أكدت مصادر دبلوماسية أن تصعيد اللهجة ضد إيران وإدانتها أمام مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية أصبح مسألة "صدقية" بالنسبة إلى أعضاء المجلس الذين لا يمكنهم الرضوخ "لابتزاز الإيرانيين"، على الرغم من أن ذلك يمكن أن يهدد فرص إنقاذ الاتفاق في المستقبل القريب.
لكن دبلوماسياً تحدث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، شدد على أن تلك "المجازفة من الواجب اتخاذها"، في وقت اختار الأوروبيون تشديد اللهجة حيال إيران، إذ تعرض الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني المبرم في العام 2015، هذا الأسبوع، على مجلس حكّام الوكالة الدولية مشروع قرار يندد بتعليق طهران بعض عمليات التفتيش، كما أفادت مصادر دبلوماسية الإثنين.
وسيكون قرار إيران الأخير تقليص عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في قلب مناقشات مجلس الحكام هذا الأسبوع الذي سيسعى إلى تحقيق توازن بين الحزم وضبط النفس حتى لا يعرض فرص إنقاذ اتفاق 2015 للخطر.
وينطلق الاجتماع الفصلي الذي يعقد عن طريق الفيديو، الاثنين، من مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، حيث سيعقد مديرها العام رافاييل غروسي مؤتمراً صحافياً ظهراً.
ودعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى عدم تحويل عمليات التفتيش التي تجريها الهيئة في إيران إلى "ورقة مساومة" في وقت تفكّر القوى الكبرى بإطلاق مفاوضات لإعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم سنة 2015.
وقال رافاييل غروسي في مؤتمر صحافي في مستهل اجتماع مجلس حكام الوكالة، "يجب المحافظة على عمليات التفتيش التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. يجب ألا توضع على طاولة المفاوضات كورقة مساومة".
وعلّقت إيران في 23 فبراير (شباط) بعض عمليات التفتيش التي تجريها الوكالة رداً على رفض الولايات المتحدة حتى الآن رفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
ووصف غروسي تعليق عمليات التفتيش بـ"الخسارة الهائلة"، لكن لدى سؤاله بشأن إن كان لا يزال بإمكان الوكالة تطمين المجتمع الدولي بأن برنامج إيران النووي سلمي بحت، رد بالقول "حتى الآن الوضع جيد".
وأفاد غروسي بأن الوكالة ستحافظ على السبل التي تمكّنها من التحقق من كمية اليورانيوم الذي تخصّبه إيران.
وأعلن في 21 فبراير بعد يومين من المحادثات مع مسؤولين إيرانيين في طهران أن الجمهورية الإسلامية توصلت مع الوكالة الدولية إلى اتفاق مؤقت مدته ثلاثة أشهر للتخفيف من تداعيات تعليق عمليات التفتيش.
وتفكر الدول الأوروبية في اقتراح قرار خلال اجتماع الأسبوع الحالي يدين قرار إيران تعليق بعض عمليات التفتيش.
وأفادت إيران أن من شأن قرار من هذا النوع أن يدفعها للتخلي عن الاتفاق المؤقت مع الوكالة.
وعقب غروسي على الأمر قائلاً، "أناشد الجميع بإجراء مباحثات بنّاءة والمحافظة على عمل الوكالة".
خطة العمل الشاملة المشتركة
وكتب السفير الروسي ميخائيل أوليانوف في تغريدة "هناك مسؤولية مشتركة للحكام الخمسة والثلاثين تتمثل في ضمان ألا تؤثر المناقشات سلباً في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة".
وأضاف "نحن في سباق مع الزمن. النافذة المتاحة أصبحت ضيقة جداً".
وبقيت خطة العمل الشاملة المشتركة معلقة بخيط رفيع منذ الانسحاب الأميركي منها في عام 2018 بمبادرة من دونالد ترمب وإعادة فرض العقوبات على إيران.
وفيما وعد الرئيس الأميركي جو بايدن بالعودة إلى الاتفاق، أعلنت إيران مساء الأحد أن الوقت غير مناسب لعقد اجتماع "نظراً إلى المواقف الراهنة وخطوات الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث (المنضوية في الاتفاق)".
ودرس الأوروبيون إمكان تقديم نص إلى مجلس الحكام للتعبير عن مخاوفهم ودعوة إيران إلى الامتثال للاتفاق لكن لم يتخذ قرار بعد، وفقاً لمصادر دبلوماسية أوضحت أنه من غير المتوقع أن يعالج الملف الإيراني حتى وقت لاحق من الأسبوع.
