ما زال نطاق الهجوم الإلكتروني الكبير الذي استهدف الولايات المتحدة يتوسع مع اكتشاف ضحايا آخرين خارج البلد، ما يجدد المخاوف إزاء مخاطر التجسس ويثير الريبة تجاه روسيا التي توجه إليها أصابع الاتهام.
وأظهر تحليل سجلات الإنترنت أن متسللين يشتبه في أنهم من روسيا اخترقوا أنظمة شركة أميركية لتقديم خدمات الإنترنت وحكومة محلية في ولاية أريزونا في إطار الحملة التي جرى الكشف عنها هذا الأسبوع، وفقاً لوكالة "رويترز".
وتظهر السجلات أن وزارات الدفاع والخارجية والداخلية كانت من بين أهداف عملية الاختراق مع مؤسسات ومنظمات أخرى في الولايات المتحدة. ولم يتضح إن كانت نجحت بالفعل في الحصول على أي معلومات حساسة.
ما زال متواصلاً
قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو لتلفزيون "فوكس نيوز" الجمعة إنه "هجوم كبير وأرجح أنه ما زال متواصلاً".
وعلى غرار ما صرحت الحكومة قبل يوم، أشار رويبو إلى أنه يمثل "تهديداً خطيراً على (أجهزة) الدولة الفيدرالية والمجتمعات المحلية والبنى التحتية الحيوية للقطاع الخاص".
وأفادت شركة "مايكروسوفت" الخميس بأنها أعلمت أكثر من 40 زبوناً تضرروا من البرنامج الذي استعمله القراصنة والذي قد يتيح لهم النفاذ إلى شبكات الضحايا.
وقال رئيس الشركة براد سميث على مدونتها إن "نحو 80 في المئة من هؤلاء الزبائن يوجدون في الولايات المتحدة، لكننا تمكنا أيضاً في هذه المرحلة من تحديد ضحايا في دول أخرى".
والدول المعنية هي كندا والمكسيك وبلجيكا وإسبانيا والمملكة المتحدة وإسرائيل والإمارات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف سميث أن "عدد الضحايا في الدول المتضررة سيواصل الارتفاع، هذا مؤكد"، وهو أمر "يخلق هشاشة تكنولوجية خطيرة في الولايات المتحدة والعالم". واعتبر أن الهجوم "ليس تجسساً عادياً، حتى في العصر الرقمي".
ولم تكتشف الحكومة الأميركية الهجوم إلاّ الأسبوع الماضي على الرغم من انطلاقه في مارس (آذار) أو في تاريخ أبعد، كما لم تحدد من يقف خلفه.
يوازي عملاً حربياً
قدّر السيناتور ماركو روبيو أن دولة أجنبية مسؤولة عن هذا العمل "المتأني" و"المعقد" و"الممول جيداً"، لكنه لم يمض قدماً في توجيه أصابع الاتهام. وقال "عندما تشير إلى أحد ما، عليك أن تكون متأكداً" لأن الهجوم "يوازي عملاً حربياً".
لكن تتجه شكوك خبراء الأمن الإلكتروني نحو موسكو التي نفت بشدة تورطها في الهجوم.
وقال الخبير في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" جايمس أندرو لويس إنه "يوجد عدد قليل من الدول التي لديها الخبرة والموارد الكافية لشن هجوم مماثل، وبينها روسيا".
ولمّح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو منذ الاثنين إلى احتمال تورط فاعلين روس، مشيراً إلى محاولاتهم المستمرة لـ"اختراق شبكات" وزارات وشركات أميركية.
واعتبر السيناتور الجمهوري ميت رومني الخميس أن الهجوم مماثل لـ"تحليق قاذفات روسية فوق بلدنا بأكمله بشكل متكرر من دون أن تُرصد". ودان "صمت البيت الأبيض وتقاعسه غير المبررين".
ووعد الرئيس المنتخب جو بايدن بجعل "الرد على هذا الهجوم السيبراني أولوية" بمجرد توليه المنصب في 20 يناير (كانون الثاني).
وقال الخبير في مجموعة "دينيم غروب" الأمنية جون ديكسون إن شركات خاصة يحتمل أن تكون عرضة للهجوم، تقوم بكل ما في وسعها لتعزيز حمايتها إلى درجة أنها تفكر في إعادة بناء خوادمها الإلكترونية.
وأضاف في تصريح إلى "أ ف ب" أن الهجوم "كبير إلى درجة أن الجميع يقيّم الأضرار حالياً"، معتبراً أنه وجه "ضربة قوية إلى الثقة في الدولة والبنى التحتية الحساسة".
ونجح القراصنة في اختراق برنامج "أونيون" الذي تنتجه شركة "سولار ويندز" والمستعمل في إدارة الشبكات المعلوماتية للشركات الكبرى والإدارات.
ودعت وكالة الأمن القومي التي تشرف على الاستخبارات العسكرية الأميركية إلى اليقظة لمنع نفاذ القراصنة إلى أنظمة مهمة تابعة للجيش أو الدولة.
وينبه خبراء إلى التهديد الذي يحمله هذا الهجوم على الأمن القومي، ليس فقط في حال السيطرة على بنى تحتية حساسة، لكن أيضاً في حال النفاذ إلى إدارة شبكات توزيع الكهرباء أو خدمات عامة أخرى.
ووفق ما هو معروف حتى الآن، نجح القراصنة في اختراق الرسائل الإلكترونية الداخلية لوزارة الخزينة ووزارة التجارة الأميركية، ويحتمل أنهم نفذوا إلى وزارة الطاقة التي تدير الترسانة النووية.