قال بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، إنّ العمل جار على وضع إجراءات جديدة في سبيل منع نوع متحوِّر آخر من فيروس "كورونا"، رُصد للمرة الأولى في اليابان، من دخول المملكة المتحدة.
في وقت سابق من الشهر الحالي، تبيّن أنّ أربعة أشخاص سافروا من ولاية أمازوناس البرازيلية إلى العاصمة اليابانية، طوكيو، مصابين بتلك السلالة المتحوِّرة، وهي أحدث طفرة من فيروس "كورونا" ظهرت خلال الجائحة.
يدرس علماء يابانيون مدى الفاعلية التي تتمتّع بها لقاحات "كوفيد- 19" ضدّ المتحوِّر الأخير، الذي يتقاسم أوجه تشابه مشتركة مع سلالتين متحوِّرتين شديدتي العدوى رُصدتا في بريطانيا وجنوب أفريقيا وقادتا إلى ارتفاع هائل في الإصابات عبر البلدين.
جونسون أعرب عن "قلقه" إزاء المتحوِّر البرازيليّ، موضحاً أنّه "ما زالت لدينا تساؤلات كثيرة" في هذا الشأن.
"نلتزم إجراءات صارمة... بغية تحصين البلد من إصابات جديدة قادمة من الخارج. نحن عاكفون على اتخاذ خطوات في ما يتعلّق بالمتحوِّر البرازيليّ"، على ما جاء في كلام جونسون.
في سياق متصل، قال باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين لدى الحكومة البريطانية، إنّ الشكلين المتحوِّرين البرازيلي والجنوب أفريقي يتشاركان خصائص مماثلة، لكنه نفى احتمال أنّ تؤدي النسخة البرازيلية إلى إصابة أكثر خطورة.
وفق فالانس، "نلاحظ أنّ الطفرات تتزايد في شتى أنحاء العالم، ومتشابهة تماماً في التغييرات التي تخلّفها في تركيبة (كورونا) الجينية... المتحوِّر البرازيلي، شأن الجنوب أفريقي، شهد تغيّراً في شيفرته الوراثية، في الجزء "484"، ما يؤدي إلى تغيّر طفيف من شكل البروتين" [التركيب الجيني "سبايك"].
وزاد كبير المستشارين العلميين، "التغيّرات التي نشهدها مع حدوث الطفرات تتركّز في معظمها حول مضاعفة قدرة الفيروس على الانتشار بين الناس- تجعل انتقاله من شخص إلى آخر أكثر سهولة، في تعزيز إمكانية الإصابة به".
لكن على الرغم من ذلك، بحسب ما أضاف فالانس، لا دليل حتى الآن على أنّ النسخة البريطانية المتحوِّرة تصنع أي فارق في ما يتعلق بكيفية تعرف جهاز المناعة إليها. "إذا أُصبتَ بالشكل المتغيِّر القديم أو تلقيت لقاحاً مضاداً، سيجدي ذلك نفعاً كما يبدو مع المتحوِّر الجديد في بريطانيا"، بحسب كلامه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على المنوال نفسه، أشار "المعهد الوطني الياباني للأمراض المعدية" National Institute of Infectious Diseases اختصاراً "إن أي أي دي" NIID، إلى "عدم وجود دليل حالياً على أنّ المتحوِّر الجديد المرصود لدى قادمين من البرازيل يتمتّع بقدرة عالية على العدوى".
خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، قال مسؤول في وزارة الصحة في اليابان، "بغرض إجراء مزيد من عمليات التحليل للمتحوِّر (البرازيلي)، نحتاج إلى عزله أولاً".
ووفق وزارة الصحة اليابانية، من بين المسافرين الأربعة الذين وصلوا إلى مطار "هانيدا" في طوكيو في 2 يناير (كانون الثاني)، كابد رجل في الأربعينات من عمره مشكلةً في التنفس، وامرأة في عقدها الثالث صداعاً والتهاباً في الحلق.
كذلك أعطت فحوص كشف عن الفيروس خضع لها ولدان نتيجة موجبة مؤكدة التقاطهما عدوى النسخة المتحوِّرة، أصيب أحدهما بالحمى، فيما لم يشكُ الآخر أعراضاً.
الإثنين الماضي، قال تيدروس أدهانوم غيبريسوس، مدير عام منظمة الصحة العالميةWHO، إنّ إخطاراً وردها خلال عطلة نهاية الأسبوع بشأن المتحوِّر الجديد الذي رُصد في اليابان.
وذكر أنّ الأشكال المتحوِّرة من الفيروس "تطرح مشاكل كثيرة" في حال السماح لها بإثقال كاهل المستشفيات والخدمات الصحية الرازحة أصلاً تحت عبء شديد.
"المعهد الوطني الياباني للأمراض المعدية" أوضح من جانبه أنّ المتحوِّر الجديد (البرازيلي) ينتمي إلى السلالة الجينية "بي. 1 .1. 248" B.1.1.248 وقد طرأت عليه 12 طفرة، من بينها "إن 501 واي" N501Y و"إي 484 كي" E484K، في البروتين "سبايك"، علماً أنّه الجزء الذي يستخدمه الفيروس للارتباط بخلايا الجسم واختراقها.
التحوُّر "إن 501 واي" موجود أيضاً في الشكل المتغيِّر من "كورونا" الذي ظهر في المملكة المتحدة، ويُسمى رسمياً الآن "في أو سي- 202012/01" (VOC-202012/01)، وقد عُزيت إليه زيادة في قدرة "سارس- كوف- 2" على الانتقال من شخص إلى آخر.
أمّا نظيره "إي 484 كي"، فكشف بحث عن علاقة محتملة "تربطه بالهروب من الأجسام المضادة المحايدة"- ما يعني أنّه قد يكون قادراً على التملص من أجزاء من الذاكرة الدفاعية الطبيعية للجسم التي تمنح المناعة.
في هذا الصدد، قال رافي غوبتا، وهو بروفيسور في علم الأحياء المجهرية السريريّ (الميكروبيولوجيا السريرية) في "جامعة كامبريدج"، إنّ تلك الطفرة بعينها ("إي 484 كي") تعدّ "الأكثر إثارة للقلق (مقارنة بنظيراتها) على الإطلاق".
وذكرت شركة "فايزر" Pfizer وشريكتها الألمانية "بيونتيك" BioNTech الأسبوع الماضي إنّ لقاحهما المشترك أثبت فاعليته ضدّ طفرة "إن 501 واي" الموجودة في الشكلين المتحوِّرين البريطاني والبرازيلي.
لكنّ، البحوث ما زالت جارية في سبيل معرفة ما إذا كان الجهاز المناعي في الجسم سيكون قادراً على تحييد النسخة المتحوِّرة الجنوب أفريقية من "كورونا"، التي تحمل الطفرة "إي 484 كي".
يبقى أنّ مدى انتشار المتحوِّل البرازيلي الجديد ليس واضحاً بعد، فيما اكتشف 31 بلداً حتى الآن إصابات بالشكل المتحوِّر"في أو سي- 202012/01" (الذي ظهر في المملكة المتحدة) بين سكانها.
© The Independent