شكل إعلان الحوثيين خبر وفاة وزير الداخلية في حكومتهم اللواء عبد الحكيم الماوري صدمة في الداخل اللبناني، ﻻ سيما أن الوفاة وفق الخبر المُعلن تمت في لبنان، وفي إحدى مستشفياته في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، الممسوكة كلياً من قبل حزب الله.
تعددت روايات أسباب الوفاة لمن يُعتبر من أبرز القيادات الأمنية الحوثية في مواجهة الجيش اليمني، والذي يُعد من المهندسين الأساسيين لحرب اليمن، وحافظ أسرارها، وصندوقها الأسود.
وبينما أعلنت مصادر إعلامية حوثية أن الماوري دخل لبنان بطريقة شرعية كأي مواطن عربي لتلقي العلاج الكيميائي بعد إصابته بمرض السرطان في الحلق، وانه كان خضع لعمليتين جراحيتين في السويد، شككت مصادر سياسية لبنانية بهذه الرواية، وذكرت مصادر أخرى أن الماوري نُقل من صنعاء إلى لبنان، بطائرة تابعة للأمم المتحدة على أثر إصابته بغارة للتحالف في وقت سابق، وأُدخل إلى مستشفى الرسول الأعظم التابع لحزب الله والموجود في الضاحية الجنوبية.
ولم تستبعد أوساط سياسية لبنانية احتمال تصفية الماوى في بيروت، معتبرة أن سبب وفاته أو التخلص منه قد يكون لما لدى القيادي الحوثي من أسرار ومعلومات عن الحرب في اليمن التي دخلت عامها الخامس.
"حوثي لاند"
هذه الحادثة أعادت إلى الواجهة مسألة وجود الحوثيين في لبنان، والذي بدأ يتمظهر تباعاً مع انخراط حزب الله في الحرب اليمنية دعماً معنوياً وعسكرياً، ووقوف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى جانب الحوثيين داعماً لمطالبهم في أكثر من إطلالة من إطلالاته الإعلامية.
صحيح أن القانون اللبناني ﻻ يمنع دخول اليمنيين الأراضي اللبنانية، لكن الدستور ينص أيضاً على الحفاظ على سيادة الأراضي والتمسك بعروبة لبنان، وعدم الخروج عن أي قرار عربي جامع. لكن أن تتحول منطقة لبنانية ملجأ لمجموعة هي في نظر الدول العربية إرهابية، فهذا يخالف مبدأ النأي بالنفس الوارد في البيان الوزاري للحكومات اللبنانية المتعاقبة، ويضع الدولة اللبنانية، وعن تصور وتصميم سابقين، في مواجهة مع الشرعية العربية، بسبب تصرفات حزب الله.
سياسي بارز في لبنان يقول "إن الضاحية الجنوبية في بيروت تحولت ثكنة للحوثي، ولقيادته السياسية والعسكرية والإعلامية. فحزب الله يعرِّض للمرة الألف مصلحة لبنان لخطر العزلة العربية"، شارحاً أن الحوثيين "يقاتلون في اليمن في مواجهة الشرعية اليمنية التي هي جزء من الشرعية العربية، لكن حزب الله، حليف إيران، يضع مصير 500 ألف لبناني يعملون في الخليج على المحك".
ويتابع السياسي اللبناني "كيف يتفرد حزب الله مرة جديدة بقرار مصيري يمس كل الشعب اللبناني وليس فئة واحدة؟ لم يستشر أحداً، حتى أن الحكومة اللبنانية لم تناقش في جلساتها، قرار السماح للحوثيين باستخدام منطقة لبنانية، منبراً سياسياً وإعلامياً وحتى عسكرياً وتدريبياً".
وتردد في الآونة الأخيرة، أن حزب الله يتولى تأهيل نجل زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، جبريل، البالغ من العمر 16 عاماً ليصبح الرجل الثاني، وخلفاً لوالده في زعامة حركة أنصار الله الحوثية. وكشفت مصادر لبنانية أن جبريل كان خضع لتدريبات مكثفة في إيران على يد الحرس الثوري الإيراني. ويتولى حزب الله تأهيله عسكرياً وأيديولوجياً، ويُعتقد أنه موجود في منطقة الضاحية الجنوبية من بيروت، وبحراسة مشددة من حزب الله.
وتتردد معلومات عن زيارات متكررة لقياديين من الحوثيين إلى الضاحية، وعقد اجتماعات هناك، كما يوجد فيها حالياً، إعلاميون حوثيون وسياسيون يتخذون صفة المحللين السياسيين يشرفون على تلفزيون المسيرة التابع للحوثيين والذي يبث من الضاحية، بالتعاون مع تلفزيون المنار التابع لحزب الله.
ويتساءل السياسي اللبناني "هل يمكن أن يُسأل حزب الله من قبل السلطات اللبنانية عن حقيقة ما يحصل في الضاحية؟ وهل باستطاعة رئيس الحكومة سعد الحريري أن يسأل السيد حسن نصرالله عما يجري في الضاحية؟ هل باتت الضاحية الجنوبية “حوثي ﻻند" كما كان العرقوب "فتح ﻻند" بين عامي 1969 و1982"؟