الآخر أقل انفتاحاً ولامركزية من "بيتكوين" والبعض فقط مجرد نسخ لذلك.
وفي حين أنه من السهل جداً شراء "بيتكوين" إذ إن العديد من البورصات يقوم بتداولها، لكن لا يمكن الحصول على العملات الرقمية الأخرى بالسهولة نفسها. وعلى الرغم من أن هذا الوضع يتحسن ببطء مع بدء البورصات الكبرى مثل "كراكن" و"بيتفينكس" و"بيتستامب" وغيرها في بيع "لايتكوين" و"إيثريوم" و"مونيرو" و"ريبل" وسواها. وهناك أيضاً عدد قليل من الطرق الأخرى المختلفة لكونها عملة، على سبيل المثال، يمكنك التداول وجهاً لوجه مع البائعين أو استخدام أجهزة الصراف الآلي لـ "بيتكوين".
وبمجرد شراء العملة الرقمية، يكون المشتري بحاجة إلى وسيلة لتخزينها. وجميع البورصات الكبرى تقدم خدمات محفظة. لكن من الأفضل أن يقوم المشتري بتخزين أصوله في محفظة غير متصلة بالإنترنت وتخزينها على القرص الصلب، أو حتى الاستثمار في أخرى إلكترونية. وتُعد هذه الطريقة الأكثر أماناً لتخزين عملاتك مع السماح لك بالسيطرة الكاملة على أصولك.
كما هي الحال مع أي استثمار آخر، تحتاج إلى إيلاء اهتمام وثيق للقيمة السوقية للعملات الرقمية وأي أخبار تتعلق بها. وهناك العديد من المواقع الخاصة بتتبع الأسعار والحجم وإمداد التداول والقيمة السوقية لمعظم العملات الرقمية الموجودة.
بمجرد أن تحقق أرباحاً أو تخسر استثمارك في هذه العملات، تحتاج إلى تضمينه في الإقرار الضريبي الخاص بك. ومن حيث فرض الضرائب، يتم التعامل معها بشكل مختلف جداً من بلد إلى آخر. ففي الولايات المتحدة، قضت دائرة الإيرادات الداخلية بأن "بيتكوين" والعملات الرقمية الأخرى يجب أن تخضع للضريبة كممتلكات وليس كعملة. وبالنسبة إلى المستثمرين، يعني أن المكاسب والخسائر الطويلة الأجل المتراكمة من تداول العملة الرقمية تخضع للضريبة على كل معدل ربح رأسمالي مطبق للمستثمر، والذي يبلغ 15 في المئة كحد أقصى.
هل الاستثمار في العملات الرقمية تجارة مشروعة؟
حول شرعية الاستثمار في العملات الرقمية، فإن الهيئات التنظيمية القانونية في جميع أنحاء العالم تحاول إدراك مفهوم العملات المشفرة نفسها وأين يمكن أن تتناسب تماماً مع اللوائح والأطر القانونية القائمة.
مع تقديم "بيتكوين"، وهي العملة الرقمية الأولى على الإطلاق، أُنشئ نموذج جديد تماماً. فالعملات الرقمية اللامركزية الذاتية التي لا وجود لها في أي صورة أو شكل مادي والتي لا تخضع لأي كيان منفرد كانت دائماً تسبب ضجة بين المنظمين.
وقد أثيرت الكثير من المخاوف بشأن الطبيعة اللامركزية لهذه العملات وقدرتها على أن تُستخدم بشكل مجهول تماماً تقريباً. وقد انتاب القلق السلطات في جميع أنحاء العالم من جاذبيتها بالنسبة إلى تجار السلع والخدمات غير المشروعة. علاوة على ذلك، فإنهم يشعرون بالقلق إزاء استخدامها في مخططات غسل الأموال والتهرب الضريبي.
اعتباراً من نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2017، أصبحت "بيتكوين" والعملات الرقمية الأخرى محظورة فقط في بنغلاديش وبوليفيا والإكوادور وقيرغيزستان وفيتنام. ومع ذلك، فإن الولايات القضائية الأخرى لا تعتبر استخدامها غير قانوني حتى الآن، ولكن القوانين واللوائح يمكن أن تختلف اختلافاً كبيراً تبعاً للبلد.
كيف نشتري العملات المشفرة؟
بالنسبة إلى طريقة الشراء، الكثير من الخيارات المختلفة. على سبيل المثال، هناك حالياً أجهزة صراف آلي لعملة "بيتكوين" في عشرات الدول، ويمكنك شراؤها باستخدام بطاقات الهدايا وعبر بورصات العملات الرقمية وصناديق الاستثمار وحتى التداول وجهاً لوجه.
لكن عندما يتعلق الأمر بالعملات الرقمية الأخرى الأقل شعبية، لا تكون خيارات الشراء بهذا التنوع. مع ذلك، هناك العديد من البورصات إذ يمكنك الحصول على مختلف العملات الرقمية مقابل عملات ورقية أو "بيتكوين". ويُعد التداول وجهاً لوجه أيضاً طريقة شهيرة في ذلك. وتعتمد خيارات الشراء على العملات الرقمية المعينة وشعبيتها وكذلك موقعك.
الكثير من التجار على الإنترنت أو في الواقع، الذين يقبلون "بيتكوين" كشكل من الدفع. يتراوحون بين تجار التجزئة الكبار على الإنترنت مثل "أوفرستوك" و"نيو إيغ" إلى المتاجر المحلية الصغيرة والحانات والمطاعم. ويمكن استخدام "بيتكوين" لدفع ثمن الفنادق والرحلات الجوية والمجوهرات والتطبيقات وقطع الكمبيوتر وحتى للحصول على درجة جامعية.
لا تُقبل العملات الرقمية الأخرى مثل "لايتكوين" و"ريبل" و"إيثريوم" وغيرها على النطاق الواسع نفسه بعد. إلا أن الأمور تتغير للأفضل على الرغم من ذلك، مع قيام "أبل" بمنح الإذن لما لا يقل عن 10 عملات رقمية مختلفة كوسيلة معتمدة للدفع على "أبل ستور".
بطبيعة الحال، يمكن لمستخدمي العملات الرقمية غير "بيتكوين" تبديل عملاتهم دائماً بها، وهناك مواقع لبيع بطاقات الهدايا مثل "غيفت أوف"، الذي يقبل حوالى 20 عملة رقمية مختلفة، من خلال بطاقات الهدايا، ويمكنك شراء أي شيء أساساً باستخدام العملة الرقمية.