قالت ثلاثة مصادر في "أوبك+"، إن منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاءها، المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، يدرسون تمديد إجراءات تخفيض إنتاج النفط من مارس (آذار) الحالي إلى أبريل (نيسان) المقبل، بدلاً من زيادة الإنتاج بسبب هشاشة أسواق الخام وتعافي الاقتصاد العالمي.
وقال الأمين العام لـ"أوبك" محمد باركيندو، إن آفاق سوق النفط العالمية تظل إيجابية، موضحاً أن التطورات الإيجابية على صعيد الاقتصاد العالمي ومتانة الطلب في آسيا أمران مشجعان. وأوضح أن الضبابية المعاكسة التي أحدثت صدمة في السوق العام الماضي تواصل الانحسار.
في الوقت نفسه، سجلت أسعار النفط خلال تعاملات أمس الأربعاء، 62.94 دولار للبرميل، وذلك للعقود الآجلة لخام القياس العالمي "برنت" مرتفعة بمقدار 24 سنتاً أو ما يوازي 0.38 في المئة. كما سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي مستوى 59.90 دولار للبرميل مرتفعة بمقدار 15 سنتاً أو ما يوازي 0.25 في المئة. وشهدت أسعار النفط ارتفاعاً، حيث تسببت مؤشرات على إحراز تقدم في توزيع لقاحات كوفيد-19 في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك في العالم، إلى انتعاش توقعات الطلب، وفقاً لوكالة "رويترز".
ومن المقرر أن يجتمع كبار المنتجين داخل "أوبك" وحلفاؤهم للوقوف على أوضاع السوق مع التركيز على جانبي العرض والطلب بما يضمن استمرار التوازن، بعد أن نجحت المجموعة بقيادة السعودية في استعادته من خلال خفض المعروض العالمي بنحو 10 في المئة، في وقت سابق من العام الماضي.
إجراءات تحفيز مستمرة
وكتب محللون في "إيه. أن. زد" في مذكرة بحثية حديثة، أن "إجراءات التحفيز المستمرة، مع تسريع تطعيمات كوفيد-19، دعمت المعنويات"، بعد ما شهدت العقود الآجلة تراجعاً في ظل الضبابية المحيطة بحجم الإمدادات الذي ستعيده "أوبك" وحلفاؤها، في إطار مجموعة "أوبك+"، إلى السوق خلال اجتماعها، إضافة إلى زيادة كبيرة في مخزونات الخام الأميركية.
وتتوقع السوق إلى حد بعيد أن تخفف "أوبك+" من حجم تخفيضات الإنتاج، التي كانت الأعمق على الإطلاق، بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، مع إنهاء السعودية خفضها الطوعي للإنتاج البالغ مليون برميل يومياً.
وفي تصريحات حديثة، أشار وزير النفط الكويتي محمد الفارس إلى تفاؤل بأن تطعيمات كوفيد-19 ستساعد في تعافي الاقتصاد العالمي وتدعيم سوق النفط. وأوضح أن "قرارات أوبك+ الأخيرة أسهمت بدعم الأسواق وصبت في مصلحة تعافي الاقتصاد العالمي بشكل تدريجي، الأمر الذي شجع أجواء الاستثمار والتعافي... ويتماشى ذلك مع التفاؤل والآمال حول انتشار لقاح كورونا وأثره على انتعاش الاقتصاد العالمي".
آفاق إيجابية لأسعار النفط عام 2021
في الوقت نفسه، أشارت دراسة حديثة إلى أن آفاق أسعار النفط عام 2021 تبدو إيجابية إلى حد بعيد مع ارتفاع معنويات المتعاملين بفضل حملات التطعيم الواسعة ضد فيروس كورونا التي تجريها العديد من دول العالم، والتي سوف تدعم من دون شك استئناف النشاط الاقتصادي العالمي دون قيود مشددة، إلى جانب استمرار التزام تحالف "أوبك+" بسياسة كبح المعروض من الخام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفق الدراسة التي أعدها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ومقره الإمارات، فإنه وفي ضوء هذه المتغيرات، رفعت المؤسسات الدولية من توقعاتها لأسعار الخام في العام الحالي عند نطاق يدور بين 55 و65 دولاراً للبرميل، أي ما يزيد بنحو 10 دولارات عن مستويات العام الماضي.
