واقعة فريدة تطرق أبواب تحقيقات النصب والاحتيال بالمحاكم المصرية، فلربما يبدو انتحال مواطن صفة ضابط ويُقبض عليه أمراً عادياً، لكن الغرابة أن يتقمص تلك الشخصية أكثر من 32 عاماً، واهماً من حوله بأنه ضابط شرطة، لتشمل شباكه الخادعة المقربين منه زوجته وأبناءه، فضلاً عن جيرانه وأقربائه، وضحاياه الذين وقعوا فريسة لأختامه وعقوده التي لطالما تفنن في تزويرها.
أوسمة وصور... أدوات الخداع
تفاصيل رحلة الخداع التي خاضها الرجل المسن، (65 سنة)، التي سردتها صحف مصرية محلية، بدأت حينما تقدّم المتهم لخِطبة زوجته قبل أكثر من 20 عاماً، إذ أوهمها وأهلها بأنه يعمل بجهاز الشرطة، ليمتد خيط الوهم والكذب إلى أبنائه الذين صدموا، حينما تكشّفت الحقيقة أمامهم في أثناء القبض على والدهم، الذي يتنقل بين شقة بالجيزة وفندق. إذ انتابتهم الدهشة من أن أباهم "نصاب محترف"، فصوره بالبذلة الميري تزين حوائط المنزل، إلى جانب النياشين والأوسمة التي ادّعى تكريمه بها.
واكتشفت الأجهزة الأمنية حقيقة النصاب المحترف بعدما وردت معلومات، تفيد بانتحال شخص صفة ضابط برتبة عميد على المعاش. وأكدت تورطه في عمليات تزوير شهادات ومستندات رسمية وعقود بيع، مستخدماً أختاماً مزيفة، و"لابتوب"، وطابعة.
أسرة في ذمة نصاب
وتوجهت قوة أمنية إلى شقة المتهم، الذي يسكن بأحد الشوارع الراقية في محافظة الجيزة كنوع من الوجاهة التي تُحبك سيناريو قصة النصب، عقب الحصول على إذن من النيابة، وقبضت عليه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقع الصدمة كان قاسياً على الأسرة، فزوجة المتهم وأبناؤه لم يكن يساورهم الشك لحظة في أن الرجل الذي يعيش بينهم نصاب، ليردد أحدهم أثناء تفتيش الشقة "إزاي دا حصل، بابا كان بيترقى وبنحتفل بالترقية، وطلع معاش كمان".
وعثر رجال الشرطة على حقائب تحتوي على أختام وشهادات ومستندات مزيفة و"لابتوب" وطابعة يستخدمها المتهم في التزوير، إضافة إلى ما يقرب من سبع حقائب، تحتوي على كمية كبيرة من الشهادات، والمستندات، والأختام، وعقود البيع المزيفة، وصور فوتوغرافية للرجل بشقته مرتدياً ملابس ميري.
واتُخذت الإجراءات القانونية حيال المتهم والمضبوطات، وأحيل على النيابة، التي حبسته أربعة أيام على ذمة التحقيق، الذي سيكشف عن تفاصيل أخرى ستكون أكثر غرابة.
ويعد انتحال الشخصيات أو صفتها إحدى الظواهر التي غزت المجتمع المصري مؤخراً، بهدف النصب على المواطنين. وغالباً ما تكون الشخصية المُنتحلة ضابطاً أو قاضياً أو مسؤولاً بجهة سيادية. وعلى الرغم من انتشار الظاهرة فإن العقوبات التي حددها القانون "تبدو هزيلة"، في رأي بعض المحامين، الذين طالبوا بتغليظ العقوبة، لتصبح رادعة.
ويعاقب القانون كل من اختلس لقباً أو وظيفة أو اتصف بها بدون حق، ملكية كانت أو عسكرية، لأي غرض بدعوى النصب أو السرقة أو إنهاء مصالح خاصة، أو بارتدائه زياً عسكرياً أو شرطياً، بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات. بحسب ما نصت عليه المواد (من 155 وحتى 159) من قانون العقوبات المصري.