كان 2020 عاماً متقلباً لأسواق الأسهم في الشرق الأوسط، نتيجة لتأثيرات جائحة كورونا. ولم تكن أسواق المنطقة بحال أفضل من مثيلاتها، حين بدأت أزمة تفشي الفيروس بالظهور في يناير (كانون الثاني) الماضي في الصين، تلا ذلك تراجع كبير في فبراير (شباط) الماضي، على خلفية ارتفاع حالات الإصابة عالمياً، وتراجع جميع فئات الأصول وأسعار النفط مع ارتفاع الذهب كملاذ آمن للمستثمرين.
وخلال 2020، لم تستطع سوى خمس بورصات خليجية تعويض الخسائر التي سجلتها بسبب الجائحة، بينما استطاعت ثلاث أخرى من أسواق المال في المنطقة التعافي، والعودة إلى طريق المكاسب مجدداً. إذ ارتفع المؤشر الرئيس للسوق السعودية أكثر من أربعة في المئة، وارتفعت مؤشرات بورصتي أبوظبي والدوحة ارتفاعاً طفيفاً 0.5 في المئة و0.7 في المئة على الترتيب.
وكانت بورصة مصر الأكثر تراجعاً خلال العام، بنسبة تجاوزت 23 في المئة، بينما هوى مؤشر عمّان أكثر من 9.5 في المئة وسوق دبي المالي 8.6 في المئة، وهبطت بورصة مسقط 8.5 في المئة، وانخفضت البحرين سبعة في المئة، والكويت نحو 3 في المئة.
عام صعب على الأسهم
وبدوره، قال إياد غلام رئيس أبحاث الأسهم في "الأهلي كابيتال"، إن 2020 كان عاماً متقلباً لأسواق الأسهم الخليجية والعربية نتيجة لتأثيرات كورونا. وأوضح أن الأسواق بدأت العام بتفاؤل امتداداً للأداء الجيد في نهاية 2019، وبتوقعات اقتصادية إيجابية، إلا أن الجائحة تسببت في انهيارات قوية في مختلف أسواق العالم.
وأشار إلى أنه تبع ذلك تعاف سريع يعد من الأسرع تاريخياً، بدعم أساسي من حزم الدعم الحكومية، وانخفاض أسعار الفائدة وتغير سلوك المستثمرين الأفراد تحديداً. لافتاً إلى أن أداء السوق السعودية (الأكبر في المنطقة) كان مشابهاً للأسواق العالمية، إذ هبطت السوق بشكل حاد أثناء بدء الجائحة إلى مستويات 6000 نقطة، إلا أنها سرعان ما محت تلك الخسائر، لتسجل ارتفاعاً تجاوز ثلاثة في المئة على أساس سنوي.
ويعتقد أن حزم الدعم الحكومي التي تجاوزت 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار)، وكذلك انخفاض أسعار الفائدة، وتراجع المصروفات الاستهلاكية أثناء فترة الإغلاقات، أسهمت في ارتفاع كبير في معدلات السيولة في السوق، وزيادة نسبة تمثيل المستثمرين الأفراد، لتصل إلى أكثر من 85 في المئة، الأعلى منذ عدة سنوات.
وأشار إلى أن من أهم أسباب اهتمام المستثمرين الأفراد في السوق، نظرتهم الاقتصادية المتفائلة إلى ما بعد الجائحة وكذا انخفاض العوائد من الودائع، وأثر الجائحة السلبي في الاستثمارات الأخرى، وقد كانت نظرة المستثمرين الأفراد إيجابية لتوقعاتهم للسوق السعودية، خلال آخر استطلاع أجرته "الأهلي كابيتال" خلال الربع الرابع من 2020.
ولفت غلام إلى أن من النقاط المهمة كذلك، نجاح الطروحات العامة بشكل كبير، على الرغم من الجائحة، ما نعتقد أنه سيكون محفزاً أساسياً لمزيد من الطروحات في الفترات المقبلة.
تراجع معدلات الثقة
وأوضح نائب رئيس إدارة البحوث والإستراتيجيات الاستثمارية في "كامكو إنفست" رائد دياب، أن مارس (آذار) الماضي كان الأسوأ لأداء بورصات الخليج خلال عام 2020 مع انتشار الذعر في أوساط المستثمرين وتراجع الثقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن القيمة السوقية لأسواق الخليج، انخفضت في ذلك الشهر بما يقارب 162 مليار دولار أميركي في جلسة 9 مارس وحدها، وخسارة أكثر من 600 مليار دولار في الربع الأول من 2020، وذلك مع لجوء معظم الدول إلى الإغلاق الكامل والجزئي للأنشطة الاقتصادية في محاولة للسيطرة على الفيروس، كذلك هبوط أسعار النفط بشكل حاد على خلفية تراجع الطلب وخروج روسيا من اتفاق "أوبك بلس".
ولفت إلى أنه في أبريل (نيسان) الماضي، بدأت الأسواق تلتقط أنفاسها على خلفية خطط التحفيز الاقتصادي والتنبؤات بانحسار الفيروس. مشيراً إلى أن التعافي كان أقل للأسواق الخليجية والعربية، مقارنة مع تلك العالمية، نتيجة الانخفاض التاريخي لأسعار النفط في تلك الفترة، تخوفاً من الركود الاقتصادي وتراجع الطلب وارتفاع العرض وزيادة المخزون العالمي من النفط.
وأوضح أن النتائج المالية للشركات والبنوك المدرجة تأثرت بشكل كبير في النصف الأول من 2020، فقد شهد القطاع المصرفي انتكاسة نتيجة الإغلاق وانكماش النشاط الاقتصادي وانخفاض دخل الرسوم والعمولات والزيادة الحادة في المخصصات.
وقال إن الفترة التي تلت الإغلاق تحسنت خلالها الأسواق تدريجياً، وقد استطاعت كل من السعودية وأبوظبي ومصر وقطر تعويض جميع خسائرها، والرجوع إلى الربحية منذ بداية العام وحتى تاريخه، على خلفية معاودة فتح الأنشطة التجارية وحركة الملاحة تدريجياً، والأنباء الجيدة التي أعلن عنها كثيراً من الشركات المطورة للقاحات المضادة لفيروس كورونا، فيما قلصت باقي الأسواق من خسائرها، لكنها ظلت في المنطقة السلبية.
ويعتقد دياب أن الأسواق الخليجية تجاوزت الأسوأ، فقد رأينا تحسناً في النتائج المالية للشركات والبنوك في ما بعد. والتوقعات بأن تكون المرحلة المقبلة أفضل مع بداية حملة التطعيم في الدول الخليجية، وتراجع حالات الإصابة بالفيروس وصعود واستقرار أسعار النفط في الآونة الأخيرة.