أعلن البيان الختامي الصادر عن الاجتماع التشاوري لمجلس النواب الليبي، الذي احتضنته مدينة طنجة المغربية، قرار المجتمعين عقد جلسة في مدينة غدامس، مباشرة بعد العودة إلى ليبيا، لاعتماد "كل ما من شأنه إنهاء حالة الانقسام في المجلس، بما يمكنه من أداء استحقاقاته على أكمل وجه"، مؤكدين أن "المقر الدستوري لانعقاده هو مدينة بنغازي".
وشددت أطراف البرلمان الليبي، المشاركة في مشاورات طنجة عبر 123 نائباً، بين 23 و28 نوفمبر (تشرين الثاني)، على المضي قدماً نحو الوصول إلى إنهاء حالة الصراع والانقسام في المؤسسات كافة، والحفاظ على وحدة الدولة وكيانها وسيادتها على كامل أراضيها، مطالبين بالدفع بمسار المصالحة الوطنية والعودة الآمنة للنازحين والمهجرين قسراً وتعويض الأضرار.
وثمّن فرقاء البرلمان جهود المغرب وحرصه على دعم الليبيين للتوصل إلى حل سياسي للأزمة وعودة الاستقرار، مؤكدين دعمهم "كل اللقاءات الإيجابية البناءة، التي تستضيفها الدول الشقيقة والصديقة، لتقريب وجهات النظر".
واعتبروا أن "التئام المجلس بوساطة المغرب سيكون يوماً تاريخياً بالنسبة إلى الليبيين".
التزام مغربي
أكد المغرب، من خلال وزير خارجيته ناصر بوريطة، أنه "لن يدّخر جهداً لتهيئة الظروف المناسبة من أجل تقريب وجهات النظر، لتوحيد مجلس النواب الليبي وجمع شمل أعضائه، ما يضع حداً للانقسامات الداخلية، ويرفع التحديات المتعلقة بالاستحقاقات السياسية المقبلة، وتطلعات الشعب الليبي الشقيق نحو التوصل لتفاهمات وخريطة طريق شاملة موحدة لتسوية نهائية تحت مظلة الأمم المتحدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار وزير الخارجية إلى أن قناعة بلاده راسخة في تعميق التشاور والحوار الليبي – الليبي، الذي يعتبر الطريق الأنجع لتحقيق تطلعات الاستقرار والتنمية، والسبيل الأمثل في مواجهة التحديات الأمنية والتصدي للظواهر السلبية التي رافقت علاج الأزمة.
وأكد أن الدبلوماسية المغربية دعت الليبيين إلى حل أزمتهم وفق اعتبارات، تتمثل في أن "الحل في ليبيا لن يكون إلا بيد أبنائها، ومسؤولية المجتمع الدولي لا ينبغي أن تتعدى مساعي المواكبة وتأمين الحوار وتحصينه من تجاذبات الأجندات الأجنبية"، في ظل "فشل كل المحاولات الرامية إلى وضع وصفات جاهزة للحل".
دور استراتيجي
قال المحلل السياسي المغربي العباس الوردي، إن دور الرباط في تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع الليبي استراتيجي، لأنه اتسم بمجموعة من السمات، أهمها الالتزام بعنصر الحياد، وتوفير أرضية النقاش والتحاور، التي ظهرت من خلال مخرجات الحوار، منذ بدايته في المغرب، في بوزنيقة والصخيرات، مؤكداً الدور المحوري للمملكة في حل الأزمات الإقليمية.
وأشار الوردي إلى أن ذلك يتأتى عبر تقريب وجهات نظر الفرقاء وتركهم يقررون مصيرهم بأنفسهم، على أساس احترام الشرعية الدولية، لبناء دولة المؤسسات والانتقال من الأزمة العسكرية إلى حل سياسي متوافق عليه، مشدداً على أن المغرب واصل، على الرغم من المعوقات التي تضعها بعض الأطراف الإقليمية، دوره المحوري في منطقة شمال أفريقيا والساحل، للتعامل مع بؤر التوتر بطريقة سلسة قوامها التفاعل المحايد.
واعتبر، أن القضية الليبية موجودة على رأس تلك الأزمات، والوساطة المغربية تهدف إلى ضمان حل متوافق عليه في كل مخرجات المفاوضات، بخاصة اتفاق الصخيرات، لاعتباره نقطة بداية الحوار البناء.
مخرجات الحوار
أعرب أطراف الحوار الليبي في مدينة طنجة عن "الاستعداد التام للتعاطي بإيجابية مع مخرجات الحوار بما يتفق مع الإعلان الدستوري وتعديلاته والاتفاق السياسي الليبي، وتثمين ما أُنجز عبر لجنة 5+5 من خطوات إيجابية، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق إطار دستوري، مع إنهاء المرحلة الانتقالية في أقرب وقت، على أن لا تتجاوز العام من التئام مجلس النواب".
وأكدت ضرورة احترام الإعلان الدستوري وشرعية الهيئات المنبثقة منه، وأهمية الالتزام بما جاء في الفقرات 25- 28 من الصيغة التنفيذية لقرار مجلس الأمن رقم 2510CSR في شأن دور مجلس النواب، وعدم خلق جسم مواز يسهم في إرباك المشهد، مع الدعوة إلى نبذ خطاب الكراهية وحثّ المنابر الإعلامية على إعلاء خطاب التصالح والتسامح.
وعبّر وزير الخارجية المغربي عن أمله في أن تشكل مخرجات الاجتماع التشاوري بخاصة، الانعقاد المقبل لدورة المجلس فوق الأراضي الليبية، نقطة تحول مهمة لها تأثيرها الكبير في المسار السياسي للأزمة، مؤكداً سعادة الرباط بمواكبة الحوار وتجاوبه مع رغبة المتحاورين، "لأن ليبيا والمجتمع الدولي يحتاجان إلى مجلس نواب ملتئم، يقوم بدوره ومسؤولياته".