شدد رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-إن، على ضرورة التوسع في استخدام اللقاح لمواجهة الإنفلونزا الموسمية، لكن هناك قلقاً شعبياً في البلاد من فعالية التطعيم الكوري الذي تسبب في وفاة العشرات من المواطنين، بعد أن حقنوا به. وعلى الرغم من النفي المتزايد من قبل السلطات الكورية وتأكيدها عدم وجود علاقة بين الوفيات واللقاح، فإن وسائل الإعلام الكورية ما زالت تتبع عدد الوفيات لأشخاص حصلوا على التطعيمات، مما يفتح باب التساؤل عن فعالية اللقاح الكوري ضد الإنفلونزا.
لقاح الإنفلونزا الموسمية
تشتد الإنفلونزا الشتوية مع نهاية العام الميلادي، وتستمر أشهراً، لذلك ينصح الأطباء وخبراء الصحة بالتطعيم في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، حتى يتمكن اللقاح من تكوين الأجسام المضادة لدى الإنسان خلال أسبوعين، كما أن درجة الحرارة في كوريا الجنوبية شتاءً تصل إلى 6 درجات تحت الصفر، ما يجعل شتاءها قارساً.
ومع دخول الموجة الثانية لفيروس كورونا في كثير من بلدان العالم تزايدت المخاوف من تأثير الإنفلونزا الموسمية. ولهذا خططت حكومة كوريا الجنوبية لتطعيم ما يزيد على 57 في المئة من سكان البلاد ضد الإنفلونزا الموسمية، وبدأت فعلياً تنفيذ خطتها من خلال برنامج التطعيم المجاني منذ أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي.
كما أكد رئيس البلاد، ضرورة الحصول على التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية والتوسع في نشر اللقاح في بلاده، خوفاً من الآثار السيئة لتوأمة الإنفلونزا وفيروس كورونا المستجد.
ويرى خبراء كوريون أن موسم الإنفلونزا الحالي سيكون مغايراً، بسبب جائحة كورونا. وحذر إخصائي أمراض الرئة جونج كي سوك، من احتمالية حدوث موجة مزدوجة من الإنفلونزا الموسمية وكورونا مع دخول فصلي الخريف والشتاء، فيما أوضحت تشونغ إيون مي، من المركز الطبي لجامعة إيوا، أن التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية أفضل طريقة لحماية الشخص نفسه والمجتمع حوله، خصوصاً مع عدم وجود لقاح لكورونا حتى الآن.
وأكد مارك جاريت، نائب رئيس الأطباء في مؤسسة نورثويل الأميركية للصحة في حديث له مع صحيفة "نيوزداي"، أن إحصاءات الوفيات التي تتسبب فيها الإنفلونزا سنوياً بين 20 و40 ألف شخص، كما بين أنه بالإمكان تقليل تلك الأعداد هذا العام من خلال لقاح الإنفلونزا الموسمي، لتقليل الضغط على النظام الصحي المتأزم بسبب مرضى كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سوء تخزين
وقابلت خطة كوريا الجنوبية في التوسع باستخدام التطعيم ضد الإنفلونزا تساؤلات عن الآثار السلبية له. فقد ذكرت تقارير كورية أن أكثر من خمسة ملايين جرعة من اللقاح، التي من المفترض أن تخزن في درجة حرارة منخفضة تعرضت لدرجة حرارة أعلى أثناء نقلها للمؤسسات الطبية، وهو ما أكدته السلطات الصحية في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واعترفت أن بعض اللقاحات التي لم تخزن جيداً استخدمت للتطعيم في العيادات التابعة لبرنامج التطعيم ضد الإنفلونزا في سبتمبر، لكنها نفت أن يكون لها أي مضاعفات صحية، وعلى الرغم من ذلك أوقفت استخدام لقاح الإنفلونزا حتى منتصف أكتوبر للتأكد من سلامتها.