وعلى الرغم من هذه الآفاق الإيجابية، تظل هناك مخاطر بارتداد أسعار النفط وهبوطها في حال زيادة المعروض من جانب إيران، العضو في "أوبك"، مع احتمال رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة عليها، وهو احتمال ما زال مرتبطاً بالتوصل إلى اتفاق بين الطرفين حول الملفات الخلافية.
واتجهت أسعار النفط العالمية نحو الصعود القوي منذ فبراير (شباط) الماضي، حيث تجاوزت حاجز 60 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ عام، ووصلت أسعار خام برنت إلى أعلى مستوى لها في 24 فبراير عند حدود 67 دولاراً، وبزيادة أكثر من 10 دولارات للبرميل عن مستوى يناير (كانون الثاني) الماضي.
وعلى نحو لافت، تحسن الطلب على النفط في الاقتصادات الكبرى، لا سيما في آسيا مع استئناف النشاط الاقتصادي، وبالتالي زيادة عمليات تشغيل المصافي. ومن المرجح أن يعود الطلب العالمي على النفط إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا بحلول عام 2022 أو 2023 على الأكثر وفق عدد من الترجيحات.
بينما في العام الحالي، من المحتمل أن يسترد الطلب العالمي على الخام نحو 60 في المئة من خسائره في العام الماضي. ووفق ما تراه منظمة "أوبك"، سيرتفع الطلب العالمي على الخام بنحو 5.79 مليون برميل يومياً هذا العام إلى 96.05 مليون برميل يومياً. بينما تذهب بعض التوقعات الأكثر تفاؤلاً مثل توقعات "ستاندر أند بورز غلوبال بلاتس" إلى أن متوسط الطلب قد يصل إلى 99.3 مليون برميل يومياً، أي أقل من مليون برميل يومياً عن مستواه عام 2019.
التزام قوي من تحالف "أوبك+"
وفق الدراسة، فإنه إلى جانب علامات تحسن الطلب السابق، ما زال تحالف "أوبك+" يبدي التزاماً قوياً بكبح إمدادات الخام من أجل إعادة توازن السوق. وفي يناير الماضي، اتفق التحالف على خفض الإنتاج بنحو 7.2 مليون برميل يومياً. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه التخفيضات أسهمت في خفض تراكم المخزونات لدى الاقتصادات المتقدمة، في الوقت الذي فاجأت فيه السعودية الأوساط النفطية بقرارها الأخير بخفض طوعي للنفط بنحو مليون برميل في فبراير ومارس 2021.
وعلى نحو آخر، فقد تراجعت إمدادات كبار المنتجين خارج تحالف "أوبك+"، كما انخفض الإنتاج الأميركي بشكل ملحوظ في ظل الأوضاع المالية المتردية لشركات النفط الصخري، على نحو اضطرت معه إلى تقليص ميزانياتها وخفض عمليات حفر الآبار. وفي ضوء ما سبق، انخفض الإنتاج الأميركي إلى نحو 11.3 مليون برميل يومياً عام 2020، وهو أقل من 12.2 مليون برميل عام 2019.
ومن المرجح أن يصل إلى 11 مليون برميل يومياً عام 2021 وفق توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. وسيسهم تراجع الإنتاج خارج "أوبك+" في كبح المعروض العالمي من الخام، ومن ثم الحفاظ على مستويات الأسعار الحالية.
وفي ضوء التوقعات السابقة، رفعت المؤسسات الدولية من توقعاتها لأسعار النفط عام 2021. ووفق مسح أجرته "رويترز"، أخيراً، توقع خبراء اقتصاديون أن يصل متوسط سعر خام برنت إلى 59.07 دولار للبرميل هذا العام، ويمثل هذا ارتفاعاً من متوسط 54.47 دولار للبرميل في السابق.
بينما توقع بنك "باركليز" أن يبلغ سعر النفط 67 دولاراً للبرميل في المتوسط هذا العام، في ضوء عودة المخزونات إلى وضعها الطبيعي في الأسواق المتقدمة، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى مصاعب عمليات التشغيل والاستثمار لدى منتجي النفط الصخري الأميركي حتى على الرغم من ارتفاع أسعار النفط.
بينما كانت "غولدمان" من بين أكثر المؤسسات تفاؤلاً، حيث توقعت أن تصل أسعار خام برنت إلى 70 دولاراً للبرميل خلال الربع الثاني من هذا العام، وأن تبلغ 75 دولاراً في الربع الثالث، بما يعني أنها ترفع توقعاتها السابقة للربع الثاني والربع الثالث بمقدار 10 دولارات للبرميل.