تعرّف المعاجم اللغوية كلمة "سدو" بأنها كل ما امتد على نسق واحد، إلا أن البدو لديهم تعريف أكثر تخصيصاً، فـ"السدو" بالنسبة إلى ساكني وسط الجزيرة العربية وشمالها، هو نسيج مطرز تمثل خطوطه الملونة الممتدة على نسق واحد فناً من فنونهم العتيقة. وهذا النسيج الصوفي الذي يحيكون به سجادهم، صار تراثاً مادياً معترفاً به من قبل كبرى المؤسسات الثقافية الدولية "اليونيسكو".
إذ أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة قبولها تسجيل تراث "حياكة السدو" ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي ضمن قوائمها الرسمية، كملف مشترك بين دولتي السعودية والكويت، وأُعلن التسجيل خلال اجتماعها السنوي في فترة بين 14 و19 ديسمبر (كانون الأول) 2020.
حرفة بالحد الأدنى
لم يكن سهلاً أن يجد الساكنون في الصحراء في أقسى فتراتها ما يمكن أن يعد فناً، في الوقت الذي كانوا يصارعون فيه للبقاء بحثاً عن موارد الماء والكلأ، فضلاً عن أن يجدوا ما يمكن أن يعد فناً مترفاً في ألوانه وأشكاله الهندسية.
إلا أنهم كما نجحوا في التكيف مع ظروف الصحراء القاسية بالحد الأدنى من الموارد، وكانت لديهم القدرة على التكيف مع شح المواد الأولية لخلق فنهم الخاص الذي يسحب خيوطه من ظهور الإبل والماعز والأغنام التي كانت موردهم الفني والغذائي، لحياكة ما يتوزع على جدرانهم وخيامهم ويفترش على الأرض.
فقد شكل وبر الإبل وشعر الماعز وصوف الأغنام، مصدر موادهم الخام لحياكة منسوجاتهم، فيما كانت النباتات الملونة كالحناء والكركم والزعفران والصبار، مصدر الأصباغ التي تعطي خيوط الصوف الأبيض على المغزل ألوانها المتداخلة، أما الوبر والشعر والقطن فتظل بألوانها الطبيعية من دون صبغ، تزين الأثاث كأغطية وسجاد ووسائد، وتسجى على ظهور الإبل وسروج خيول المترفين منهم.
مراحل حياكة السدو
تبدأ العملية بغزل السدو بعد إزالة ما يشوب خيوطه من أوساخ وعوالق والتي يسهل أن يلتقطها الصوف، عن طريق مشطها بأمشاط خشب حتى تمتد خيوطها وتفك تشابكها.
إلا أن فك ارتباط خيوط الصوف بشكل مستقيم يصعب تخزينه، لذا تعمد السيدات اللاتي كن يتولين عادة مهمة حياكة هذا النوع من النسيج إلى لفه على ما يسمى "المغزل"، وهي أشبه بعصا خشب يلف حولها الخيط إلى حين استخدامه.
ويأتي دور آخر للمغزل غير التخزين، ففي أولى مراحل الحياكة تساعد هذه الأداة في فتل الخيوط من دون أن تتشابك، ليبدأ بعدها عملية "برم" المغزل في سحب الخيوط والنسج في اتجاه واحد، من الغزل إلى إنهاء النسيج باتجاه عقارب الساعة أو بعكسها.
ويحدد عدد "البرمات" أثناء الغزل قوة الفتلة وسماكتها في مظهر النسيج، فكلما زاد عدد "البرمات" أنتجت فتلة أكثر سماكة وقوة، وكلما قلت أعطت نسيجاً ناعماً وخفيفاً، لتأخذ بعدها دورها على "المدرة"، المقبض الخشب الذي يعلوه ذراع حديدية، طُور في فترة متأخرة ليساعد في عملية الغزل.
الإمارات دولة ثالثة في القائمة
ولم يكن هذا التسجيل المشترك بين الرياض والكويت هو الأول لحرفة السدو لدى اليونيسكو، فقد سجلت الإمارات هذا النسيج في قائمة المنظمة الثقافية الدولية كتراث غير مادي، في2011.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، فإن هذا الملف قُدم باسم دولة الإمارات بمبادرة من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في حينها، كون السدو أحد أشكال الفنون اليدوية في البلاد.
ويمتد السدو بين دول خليجية عدة تتشارك المكون الاجتماعي الحاضن لهذا النسيج الممتد بينها.
حياكة شعار قمة العشرين
عمدت الرياض التي استضافت أعمال مجموعة العشرين في 2020، إلى حياكة شعار الاستضافة السعودية من خطوط السدو.
وأوضح محمد الحواس، مصمم شعار رئاسة السعودية للقمة الدولية، أن الشعار المستمد من الفن النجدي التقليدي صُمم ضمن مخيم خاص جمعت فيه أمانة المجموعة 30 مصمماً سعودياً، عملوا على مدى ثلاثة أيام متواصلة، للتسابق وتقديم اقتراحات ونماذج لاعتماد أحدها.
والمعلومات المفتاحية التي قدمت لهم في حينها، عكست اهتمام المسؤولين في البلاد بأن تمثل الهوية البصرية نموذجاً تقليدياً سعودياً، كما هو الحال في شعارات قمم سابقة.