وفي السادس عشر من أكتوبر، توفي شاب في السابعة عشرة من العمر بعد تلقيه لقاحاً للإنفلونزا، مما أثار الشكوك حول اللقاح وتأثيره في الأشخاص. وعلى الرغم من أن التقرير الجنائي أوضح أن سبب الوفاة ليس له ارتباط باللقاح الذي أخذه المراهق الكوري، لكن الشرطة أوضحت أن هناك مزيداً من التحقيقات عن حادثة الوفاة.
وذكرت وكالة يونهاب الكورية، أن وزارة الصحة أعلنت وفاة 83 شخصاً، معظمهم من كبار السن بعد حصولهم على لقاح الإنفلونزا الموسمية، مما تسبب في خلق قلق شعبي. وأوضحت الوكالة الكورية للوقاية والسيطرة على الأمراض أن ما يزيد على 70 شخصاً من المتوفين لديهم علاقة محدودة مع لقاح الإنفلونزا، فيما نصحت الرابطة الطبية في كوريا الجنوبية وزارة الصحة بوقف استخدامه.
من جهته صرح وزير الصحة بارك نيونغ - هو لوسائل الإعلام في أثناء تلقيه جرعة من ذات اللقاح، أن الخبراء والأطباء أكدوا جودته، مبيناً أن الخوف المفرط والمعلومات المضللة هما اللذان يهددان سلامة الشعب الكوري.
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن هناك اتهامات موجهة إلى الصين على مواقع التواصل الاجتماعي في كوريا الجنوبية، بكونها وراء وفاة 40 كورياً جنوبياً من جراء تطعيمهم بمصل ضد الإنفلونزا الموسمية مستورد منها. إضافة إلى اتهامات للحكومة الكورية الجنوبية بتمرير ما يتجاوز 17 مليار وون (أي ما يقترب من خمسة عشر مليون دولار) من أموال دافعي الضرائب إلى الصين لاستيراد 17 طناً من اللقاح، الذي وصف بـ"القاتل"، غير أن رئيس قسم إدارة جودة المستحضرات الصيدلانية الحيوية نفى هذه الادعاءات المتداولة، مبيناً أن جميع اللقاحات المستخدمة في التطعيم ضد الإنفلونزا مصنعة داخلياً في البلاد أو مستوردة من فرنسا وألمانيا.
سنغافورة وماليزيا
وأوقفت سنغافورة في أوائل أكتوبر الماضي لقاحين للإنفلونزا الموسمية مرتبطين بوفاة عدد من الأشخاص في كوريا الجنوبية، وقالت وزارة الصحة، إن القرار تضمن وقف استخدام لقاحي سكاي سيلفلو كوادريفالينت (SKYCellflu Quadrivalent) وفاكسيكريب تيترا (Vaxigrip Tetra) احترازياً، وأكدت تواصلها مع السلطات في كوريا الجنوبية للوقوف على مستجدات التحقيقات المرتبطة بوفاة الأشخاص ممن حصلوا على اللقاح.
وتبعتها ماليزيا التي أعلنت وزارة الصحة فيها عن وقف استخدام نفس اللقاحين في إجراء احترازي، وأكدت وزيرة الصحة الماليزية مراقبة الوزارة جودة المنتجات المسجلة للتأكد من أمانها وضمان فعالية الأدوية.
لكن، وزارة الصحة السنغافورية أعلنت 31 من أكتوبر استكمال العمل باللقاحين، بعد ما قالت إنها أجرت مراجعة دقيقة للمعلومات التي قدمتها السلطات الصحية في سيول. وجاء في بيان للوزارة، أن التحقيقات في كوريا الجنوبية أظهرت عدم ارتباط حالات الوفاة باللقاح. وفي الثالث من نوفمبر أعلنت وزارة الصحة في ماليزيا عودة استخدام اللقاحين اللذين جرى إيقافهما.
كما يرى مراقبون أن الحوادث الأخيرة في سيول قد تؤثر سلباً في سمعتها في المجال الطبي، إذا لم تفلح في إثبات براءة اللقاح وعدم ارتباطه بحالات الوفاة الأخيرة بنجاح، وهو ما تحاول السلطات الكورية تأكيده في كل تصريح لها.