من خلال فيلم "حظر تجول"، عادت الفنانة المصرية إلهام شاهين للسينما بعد غياب استمر قرابة خمس سنوات، واختارت أن تقدم قضية شائكة جداً وهي "التحرش الأسري"، وما يترتب عليها من جرائم تدمر عائلات وتزج بهم في مصير مجهول. وتحدثت عن سبب حماستها لفكرة "حظر تجول"، وكيف تعاونت مع المخرج أمير رمسيس وكواليس العمل وجائزة أحسن ممثلة من مهرجان القاهرة، وموقفها من الإنتاج السينمائي، وأيضاً سبب غيابها عن الدراما.
أسباب العودة
في البداية تحدثت إلهام عن سر عودتها للشاشة السينمائية وسبب حماستها للفيلم قائلة، "قدمت على مدار تاريخي ما يقارب الـ 100 فيلم، وكان عليّ أن أعود بفكرة وعمل مختلفين، فأنا لا أبحث عن الحضور من أجل الحضور، وقد عشت حياتي كلها أعطي للفن ويعطيني، لذلك هناك ثقة ومسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقي تجاه تاريخي وضميري الفني وجمهوري الذي احترم أعمالي. لهذا كنت أبحث عن شيء جديد إلى أن عرض عليّ المخرج أمير رمسيس شخصية "فاتن" السيدة التي تقتل زوجها وهي في ريعان شبابها، وتدخل السجن وتترك ابنتها من دون أن يعرف أحد سبب قتل زوجها، وتتعرض لظلم مجتمعي بشع ونكران من ابنتها وسيطرة حال من الكراهية على علاقتها بها، وكل ذلك سببه أن هناك تحرشاً تم من الزوج تجاه الطفلة، فقتلته الأم لتضحي بحياتها وحريتها. وربما هذا النوع من القضايا حساس جداً وشائك، وقد يفتح أبواب الهجوم والجدل والرفض، لأن المجتمعين المصري والعربي يرفضان طرح مثل هذا النوع من القضايا، ويعتبرانها مشينة، لهذا فهي من المسكوت عنه، على الرغم من أن هناك آلاف الضحايا لمثل هذه الجرائم الأسرية، ولذا قررت تقديم هذا العمل ووجدت الفكرة مؤثرة وعميقة وتستحق العودة.
تحضيرات خاصة
وعن تحضيرها للشخصية وتفاصيل القيام بدور امرأة عجوز سجينة، قالت، "الشخصية مركبة جداً وصعبة، وتعرضت لمراحل عمرية ونفسية مختلفة جداً ومتناقضة، ولذلك فشكلها لا بد أن يكون شديد التأثير والخصوصية، فهي امرأة سُجنت وراح شبابها ومكروهة، وبالتالي فهي مُثقلة بالهموم والحزن والاكتئاب، وفي الوقت نفسه لديها روح التحدي لأنها قتلت لدافع تعتبره أهم من حياتها. وعلى هذا الأساس قدمنا شكل شخصية فاتن، وكان عليها أن تظهر بشعر أبيض وبشرة مترهلة وملابس تكشف سمنتها وإهمالها لنفسها بفعل الزمن، وتوصلنا للشكل وللأداء النفسي منذ بداية التحضيرات مع المخرج أمير رمسيس".
عش الدبابير
وعن تأثير قضية التحرش الأسري، وهل نجح الفيلم بعرضه في مهرجان القاهرة في تسليط الضوء عليها. قالت، "عرضنا القضية ودخلنا عش الدبابير، ونتمنى الحصول على نتائج، وأن تتحرك السلطات لتضع عقوبات مختلفة لمثل هذه الجرائم. وعموماً فدور الفن طرح القضايا وتحريك المياه الراكدة والباقي لا نملك عمله، فكم من الأفلام غيرت القوانين، ونحن نتمنى أن يحقق هذا الفيلم نتيجة ملموسة".
الإيرادات لا تهمني
وعن عرض الفيلم في الموسم الشتوي من السينما على الرغم من أزمة كورونا، واحتمال أن يحقق إيرادات ضئيلة جداً، تابعت شاهين، "الفيلم نجح في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير، وحصلت منه على جائزة ونال إعجاب الناس وأثار الجدل وهذا كله يهمني، فأنا مهمومة بالتأثير والعمق والرسالة التي وصلت للمجتمع واحترمت حياءه في الوقت نفسه".
مضيفة، "أعتقد أن الفيلم سيحقق نجاحاً جيداً، وعموماً فأي فيلم حالياً في ظل كورونا يواجه ضربة حظ لينجح بدور العرض وسط الإجراءات الاحترازية أو قرار الإغلاق المفاجئ، فكل فيلم وله حظه، وأعتقد أن منتجي الفيلم متعاقدون لعرضه على منصة إلكترونية، وهم ملزمون بعرضه بعد أكثر من تأجيل بسبب عرضه في المهرجان، وبكل صراحة أنا لا أهتم بالإيرادات، فأنا سعيدة جداً بنجاح الفيلم والأصداء التي حققها والقضية الإنسانية والمجتمعية التي قدمها، لذلك لا أخاف الإيرادات لأنها لم تعد مقياس جودة الفيلم، فهناك أفلام تحقق إيرادات وهي في نظر كثيرين أعمال تافهة".