ويعود التحذير الأخير إلى يونيو (حزيران) 2020 بعدما رفضت إيران السماح لمراقبي الوكالة بتفتيش موقعين مشبوهين. وكان هذا أول قرار ينتقد طهران منذ عام 2012.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذرت طهران في رسالة غير رسمية موجهة إلى الدول الأعضاء من أن "اقتراح قرار في تجاهل تام للتبادلات البناءة مع الوكالة، سيكون له نتائج عكسية ومدمرة على الإطلاق".
وقال علي فايز من منظمة "إنترناشونال كرايسز غروب" على "تويتر"، إن خطوة كهذه "من شأنها تقويض دبلوماسية رافاييل غروسي".
وزار المدير العام رافاييل غروسي طهران قبل أسبوع حيث تفاوض على "اتفاق تقني مؤقت" لمدة ثلاثة أشهر للمحافظة على مراقبة (وإن كانت محدودة) للبرنامج النووي، ما يتيح مهلة للقوى العظمى لبدء محادثات.
وفي حال التصويت على قرار حاسم ضدها، هددت إيران بـ"وضع حد" لهذا الحل الذي تتعهد بموجبه توفير كل بيانات كاميرات المراقبة والأدوات الأخرى في حال رفع العقوبات.
من جانبهم، لا ينظر الأوروبيون بعين الرضا إلى ما يوصف بأنه "ابتزاز" من قبل طهران، حسب ما أوضح دبلوماسي.
في الأسابيع الأخيرة، اتخذت طهران خطوة جديدة على طريق فك ارتباطها بالاتفاق (الانتقال إلى مستوى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، وإنتاج اليورانيوم المعدني وتقليص عمل المفتشين)، بهدف دفع الولايات المتحدة إلى رفع إجراءات عقابية تخنق اقتصادها.
والاتفاق الذي أبرم في فيينا عام 2015 بين إيران وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا، كان يهدف في البداية إلى الإشراف على برنامج طهران النووي في مقابل خفض العقوبات الدولية. وعلى الرغم من نفيها، فإن إيران متهمة بالسعي إلى امتلاك أسلحة ذرية، خصوصاً من جانب إسرائيل.
وقالت كلسي دافنبورت، المسؤولة في منظمة "آرمز كونترول أسوسييشن" لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، "لقد أبدت إيران ضبط النفس في التفاوض على هذا الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسيكون من الغباء أن يضيع الأميركيون الوقت الذي اكتسبوه" داعية واشنطن إلى "مبادرة ملموسة".
وأوضحت، "على المدى القصير، يمكن الوكالة الأممية أن تستمر في تأدية عملها من دون أن يكون لها تأثير كبير في عمليات التفتيش التي تجريها، لكن إذا استمر الوضع كما هو، فإن الثقة في الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي ستهتز".
أدييمو يؤكد التزامه بتطبيق العقوبات الأميركية على طهران
من جانبه، أكد والي أدييمو، مرشح الرئيس الأميركي لمنصب نائب وزير الخزانة، على التزامه بتطبيق العقوبات الأميركية على إيران وروسيا ودول أخرى تطبيقاً صارماً.
وفي ردود مكتوبة على أسئلة من أعضاء لجنة الشؤون المالية بمجلس الشيوخ، قال أدييمو إنه يجب ألا تنعم إيران بالإعفاء من العقوبات إلا إذا اتخذت خطوات مناسبة للتقيد بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.
وأضاف إنه سيراقب بعناية "أي جهود إيرانية للتهرب من العقوبات وإساءة استخدام النظام المصرفي الدولي" لتمويل الأنشطة الإرهابية، وأنه سيستخدم جميع الأدوات الممكنة لعرقلة ذلك الدعم.
ومضى يقول في الردود "دعم إيران للإرهاب مبعث قلق شديد للغاية، وإذا تأكد فسأعمل مع الزملاء في وزارة الخزانة لمراقبة هذا الدعم عن كثب وسنسعى لعرقلته بكل الأدوات المتاحة"، وفقاً لوكالة "رويترز".
ومن المقرر أن تصوت لجنة الشؤون المالية بمجلس الشيوخ على ترشيح أدييمو غداً الأربعاء، توطئة لتصويت المجلس بكامل هيئته في الأسابيع المقبلة.