توصلت دراسة إلى أن عدداً كبيراً من مرضى كورونا الذين تطلب علاجهم الدخول إلى المستشفى، يعانون "اضطراب ما بعد الصدمة" Post Traumatic Stress Disorder، خصوصاً إذا احتاجوا إلى جهاز التنفس الاصطناعي أثناء المعالجة.
وكذلك ذكر باحثون أن المرضى قد يعانون تشكيلة واسعة من الأعراض المتنوعة التي يشملها "اضطراب ما بعد الصدمة"، بما في ذلك الأفكار أو الصور الدخيلة، وهبّات المشاعر الجياشة، وسهولة الإحساس بالفزع، ومحاولة "محو" الذكريات، وتجنّب الحديث عما حدث.
وتفصيلاً، لقد أجريت الدراسة مِنْ قِبَل "الكلية الملكية للأطباء النفسانيين" ونشرت في مجلة "بي جيه سايك أوبن" BJPsych Open. وشملت 13049 ممن تأكدت إصابتهم بفيروس كورونا أو اشتبه فيها داخل المملكة المتحدة، ثم نجوا منها.
واستطراداً، شملت الدراسة 147 شخصاً أُدخِلوا إلى المستشفى لكنهم لم يحتاجوا إلى جهاز التنفس الاصطناعي و60 مريضاً آخر استخدموا الجهاز في المستشفى. ولقد ذكر أكثر من ربع المشاركين (27 في المئة) أنهم واجهوا مشكلات في التنفس لكنهم لم يحتاجوا إلى تدخل طبي، فيما عانى 176 مريضاً مشكلات في التنفس وتلقوا المساعدة في المنزل.
وكذلك عانى 35 في المئة من الأشخاص الذين احتاجوا إلى جهاز التنفس الاصطناعي، أعراضاً شديدة تتأتى من "اضطراب ما بعد الصدمة" بالمقارنة مع 18 في المئة من المرضى الذين أُدخِلوا إلى المستشفى ولم يحتاجوا أجهزة التنفس.
وحتى المرضى الذين لم يضطروا للذهاب إلى المستشفى عانوا أعراضاً تتصل بـ"اضطراب ما بعد الصدمة"، وفق الدراسة. إذ أُبلغ عن وجود أعراض الاضطراب لدى 16 في المئة من المرضى الذين تلقوا مساعدة طبية في البيت و11 في المئة ممن لم يحتاجوا إلى مساعدة منزلية لكنهم عانوا مشكلات في التنفس.
بشكل عام، عانى 41 في المئة من جميع مرضى كورونا الذين شملتهم الدراسة عارضاً واحداً على الأقل بدرجة عالية للغاية. وضمن أعراض "اضطراب ما بعد الصدمة"، تبيّن أن العارض الأكثر شيوعاً وفق أولئك المرضى، يتمثّل في الصور الدخيلة أو "استحضار ما حدث في الماضي"، على غرار الإقامة في جناح العناية المركزة. وفي يونيو (حزيران) من العام الماضي، نبّه كبار الأطباء إلى ضرورة خضوع الأشخاص الذين جاءت إصابتهم بفيروس كورونا خطيرة، لفحص بشأن "اضطراب ما بعد الصدمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى نحوٍ مماثل، سلطت "مجموعة العمل المعنية بالاستجابة لصدمات كورونا"، التي تقودها "كلية لندن الجامعية"، الضوء على بحث أظهر أن 30 في المئة من المرضى الذين كانت إصابتهم شديدة في الموجات السابقة للوباء، قد أصيبوا بـ"اضطراب ما بعد الصدمة"، إضافة إلى مشكلات الاكتئاب والقلق.
وفي ذلك الصدد، أوضح الدكتور آدم هامبشر، من "إمبريال كوليدج لندن"، وقد عمل في الدراسة التي أجريت في مايو (أيار)، "نحن ندرك إمكانية أن يكون للوباء تأثير حاد وطويل الأمد، بما في ذلك بالنسبة إلى قسم كبير من المرضى الذين عانوا مشكلات في الجهاز التنفسي وبقوا في منازلهم ولم يتلقوا أي مساعدة طبية. قد يشكّل ذلك دليلاً مهماً في وضع العلاجات مستقبلاً، وتقليل العبء طويل الأجل الذي يخلفه هذا المرض على الصحة".
الدكتور أدريان جيمس، رئيس "الكلية الملكية للأطباء النفسانيين"، أضاف من ناحيته أنه "من الواضح وجود إمكانية لحدوث عواقب وخيمة لفيروس كورونا على الصحة العقلية. لا يمثل هذا الفيروس تهديداً لصحتنا الجسدية وحدها، بل يحمل أيضاً مخاطر كبيرة على الصحة العقلية أثناء المرض وبعده. لقد نُقِلَ أكثر من 400 ألف مريض بكورونا إلى المستشفيات في المملكة المتحدة، وللأسف سيكون هناك مزيد من المرضى في المستقبل. إن عديداً من أولئك الذين حالفهم الحظ بالنجاة من المرض، سيواجهون تأثيراً بليغاً على صحتهم العقلية. ويجب توفير رعاية فعالة ومتكاملة أثناء متابعة المرضى بعد الخروج من المستشفى. وكذلك يجب توسيع خدمات الصحة العقلية بما يكفي في علاج الأعداد المتزايدة من الأشخاص الذين يعانون إصابة بـ"اضطراب ما بعد الصدمة" وأعراضه".
© The Independent