سيطرة المنصات الإلكترونية
أما سيطرة المنصات الإلكترونية حالياً، وعرضها لأعمال سينمائية وتليفزيونية في منافسة مع القنوات الفضائية ودور العرض السينمائي فلم تنكرها شاهين، "لا أحد ينكر أن المنصات الإلكترونية أو الـ "بلات فورم" أصبحت منافساً قوياً جداً لدور العرض السينمائي والقنوات التليفزيونية. وزاد دورها وتأثيرها الظروف الصحية التي يتعرض لها العالم وتسببت في عزل الناس إجبارياً داخل بيوتهم بسبب تفشي الفيروس، وبالتأكيد فالمنصات بدأت في سحب البساط من القنوات الفضائية، وأصبحت مؤثرة للغاية، لهذا أدعم كل جديد وأي منصة تساعد في تشجيع الفن وتقديم الجديد واستمرار دورة الحياة، على الرغم من قسوة الظروف وهذا ما تفعله المنصات، إذ صار هناك إنتاج خاص بها ودفعة من الأعمال يتم تحضيرها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابعت، "لن يؤثر عرض الفيلم على منصة في نجاحه، ففي رأيي أن الفيلم أو العمل الدرامي إذا كان جيداً سيحقق النجاح في أي مكان عُرض سواء تليفزيون أو سينما أو مسرح أو منصة، كما أن للمنصات جمهوراً ضخماً حالياً، ولا خوف على الأعمال ووصولها للجمهور إطلاقاً".
خسائر الإنتاج السينمائي
إلهام شاهين قامت بإنتاج كثير من الأفلام السينمائية المهمة مثل "خلطة فوزية" و"يوم للستات" و"هز وسط البلد"، ولم تحقق مكاسب مادية بل خسرت معظم أموالها بسبب الإنتاج، فهل تفكر يوماً في العودة للإنتاج بعد نجاح فيلم "حظر تجول"؟ أجابت، "أحب الفن والسينما بكل تفاصيلها، وبالتأكيد أحب أيضاً الإنتاج السينمائي لأنني أقدم أعمالاً أختارها لقيمتها الفنية فقط، من دون النظر لاعتبارات المكسب والخسارة والإيرادات، لهذا قد أكون خسرت مادياً لكني كسبت فنياً أكثر مما أتخيل، وسعيدة بتجربة الإنتاج مهما كانت نتائجها. أفكر فعلاً في العودة للإنتاج وهناك احتمالات بنسبة كبيرة، ولكنني الآن في مرحلة درس للأمر، ولدي أكثر من سيناريو قمت بشرائها كلها لأكثر من فيلم، وقد أقوم بالإنتاج لكني لا أفكر في التوزيع حتى لا أتعرض للخسارة، يجب درس كل الأبعاد، ويمكن أن أقوم بالإنتاج مع آخرين".
"أهل العيب"
تم الإعلان أكثر من مرة عن مشاركة إلهام شاهين في فيلم بعنوان "أهل العيب"، من إخراج محمد ياسين وتأليف تامر حبيب. وبخصوص إعداد هذا الفيلم، كشفت أنه "تم الإعلان أكثر من مرة عن موعد اقتراب تصوير هذا الفيلم، لكن يتم التأجيل لأسباب مختلفة ولا أعرف تفاصيل كل الأمور. لذلك لا أفضل الحديث عنه في الوقت الحالي طالما لا أعرف تفاصيل التوقف، ولا أريد الحديث عن الدور وفقاً لشروط العقد، وعندما يتم البدء بالتصوير قد تتضح الأمور، لكن هذا الفيلم سيكون من الأعمال الجيدة جداً في السينما المصرية".
الغياب الدرامي
أما عن سبب غيابها منذ سنوات عن تقديم أي عمل درامي جديد، فأعلنت الممثلة المصرية أن "الغياب لا يخيفني ولا أشتاق لأي عودة غير هادفة، وعندما أجد عملاً مميزاً أتحمس فوراً سواء في السينما أم التلفزيون. وبالنسبة للدراما أحياناً يتم الاتفاق على أعمال، ثم لا يكتب لها الخروج إلى النور ويتم تأجيلها أو إلغاؤها. لكن أتمنى أن تكون عودتي قريبة للغاية من خلال عمل درامي يفترض أن أشارك فيه هذا العام، وفي حال الاتفاق الكامل وبدء التصوير سأعلن التفاصيل قريباً".