عطّل الإضراب الذي دعت إليه نقابات سائقي سيارات الأجرة والنقل بين المدن احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، الحركة في العاصمة تونس والمدن الأخرى. واعتبر السائقون أن الزيادات تمس قطاعاً يشغّل أكثر من مئة ألف من أصحاب السيارات والسائقين.
وكانت الحكومة قد أقرت، في مطلع أبريل (نيسان) الحالي، زيادة في أسعار البنزين والمازوت بنسبة نحو أربعة في المئة، تزامناً مع ارتفاع أسعار البترول عالمياً وتجاوزها السبعين دولاراً للبرميل.
انطلقت التحركات الاحتجاجية فور الإعلان عن قرار رفع الأسعار، الذي رفضه سائقو سيارات الأجرة واتحاد رجال الأعمال والحرفيين، واعتبروا أنه غيرَ مبررٍ ويتسبب لهم بمزيد من الخسائر.
وقرر الاتحاد، وفق النائب الأول لرئيس الجامعة الوطنية للنقل معز السلامي، تنفيذ سلسلة من التحركات الاحتجاجية الميدانية المشتركة في مختلف المهن، تنديداً بما وصفه بالقرار المفاجئ المتمثل في الزيادة في أسعار المحروقات من دون الأخذ في الاعتبار انعكاساته السلبية على هذه القطاعات. ودعا السلامي الحكومة إلى التراجع الفوري عن هذا القرار.
وأكد أن لا تراجع عن هذه التحركات الاحتجاجية التي ستأخذ منحى تصعيدياً في الولايات كلها. ولفت إلى أن رقعة التحركات بدأت تتسع لتشمل مدارس تعليم قيادة السيارات ووكالات شركات تأجير السيارات ومقاولي الشحن والتفريغ في الموانئ البحرية التجارية .
غضب شعبي
توقف عمل سيارات التاكسي والنقل العام بين المدن وإغلاق سائقي سيارات الأجرة مداخل المدن والطرق الرئيسة والسريعة أيقظا حالة تذمر كبير لدى المواطنين، لا سيما أن كثيرين تأخروا عن أشغالهم.
الغضب الشعبي لم ينصب على أصحاب سيارات الأجرة فحسب، بل كان موجهاً أيضاً إلى الحكومة التي رفعت أسعار الوقود وفاقمت الأزمة الاقتصادية الخانقة في تونس جراء تدني الأجور وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وفيما شكل إغلاق مداخل المدن الكبرى أزمة كبيرة، تدخّلت قوات الأمن في غير مكان لفك الاعتصامات بالقوة بحجة الضرورات الإنسانية، ومنها نقل المرضى ومرور سيارات الإسعاف.
وتزامن الإضراب مع انطلاق امتحانات مادة الرياضة في شهادة البكالوريا، وهي امتحانات إجبارية يجتازها التلاميذ قبل موعد الامتحانات الرسمية وتحتسب نتيجتها في المعدل العام لشهادة ختم التعليم الثانوي. وتسبب الإضراب وغلق الطرق في تعطيل وصول الكثير من الأساتذة والتلاميذ إلى أماكن الامتحانات.
مخاوف من تمدد الاحتجاجات
مطالبة النقابات بخفض سعر مشتقات البترول والمخاوف من ارتفاع بدل النقل وتالياً تراجع الاقبال على وسائل النقل، تطرق إليها وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة سليم الفرياني الذي قال صراحة "هناك 4 زيادات مبرمجة في سعر المحروقات خلال سنة 2019"، نافياً أن "تكون هذه الزيادة مفاجئة". وأضاف "لو أُعلنت مسبقاً زيادة أسعار المحروقات لأدّى ذلك إلى فوضى واحتكار مادة البنزين ونفادها من السوق".
تابع الفرياني أن دعم الدولة للطاقة يكلف سنوياً مليارات الدنانير، وأن الحكومة عازمة على رفع الدعم عن المواد الأساسية، منها البنزين والمازوت تدريجاً خلال 2019.
في الإطار نفسه، طالب الاتحاد العام التونسي للشغل اتحاد نقابات العمال الحكومة بالتراجع عن زيادة أسعار المحروقات. واعتبر الاتحاد أن "الزيادة إمعان من الحكومة في تحميل المواطنين أعباء فشل سياساتها الاقتصادية والمالية".
وفي انتظار الطريقة التي ستتعامل الحكومة بها مع الاحتجاجات تزداد الخشية من تفاقم الاوضاع ووصولها إلى طريق مسدودة مع غياب حوار قد يجمع كل الأطراف لوضع آلية حل تخفّف من حالة الاحتقان المجتمعي المتصاعد في تونس.